مع حق التعويض : الاختفاء لا يعني القتل

مع حق التعويض : الاختفاء لا يعني القتل *

بقلم مهدي قاسم

أخذت قضية الرجل العراقي المتهم زورا وبهتانا بعملية القتل الملفقة بحق زوجته ،أخذت تسلطّ الضوء على نهج النظام الديكتاتوري السابق و المتجسد حاليا في عهد النظام الديمقراطي المزعوم والساعي في كل الأحوال إلى انتزاع الاعتراف بالإكراه والإجبار عن طريق ممارسة عمليات تعذيب متواصلة فظيعة لحين الاعتراف الكامل من قبل المشتبه به بجريمة قتل لم تُرتكب أصلا ، في أكبر فضيحة على الإطلاق ، لتأخذ المسألة منحى آخر أكثر اتساعا وشمولا في تناول حقيقة هذه الممارسات الوحشية من قبل عناصر سلطات التحقيق الجنائي ،لتطرح في الوقت نفسه مزيدا من علامات الاستفهام وخاصة أن المسألة هنا ليست ذات طابع سياسي ، إنما مسألة جنائية بحتة لا تتطلب أكثر من جمع أدلة وبراهين ضمن أعمال مهنية وخبرات متراكمة على هذا الصعيد ، أقوال أقرباء أو شهود عيان ، مع الاستعانة بالوسائل التقنية المتطورة المساعدة على كشف دلائل الجريمة من خلال المسح المكاني الجنائي في مسرح الجريمة ، من ضمنها الحصول على الحمض النووي و قائمة المهاتفة لأجهزة الهاتف الذكية ، والأحاديث المتبادلة بين الأطراف المتهاتفة ، عبر الأبراج المرسلة لنداءات الهاتف الذكي والخ ..

طبعا هذا ، في حالة عثور على جثة قتيل ما بتواز مع بيانات شخصية موثقة ، تبدو عليها آثار الجريمة ، وما يتبع ذلك من تقرير مفصل للطب الشرعي بعد عملية تشريح دقيقة عن أسباب الوفاة أو القتل و كذلك الأدوات المستعملة في ارتكاب الجريمة..

أما إذا اختفى شخص ما ، سواء كان رجلا أو امرأة ، دون أي أثريُذكر ، فإنه يُضع في أعداد أو قائمة المختفين ، الذي يُفترض أنه قد اختفى : خوفا أو هروبا من وضع لم يعجبه ، أو انتقالا الى مدينة أخرى ، أو سفرا إلى بلد آخر والخ ..

فليس من الضرورة أن كل من يختفي يجب اعتباره ضحية قتل أو جريمة ما ..

لهذا فإن الشرطة الجنائية تكون قد ارتكبت جرائم التالية مع هذا العراقي المسكين الذي كاد أن يُعدم بتهمة ملفقة أجبر على الاعتراف بها بقوة عنف وإكراه :

ــ تلفيق تهمة زائفة ، أي غير مرتكبة أصلا

ــ الإجبار و الإكراه على الاعتراف ..

ــ مصادرة حقه في التنقل و التحرك من خلال توقيفه وحبسه على ذمة قضية وهمية لفترة طويلة ..

ــ إحداث أضرار جسدية نفسية كبيرة منخلال عمليات تعذيب ..

ــ أحداث أضرار معنوية على خلفية انتهاك حرمته الأدمية و تشويه سمعته من خلال اتهامه بجريمة لم تقع أصلا ..

فمن هنا يحق لكل من يتعرض لحالات مشابهة أومماثلة أن يقاضي الدولة مطالبا برد الاعتبار القضائي وكذلك بالتعويض المالي لما أصابه من أضرار جسدية ونفسية ومعنوية..

وأخيرا : أن هذا السلوك المهني الأرعن والخاطئ الذي مارس بدون أي حق بحق هذا الرجل ، المعني الأمر أدناه *، سيزيد و يعمّق التصوّر السيء أو السلبي المكوّن عن الشرطة والأجهزة القضائية العراقية في نظر العالم بحيث سيدفع دولا وحكومات إلى عدم تسليم مجرمين مطلوبين للقضاء العراقي ..

*هامش ذات صلة :

((بالفيديو) قضية مُحرجة للقضاء العراقي .. شخص يعترف بقتل زوجته ورميها في الفرات ثم تظهر حيّة !

سلّطت حادثة اعتراف رجل عراقي بقتل زوجته ورميها في نهر الفرات بمدينة بابل (جنوبي العراق)، ثم عودتها إلى منزلها بعد أقل من شهر حيّة ترزق، الضوء على تأثير العنف والتعذيب اللذين يتعرض لهما المتهمون بالجرائم والمشتبه بهم من قبل الجهات الأمنية العراقية لانتزاع الاعترافات منهم بالقوة .

هذه الحادثة الغريبة خلقت الجدل بين العراقيين، وتداول الآلاف من النشطاء المقطع المصور الذي أظهر اعتراف الزوج وتمثيله عملية قتل الزوجة والتخلص من جثتها. وتساءل البعض عما إذا كان قد قدّم هذا الاعتراف الكاذب تحت ضغط تعذيب المحققين.

وكانت احدى قنوات التلفزة العراقية قد عرضت قبل نحو شهر، مقطعاً لمتهم بقتل زوجته، وقد لاقت الاعترافات استهجان عموم العراقيين، الأمر الذي دفع مراصد ومنظمات حقوقية لإصدار بيانات تهدف لتقنين العنف الأسري، لكن صحافيين وناشطين حقوقيين من مدينة بابل، أكدوا عودة المرأة إلى منزلها بعد أيام من اعتراف زوجها بقتلها، وقد خرج الأخير من السجن.

واشارت مصادر محلية من بابل، الى أن “مشاكل أسرية دفعت الزوجة إلى مغادرة منزلها بطريقة اختفت فيها تماماً عن كل الأماكن والمناطق التي يعرفها الرجل، وذهبت لأقارب بعيدين، الأمر الذي دفع ذويها إلى تقديم شكوى بحق الزوج”، مبينة أن “اعتراف الزوج بشأن عدم معرفة مصير زوجته لم يكن مقنعا بالنسبة للمحققين، كما يبدو أن التعذيب والضرب دفعاه في النهاية إلى اختلاق قصة غير حقيقية في سبيل الخلاص من التعنيف”.

من جانبه، قال مدير إعلام قيادة شرطة بابل، العميد عادل الحسيني، إن “القضية أثارت استغرابنا بعد اعتراف المتهم بقتل زوجته ومن ثم العثور عليها حيّة ترزق”، مبيناً أن “المتهم أبلغ ضابط التحقيق بأنه قتل زوجته التي كانت مختفية، وظهر على وسائل الإعلام وشرح تفاصيل الحادث، وأن التحقيق جارٍ في القضية لمعرفة ملابسات اعترافات المتهم التي لم تتطابق مع الحقيقة”.

وتابع أنه “بعدما تم تعميم القضية وانتشارها في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، قام مواطنون بالإبلاغ عن موقع وجود الزوجة، الأمر الذي دفع القوات الأمنية إلى التوجه إليها وإلقاء القبض عليها، ما أدى إلى تغيير فحوى القضية، وتبين أن هناك مشاكل عائلية بين الزوجين ربما تكون قد دفعت المرأة للهرب أو ما شابه”.

ولفت إلى أنه “على أثر ذلك اتخذنا إجراء بحق الضابط القائم بالتحقيق، وذلك بتدخل القضاء بهذا الأمر لمعرفة حقيقة القضية، وما إذا كان قد حصل تعذيب أثناء التحقيق”، موضحاً أن “قائد شرطة المحافظة والسلطات، يحققون حالياً في ما إذا كان المعني في القضية قد تعرض إلى التعذيب خلال التحقيق، وقضيته ستكون متروكة للقضاء عن صحيفة صوت العراق ”.)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here