العراقيون..بين البداوه والتحضر

العراقيون..بين البداوه والتحضر

الكل في العراق غير راض عن ما وصلت اليه الاوضاع الراهنه من تردي وتدهور في جميع المجالات ويطمح للتغيير , وهذا يتطلب تكاتف جهود الجميع , فتغيير الحكام لوحده لن يكفي لتحقيق الاهداف المنشوده لاسعاد المواطن لان المنطق يشير الى ان القادم الجديد لن يكون بافضل من الذين سبقوه وربما اسوء منهم ,فيستمر التباكي والنواح على الوطن وما حل به من كوارث متتاليه منذ 1958 ولحد الان(ان المتذمر من المشاكل هو الساعي اليها). الحل الامثل للخروج من هذه الدوامه يكون بعاملين متلازمين :1. حكام متحضرين على مستوى عالي من الثقافه والنزاهه كاساتذة الجامعه مربي الاجيال (العراقيين حصرا وليس مزدوجي الجنسيه لانهم لن يتخلوا عن الاجنبيه حتى لو تعهدوا بذلك) ينتخبهم طلبتهم كل باختصاصه فهم يعرفوهم جيدا (المستوى العلمي,الكفاءه, قوة الشخصيه ,القياده..). 2.الشعب ونبذ المشاكل المزمنه التي يعاني منها (الاجتماعي والثقافي والطائفي ) فهو كان ولايزال يعاني من ازدواج الشخصيه بسبب صراعه المستديم بين البداوه(المتسلطه) والحضاره(المقهوره) ,فالبداوه تتمثل في الشجاعه, الكرم, الضيافه,ضعف التدين, الولاء للقبيله,العصبيه,الثار,الشهامه ,المرؤه بالتفضل على الغير..وهذا ولد نزعة (التغالب) التي سيطرت على شخصية البدوي فنرى ان البداوه تفضي الى التنازع والتباغض والقتال (وهذا مانراه بين السياسيين وغيرهم فهم يتنازعون على المناصب والمغانم ,اما التباغض بينهم فيصل الى حد الاقتتال)وقد تقاس شجاعة البدوي بمقدار غنائمه ولايكفي بل يجب ان يكون وهابا ومن هنا وصف البدوي بانه (وهاب نهاب) اما البخل فهو دليل على الجبن لذا فهو يكرم الضيف متيقنا انه سيحصل على المزيد من المغانم بسهوله لاحقا. ان العصبيه القبليه تقوم مقام الدوله من خلال ثوابت منها (صيانة المراه وتكبيلها بتقاليد صارمه, احتقار المهن , حقوق الملكيه بمبدا الحلال ما حل باليد,الكرامه,حب الرئاسه والنفره من الطاعه والانصياع) علما ان تاثير البداوه يشمل سكان الارياف ايضا ولكن بدرجه اضعف , اما سكان المدن فمعظمهم متحضرون في الظاهر ولكنهم بدويون في الباطن لذا ترى معالم الشخصيه المزدوجه واسعة الانتشار بينهم .بينما الحكومه لاتنشا الا في الحضاره ,فعندما يتخلص الشعب من الكثير من معتقداته وعقلياته وتقاليده الباليه يمكنه احداث التغيير واخطرها التطرف الديني ,الطائفي [(من مظاهر التدين في العراق :ان العامه بوجه عام ميالون للخرافه في شؤونهم الدينيه وكثيرا مايبتدعون طقوسا وعقائد جديده حسب مقتضيات ظروفهم وحاجاتهم النفسيه والاجتماعيه (ص232) ,اما الطقوس فمنها:1.زيارة الاماكن المقدسه .2.المواكب الحسينيه .3.مجالس التعزيه ومالها من تاثير نفسي عميق فالانسان ميال بطبعه للانحياز نحو المظلوم . 4.الساده في العراق:لهم امتيازات ومنزله رفيعه جدا و(حق الخمس).5 .دفن الموتى في النجف ].اما العشائري فينتج الوساطه والفساد الاداري.ان الحكومه المنتخبه وحدها لن تتمكن من احداث التغيير المطلوب وتحقيق اماني وتطلعات الشعب بالرغم من انها تلعب دورا مهما في الاصلاح بمساعدة بعض المصلحين من رجال الدين بتحجيم العادات الباليه املا بضمورها مستقبلا, ومن خلال تطبيق قانون دنيوي ينظم كل شئ وتطوير مناهج التعليم باكملها (لاباس من نسخ التجربه اليابانيه مثلا) وكذلك يجب تسخيروسائل الاعلام بشكل مكثف لتثقيف الناس بكل المجالات بدلا من تصديع ادمغتهم بالخطابات الرنانه والسجالات العقيمه والتطبيل للمسؤول والتعتيم على هفواته, فالاصلاح والتغيير يقع اولا واخيرا على عاتق العراقيين انفسهم ان هم رغبوا بذلك [ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم (الرعد)] فالشعب بعد التجارب القاسيه التي علمته دروسا بليغه, سيكون مضطرا للتطور عاجلا ام اجلا.(الى ان يصبح المجتمع العراقي كالمجتمع الامريكي قلبا وقالبا وهذا امر بعيد .ص 8).المصدركتاب (دراسه في طبيعة المجتمع العراقي – د.علي الوردي). د.هشام الخزاعي 2011

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here