النزعات الطائفية والمناطقية نذير شؤم لمستقبل اوطاننا

النزعات الطائفية والمناطقية نذير شؤم لمستقبل اوطاننا

يوم بعد يوم وشهر بعد شهر وسنة بعد اخرى نرى اوطاننا تتجه نحو الردى. نحو الضعف الاقتصادي والاجتماعي. نحو النزاعات الطائفية والعرقية والمناطقية. فالعراق وسوريا وليبيا غارقة في احتلالات متعددة وصراعات لا تنتهي. والسعودية والامارات والمغرب والسودان غارقة في هيمنة امريكية اسرائلية تسيطر على قراراتها السياسية والاقتصادية. وكل بلد من هذه البلدان يبكي على ليلاه ولا ينتظر اي فجر ساطع يخرجه مما فيه. لا تزال بعض بلداننا العربية متمسكة بخيارات فشلت في مهدها وفي البلدان التي ولدت فيها كالشيوعية والدكتاتورية. بلدان تبحث عن هوية شرقا او غربا علها تجدها لتنقذها من المصير الاسود الذي ينتظرها. كلاعب القمار الذي يعلم بان الافلاس سيلاحقه. لكنه يامل النفس بالخروج من المازق بمعجزه وما هو بخارج منه او لعل الحظ يحالفه في يوم من الايام.
لقد جربت الدول العربية كل التجارب العالمية الاتية من الدول الاشتراكية والشيوعية. جربت ايضا التجارب الراسمالية الامريكية والاوربية. جربت دول اخرى الطرق القومية العربية المطعمة بالعلمانية مرة بالاشتراكية مرة اخرى طيلة قرن من الزمان. لكن النتائج ماساوية. افرزت لنا انظمة ملكية رجعية عشائرية دكتاتورية متخلفة تعتمد في بقاءها على امريكا وإسرائيل. وانظمة جمهورية دكتاتورية متوحشة وقعت في براثن الطائفية والقومية والمناطقية الاستئصالية.
نرى بام اعيننا ان الدول الاخرى تعزز هويتها القومية سواء دول الاتحاد الاوربي. او القطب الجديد البريطاني الامريكي ودول الكومنولث. او القطب الشرقي الروسي الصينى وحلفاءه. بل حتى بعض الدول الاسلامية اختارت هوية قومية لها كتركيا التي عززت الهوية القومية التركية لخلق هوية خاصة لها وتعمل لجلب حلفاء لمحورها. او ايران التي اختارت الجانب الطائفي للحفاظ على خيارها القومي الفارسي الوطني الذي عززته تحالفاتها مع العراق وسوريا ولبنان واليمن.
بالنتيجة البلدان العربية هي الوحيدة التي تسير في تيه طويل تجاوز تيه بني إسرائيل بضعفين ونصف. فاليوم بعد ان ضيعت تلك البلدان هويتها الاسلامية. لا يدري احد ما هي هويتها هل هي امريكية ام روسية ام صينية ام اسرائيلية ام فارسية ام تركية. بلدان باتت اليوم ضائعة بلا طعم ولأ رائحة ولا لون.
متى يدرك العراق وسوريا ولبنان ومصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب والجزيرة العربية واليمن. بان اختيار طريق التنمية لن يتم عن طريق شراء بعض المعامل وفتح تجميع بعض مصانع السيارات. ونقل التجارب الاقتصادية الزراعية او الصناعية او التجارية من هنا او هناك سياتي بالمعجزة.
تجارب الدول علمتنا بان الولايات المتحدة الامريكية نفسها لم تصبح دولة عظمى الا بعد ان انتهجت طريقا قوميا راسماليا حرا خاص بها. فخاضت الحرب الاهلية ووحدت التراب الامريكي بما فيها شراء الاسكا من روسيا. اما روسيا فهي الاخرى اختارت الطريق الاشتراكي للوصول الى المجد. ففجرت ثورة اكتوبر عام 1917 فاختطت طريقا اديولوجيا لها.
تجربة الصين الشعبية ايضا وضعت هذا البلد العريق على سكة طريق القوة والتقدم. كذلك الامر بالنسبة الى جنوب افريقيا عندما تمكن موندلا ان يجد طريقا خاصا لبلده عن طريق الاعتزاز بالاصل الافريقي. وكذلك الامر لمهاتير في اندونسيا الذي حارب الفساد بقوة ليضع بلده على طريق التقدم.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here