زفرات الوداع ٌ

زفرات الوداع ٌ
عبد الله ضراب الجزائري

***

نَقفُو الأمانيَ والأماني تَخدعُ … والذِّكرُ يهدي بالحقيقة يَصدَعُ

والنَّفسُ يجدبُها السّراب فتنطفي … فيها النَّباهةُ والمواعظُ تسطعُ

نرنو إلى الحظِّ الخسيسِ بلهفةٍ … نُلهي الفؤادَ عن الرّشاد وندفعُ

لا يعرفُ الإنسانُ أسرارَ الدُّنى … وقْعُ الكريهة في الهناءِ مُفَجِّعُ

بالأمسِ كنَّا في هناءٍ غامرٍ … واليوم حزنٌ فالمآقي تدمعُ

العيشُ يبدي الرّازيات إذا صفا … والقلبُ يهنأُ في الحياة ويفزعُ

لا تجزعنَّ إذا أصابكَ عارضٌ … ذو البيِّنات من الهدى لا يجزعُ

اصبرْ وصابرْ واتَّق الرّحمن في … زمَنِ المصيبة فالتَّصبُّرُ ينفعُ

إنِّي أبثُّ لظى الشُّعور مُودِّعا … نصفَ الحياة لبعض ما أتوقَّعُ

لهَفِي عليك فما ارْتويتِ من الهنا … حتّى أتاكِ أبو المصائبِ يَمنعُ

الموتُ حقٌّ لا يحيدُ ولا يَنِي … والعبدُ يرغبُ في الخلود ويطمعُ

لو لم تكوني للإله مطيعة ً… لذرفتُ شعرا للقلوب يُقطِّعُ

لكنَّ شأنكِ في الحياة إنابةٌ … وتَبتُّلٌ وتعفُّفٌ وتخشُّعُ

أملي كبيرٌ أن تنالي رفعةً … عند المُهيمنِ والمكارمُ ترفعُ

قد كنتِ في حِصْنِ العفافِ عزيزةً … والنَّاسُ في غاب المطامع تَخْنعُ

قد كنتِ حضنا دافئا في بيتنا… تأوي الجوانحَ بالحنانِ وتجمعُ

فالزّوجُ يَسعدُ بالعناية و الوفا … والطِّفلُ يحظى بالأمان ويرضعُ

والرَّيبُ ينأى عن جوانب أسرةٍ … مثل الجواهر بالطّهارة تَلمعُ

قد كنتِ في زمَنِ التَّهافُتِ أمّة ً… تحيا القناعةَ والرِّضا لا تهلَعُ

وصبرتِ في زمَنِ المواجعِ عندما … حلَّ الوَبَا ، والرّازياتُ تُزَعْزِعُ

عودي إلى ربِّ الوجود رَضيَّةً … ولتطمئنِّي فالفضائلُ تشفَعُ

إنِّي عفوتُ أذى الخصومة والجفا … النَّحلُ من حَذَرِ الإذايةِ يَلْسعُ

والعبدُ يُخطئُ والمزالقُ جمَّة ٌ… واللهُ يُدني التَّائبينَ ويَسمعُ

أبدا فلن أنسى خِصالَكِ في الورى … سيظلُّ طيفُكِ في فؤادي يرتَعُ

سأظلُّ أذكرُ ما بذلتِ من النَّدى … ودًّا وشوقاً بالمشاعر أُتْرَعُ

فالقلبُ يهوَى والمحاسنُ أبْهرتْ… والحرفُ يُرثي بالقوافي يُبدِعُ

الدَّهرُ يَرمي بالبلاء مُنبِّهاً … أهلَ التَّغافُلِ في الحياة ويَردَعُ

إنَّ المواجعَ مَغنمٌ لا تجزعي … العبدُ يرضى بالقضاءِ ويَخضَعُ

والله ُخالقُنا رحيمٌ بالورى … كلُّ الوجودِ لَهُ، إليه المرجعُ

فهُوَ الوَلِيُّ إذا تعبتِ من العَنَا … وهُوَ الوَلِيُّ إذا أتاكِ المَصْرَعُ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here