وجيوب وحقائب متطورة لدى الغمان وستسقط اوراقخريفكم بالزبلان وتداس بالحذيان

وجيوب وحقائب متطورة لدى الغمان وستسقط اوراقخريفكم بالزبلان وتداس بالحذيان

د.سمير ناجي الجنابي

مشروع يدور على بال كل إنسان في العراق: هل يمكن لسلطات دولة فاسدة كالعراق، حيث تحتل المرتبة 169 في الفساد من بين 180 دولة في العالم في العام 2017 ولم يتحسن الوضع في العام 2018 بل تفاقم، أن تحارب الفساد وتكافح الفاسدين، وتُطهر العراق من رجسهم وشرورهم وعواقب الرجس والشرور؟

وسبب عدالة ومشروعية هذا السؤال يكمن في حقيقة أن الفساد لم يعد ظواهر متفرقة يمارسها هذا الموظف الكبير، أو هذا المصرفي أو التاجر أو القاضي أو ذاك، بل أصبح الفساد المالي والإداري، ومنذ أن تم احتلال العراق في العام 2003 بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية والحاكم المستبد بأمره باول بريمر وبأوامر من إدارة جورج دبليو بوش أولاً، ومنذ أن سَلَّمت سلطة الاحتلال الدولة العراقية بسلطاتها الثلاث بيد الأحزاب الإسلامية السياسية العراقية ومن تعاون معها ثانياً، نظاماً متكاملاً وفاعلاً وحاكماً في سلطات الدولة الثلاث وأجهزتها المدنية والعسكرية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي المجتمع.

إن هذا الواقع الفاسد لا يعني إن النظام البعثي قبل ذاك لم يكن فاسداً، بل كان الفساد يمارس من قبل قيادة البعث الحزبية ومجلس قيادة الثورة مع حفنة من الأعوان ومن يرغب النظام مشاركتهم في الفساد، ولكنه كان يعاقب من يمارس الفساد دون علمه أو خارج إرادته. وكان العقاب يمس الغالبية العظمى من الشعب، إلا في سنوات الحصار الاقتصادي الذي أجبر الكثير من البشر على ذلك بسبب العوز.

ولكن ما حصل في العراق يختلف تماماً. فالاحتلال أفسد الحكام الجدد بالرواتب والمخصصات ووضع ميزانية الدولة بيد الفاسدين والمفسدين، ونشأت فئة اجتماعية رثة فاسدة من حيث السلوك السياسي والمالي والاجتماعي. مثل هذا الواقع الفاسد لا يعني أيضاً عدم وجود مجموعة من الأفراد تتميز بنظافة اليد والعفة، ولكن هذه المجموعة لا تشكل سوى قلة قليلة، إذ من طبيعة النظام الفاسد أن يدفع بأفراد المجتمع بكل السبل المتوفرة إلى ممارسة الفساد، إذ بذلك فقط يمكنهم مواصلة فسادهم واستمرار قهرهم للمجتمع، وإلا لما كان لأبطال هذا النظام الفاسدين مكانٌ لهم في العراق.

لا يمكن أن يعيش الفاسد طويلاً في بلد تسود فيه الحريات العامة والحياة الديمقراطية، إذ سرعان ما يُكتشف الفاسد وتنشر فضيحته ويحاكم. ولكن الفساد ينمو كالفطريات ويتعاظم عدد الفاسدين في ظل الجهل والأمية وانتشار الخرافة ودور شيوخ الدين المسلمين المزيفين منهم، أو الساكتين عن الفساد، أو الذين يعيشون على صدقات كفارة الفاسدين التي يدفعونها لغسل فسادهم، أو كما يعترف الفاسد أمام الكاهن خلف ستار في الكنيسة مثلاً.

ففي الدول المتقدمة تحصل حوادث فساد غير قليلة، ولكن سرعان ما تفضح عبر وسائل الإعلام وعبر صحفيين نزيهين لا يخشون القتل على أيدي الفاسدين الذين تم فضحهم، كما يحصل في بلد كالعراق، حيث جرى اغتيال الكثير من الناس الأوفياء لوطنهم وشعبهم بسبب فضحهم للفاسدين في مقالات أو تقارير نشرت لهم، كما حصل للمغدور الدكتور علاء المشذوب وغيره، أو كما يقال عن تسميم الدكتور أحمد الجلبي الذي قام بنشر تقارير عن فساد هائل لمئات المليارات حصلت في فترة حكم المستبد بأمره نوري المالكي على سبيل المثال لا الحصر، رغم أن الرجل كان جزءاً من النظام السياسي الطائفي القائم.

{لا يمكن أن يعيش الفاسد طويلاً في بلد تسود فيه الحريات العامة والحياة الديمقراطية، إذ سرعان ما يُكتشف الفاسد وتنشر فضيحته ويُحاكم.}

{الواقع الفاسد في العراق لا يعني إن النظام البعثي السابق لم يكن فاسدا، لكنه أيضاً لا يعني عدم وجود مجموعة من الأفراد تتميز بنظافة اليد والعفة.}

لقد ادعى وتعهد حيدر العبادي على مكافحة الفساد، ثم صرح بأن مكافحة الفساد أخطر من محاربة الإرهاب، وجَبُنَ أمام الفاسدين من قادة حزبه والأحزاب الإسلامية الأخرى أو من المشاركين معه في الحكم. وحين جاء نوري المالكي إلى رئاسة الوزراء عام 2006 ادعى بصوت عال إنه مصمم على محاربة الفساد والإرهاب. ولكن كلتا الظاهرتين انتعشتا في فترة حكمه وبجهوده الخاصة في رعاية الفاسدين وحمايتهم وأصبحتا سائدتين وتحول الفساد إلى نظام فاسد بالكامل واشتمل على مئات المليارات من الدولارات الأمريكية.

ثمة عوامل مجتمعة؛ أدت الى جعل صورة العراق تلتف بخرقة سواد الفساد، وكثير من الشعب يعتبر كل مسؤول سارقاً، حتى المواطن شك في نفسه وهل يُراوده الفساد ويصرعه إذا تسلم الكرسي؟!

مَنْ أوصل كثير من المجتمع؛ الى قناعة القبول بوصمة عار في تاريخه، ومَن المستفيد من تعميم الفساد، وهل ينكرمواطن؛ علاقته المباشرة أو غيرها بالساسة من صلة قرابة أو ولاء حزبي؟!

يشبه لي وصف العراق كشخص عاقل إعترض على مفاهيم خاطئة، فأتهم بالجنون وتلاحقة أصوات تقول: مجنون مجنون؟! وهذا يرميه بالنفايات وأخر يضربه على قفاه ويمزق ملابسه، وجَمْع يصفقون، وآخرون يتفرجون، وعلى جانب وقف المعترضون ساكتين، ومن يُعارض جمعهم يتهم بالجنون؟!

لنسأل أنفسنا ونجلد ذاتنا وننتقد أفعالنا ونقيّم أداءنا؛ لماذا في كل مكان يتحدثون عن الفساد، ولماذا تلك البرامج التي تتحدث عن الفساد وتُدلي بأرقام صحيحة ومغلوطة؛ أكثر مشاهدة، وكلما نزل الإعلامي الى قاع الحديث السوقي صار أكثر وطنية وحرصاً، وهو يبكي وينوح كالنساء المفجوعات، ويلطم على رأسهم وكأنه وكيل دفاع لا يملك إلاّ الزهيق والنهيق؟!

لا يخلو مواطن متحدث من علاقة سياسية، ويعرف أن الساسة إستخدموا مناهج مختلفة لنتائج موحدة؛ تؤدي الى إنتخابهم لا غيرهم، وبعضنا يرتبط بالساسة بصلة قربى أو عشيرة أو حزب وفكر، أو أمنية معلقة؛ وصدق كثيرون خطاب هذا وإتهام ذاك، ولم يركن أغلب الشعب الى خطاب يجمعهم، وأفترقوا كي يدخول العدو بين طيات التفكير، وجرهم الساسة الى منزلق لا يعرف الوسطية، ويتقاذف بعض رعاع السياسة جملة ألفاظ سوقية، وعندما يثبت جرم أحدهم يقول كلنا، وهناك جهور يُصدق، وعتبره أفضل من سكوت مُدرك لخطورة المرحلة؟!

قمة الإستهتار بالمواطنة؛ حينما يكون المسؤول رئيس عصابة، ويتباهى الفاسد بفساده، ولا يسحتي القاتل من إدعاء الوطنية، وبلا وجل يُعلن الرقيب أنه مرتشِ، ومنتهى الخيانة العفو عن المجرم بذريعة المصلحة، وأسخف المتاجرة؛ هي بيع الدماء لمصلحة آنية، وتشويه الخطاب لخلق ضبابية يختفي فيها السراق، ويقول كلنا فشلنا من كان على رأس الهرم، ويأتي دور الإعلام نافخاً في صورة المهرجين وقرقوزات السياسية، وصولات وجولات في التنظير لإسقاط هيبة الدولة ومقدرات الشعب

إن بعض الساسة سعوا بكل ما نهبوا من الخزينة؛ الى إشاعة الفساد، والظهور بوجه المدافع المتباكي على الشعب، وإتهام الطبقة السياسية جمعاء، وتحميل الشعب وز النتائج، والإعلام أهم وسيلة مساعدة، بين مغشوش ومنحوش؛ على تخريب صورة تقاليد المجتمع، وأداة رئيسة للإعلان للمواطن أن جمع الشعب فاسدون؟!

زيّن الإعلام المزيق صور الجلاد، وأكمل منهج التعميم، ووضع المجتمع برمته في سلة الفساد؟!

يسعى الفاسدون لجعل الواقع سوادوياً، وتحمل الإعلام جزءاً مناصفاً، والمجتمع خاضعاً أو مُصدقاً أو مناصراً، فهل وقفنا يومياً وحاسبنا بصراحة من يسرق في القطاع العام والخاص، وهل لا نعرف أن الفاسدين موظفين أو أصحاب رؤوس أموال حرامي يعيشون بيننا ونجاملهم ونمدحهم، وعندما يذهبون نذمهم؛ إذا حديثنا عن الفساد هو من أشاع الفساد، وتشجيعنا للفاسد في الدواوين وإعلاء مرتبته في المجتمع؛ هو من جعله يتمادى، وحصرنا النزيه في زاوية الغبن والإتهام بالفشل والتخلف؛ إذن لنعترف أننا ساعدنا على إنتشار الفساد، ومنا من صدق كلام الفاسد بإتهام النزيه، وصار كالطبول يقرعها الفاسدون متى أرادوا، ومَنْ أيد أتهام التجربة السياسية؛ لحنينه الى الماضي وإسقاط تجربة الحاضر، وتبيض الماضي بسوداوية الحاضر، أو وجهه أسوّد من الفساد؛ وأراد الإختفاء في ضباب الفوضى؟!

والعجب العراقي، فاسدون ضد الفساد، وأغبياء ضد الجهل، ومنحرفون ضد الرذيلة؛ تلك معالم مشهد بات يتكرر بانتظام، شبكة الفساد في بلادنا، أكبر من شبكة الصرف الصحي، وأعمق من بحر الصين، بل العجب ان لا ترى فاسدا في الدولة العراقية التي نخرتها (ارضة) الفساد. وعجب العراق الجديد ان الكل ضد الفساد، والفاسدون يتظاهرون ضد الفساد، وينتقدونه، ويتحدثون عنه بحرقة، ويرفعون علم النزاهة ليلا ونهارا. وتتساءل من المفسد ومن الفاسد في هذا البلد المنكوب والمسروق! ويتساءل المواطن العراقي عن سر لعنة هيئات النزاهة والشفافية التي افسدت الحياة بالنزاهة، فنحن والحمد الله ننفرد برقم قياسي في عدد الهيئات(الخربانة) التي تؤسس للفساد، وإنجاب سياسيين مصابين بأمراض الفساد المزمنة، وخيبتنا الحقيقية اننا ندخل معارك الفساد الوهمية، ولانطلق فيها طلقة واحدة ونسميها ام النزاهات، ونصدر حكما على فاسدين من الدرجة العاشرة، ونرفع أيدينا بعلامة النصر. والنتيجة دائما أننا نسمع ضجيجا ولا نرى طحنا، أو أغلب الظن أن هذه الأجهزة تعمل بطريقة البروباجندا، فرقعة تصريحات ولا شيء بعد ذلك، إنها أجهزة تنشأ من منطلق إبراء الذمة، وتبدأ لعبة اسمها ثقافة التحايل، كله يضحك على الكل

وإذا تحدثنا عن الفساد العراقي بالأرقام، فأن هناك ارقام فلكية من المليارات اختفت، وتحولت الى عقارات وفنادقا وبنوك وشركات وملاه واحزاب، وبعضها ذهب الى دول من باب الجيرة الحسنة، لأن السارقين يحملون شرف الوفاء والإخلاص، ويحملون شرف الانتماء لغير الأوطان التي ولدوا فيها ،ومع ذلك تقول لنا منظمة الشفافية الدولية بأن العراق يقع في ذيل مؤشر الفساد ، وان الفساد ليس من جراء إساءة استعمال السلطة للحصول على مزايا شخصية، إنما من خلال توظيف السلطة لممارسة الفساد وتوظيف الفساد لبلوغ السلطة، والفساد بات يشرعن ويقنن ويمارس علناً، ويُشار إليه تحت قبة البرلمان. وفي كلتا الحالتين فإن الفساد، لا يمكن أن نحصره في شخص معين (صاحب سلطة)؛ فهو ليس صفة شخصية يتصف بها فلان ولا يتصف بها فلان؛ الفساد مثل الفيروس، يوجد في البيئة الصالحة لتكاثره؛ فكما أن الفيروس يعيش في الجسم الضعيف قليل المناعة فإن الفساد ينتشر في البيئة ضعيفة (القوانين) وقليلة(الرقابة)، وفي اوطان لا تعرف العدالة. وما يقال عن الفساد حتى الآن هو مقاربات منقطعة لا تلتئم في أي سياق، لأنه عندما تحول من ظاهرة إلى نظام مضاد، أصبح إمبراطورية مترامية الأطراف، وتعددت رؤوسه، فهو يشمل كل تفاصيل النسيج، ولا تسلم منه الثقافة أو التعليم أو الصحة أو أي نشاط آخر، ويتوهم البعض أنه بعيد عن الاقتصاد.

من قال ان الفساد العراقي هو سرقة المليارات فقط، أنه منظومة متكاملة، تعددت رؤوسها وابعادها، بحيث أصبح فسادا منظما ومنهجا، وذكيا قادرا على ابتكار أساليب جديدة، والتخفي تحت طاقيات الأحزاب الدينية والسلطة، هو مستنقع مبتكر يزكم الانوف من جراء رائحته العفنة، فقد أصبح شرعيا لمن في السلطة، مثلما أصبح ثقافة مجتمعية، وشرعة ثقافية، يمارسه المواطن كشيء مألوف لغياب الكوابح. ويخطئ من يقول ان الفساد عندنا هو فساد مجهول النسب، فلدينا الآن قوائم كثيرة من ملفات الفاسدين تكتظ فيها خزائن المحاكم وهيئات النزاهة، وتختفي منها السجون! لكن المشكلة أن (حاميها حراميها)! نعم الفساد ظاهرة عالمية، لكن الفساد العراقي مختلف بكل المقاييس، هو فساد مستمر ومتضخم، ويتكاثر بشكل سرطاني باستمرار لا يعجبه التوقف. ورحم الله من قال، إذا فسد الملح فسد كل شيء، وهو قول ينطبق على واقع العراق، الذي أصبح اليوم مسؤولا عن بواسير نائب، وطقم اسنان آخر ببسمة هوليودية، وتنفيخ شفة نائبة، وحماية المسؤولين بجيوش من المسلحين، ومئات من السيارات المصفحة، ورواتب فلكية للرئاسات الثلاث، اما فقراء بلادي فلهم حصة غذائية عفنة، ومياه متسخة وملوثة، ورواتب شهرية مستقطعة! رحم الله الراحل (لي كوان) مؤسس سنغافورة العظيمة القائل: تنظيف الفساد مثل تنظيف الدرج يبدأ من الأعلى نزولا للأسفل. اما الفيلسوف كونفوشيوس فله قول مأثور (اذا صلح القائد فمن يجرؤ على الفساد)! منذ عقود والعراقيون يعانون أزمات بعضها يرتبط بالظروف السياسية أو الإقتصادية والآخر يرتبط بمزاجات السلطة الحاكمة كما حدث في بداية سبعينيات القرن الماضي وظهور أزمات الحنطة والفاصوليا والشخاط !

هذه الأزمات ومعظمها كاذبة كشفت عن عجز كبير وواضح لسيطرة الدولة على مجمل القطاعات المرتبطة بحياة المواطن العادي اليومية , بعد عام( 2003 ) طور علماء الفساد في العراق النظرية النسبية العامة للفساد وقلبوا المنطق ووضعوا ملاحق لنظريتهم وقوانين وتعديلات , ففي العراق فقط (وهو أمر لا يمكن حدوثه حتى في الخيال ) يتباهى ويفتخر رئيس أحد الكتل السياسية المعروفة جدا، أنه كان عميلا لخمسة عشر مخابرات دولة أجنبية! وآخرون ينشرون صورهم في وسائل الإعلام وبلاخجل وهم يرتدون ملابس عسكرية للقتال إلى جانب دولة معادية ضد أبناء شعبهم وطائفتهم بحجج مضحكة , هذه الوقاحة على سبيل المثال ناتجة عن فلسفة عميقة التوغل في تغيير بعض الأساسيات العقائدية البديهية للإنسان بشكل عام .. إذ كيف يمكن لإنسان عاقل مثلا أن يقتل أمه أو يكره إبنه أو يحاول تجويع أقربائه؟!

هؤلاء علماء تمكنوا من تغيير النظريات العلمية الهادفة إلى توحيد جهود الشعوب والأمم لمكافحة الفساد أينما وجد غاليلو أقام في بيته ولم يخرج ولم يذكره أحد إلا بعد قرون , بينما يذكر العالم أن أينشتاين غير التسلسل التاريخي للعلوم وقرب البشرية من يوم القيامة رغم نواياه السليمة التي إستغلها العاملون في الجانب السلبي من العقل وأغرقوا العالم بالأسلحة النووية والهيدروجينية والنيوترونية..

أما في العراق فقد تجاوز العراقيون النظر إلى علماء الفساد القدماء وبدأوا بالإطلاع يوميا إن لم يكن في كل ساعة على علماء فساد نسبيين أذكى من أينشتاين.. فكيف يمكننا أن نصدق أن مسؤولا أو وزيرا أو سياسيا أو سفيرا أو قائدا عسكريا أو أمنيا يرتكب خطأ أو إنتهاكا للقانون أو إتخذ موقفا معاديا للشعب العراقي لم يحاسبه أحد ولم يعرض أصلا على محاكم أو سلطات قانونية كي يتم التأكد من ولائه وأمانته وإخلاصه لشعبنا الصابر.. مئات العملاء والجواسيس ممن كان سببا في دخول قوات الإحتلال الداعشي إلى العراق وتحويل نصف العراقيين إلى نازحين يخرج علينا ضاحكا مبتسما من على شاشات التلفزيون لأنه يمثل كتلة حزبية أو سياسية .. بل وصل الأمر إلى قيام فراعنة وقياصرة في سرقة أموال العراقيين بالظهور مدافعين عن حقوق الشعب في مؤتمر صحفي ضم عددا من كبار قطاع الطرق السابقين واللصوص والمزورين..

العراقيون بدأت خيوط اليأس تتسلل إلى قلوبهم وهم يتفرجون على ولاة أمورهم يتصارعون ويتقافزون فوق كراسي السلطة بينما ينتظر أكثر من أربعة ملايين عراقي متناثرين في المخيمات من يمد يد العون لهم.. وملايين العراقيين أصبح الفقر والبطالة والعوز والمرض ملازما لكل دقيقة من حياتهم.. الكل يشتكي وينتظر من ينقذهم من حالهم ثم يتفاجأ العراقيون المساكين بمؤتمر صحفي كبير ومهم وخطير جدا! ظهر به واحد من سادة الفساد المخفيين في العراق وهو يتحدث عن إمكانية الوصول إلى إتفاق بين الأطراف السياسية لتجاوز بعض المشاكل العالقة !

ما هذا الخراب ؟ ماهذا الفساد والسخرية والإستهزاء بعقولنا ؟

لا جواب .. إذ لا يجوز الإعتراض على أبرز علماء النظرية النسبية في خراب العراق وضياع مستقبله ، عليه فإن الفساد في العراق تحول من جريمة يعاقب عليها القانون ويعترض على مرتكبيها أفراد المجتمع، إلى نظرية علمية ودراسة نظرية وتطبيقات عملية لها.. نتائجها إذلال العراقيين وزيادة معاناتهم وتقطيع أوصال وحدتهم وإلا ماهو التفسير المقنع الواحد لتكاثر الفاسدين في بلدنا وتسلقهم إلى السلطة من جدران الفساد!ولله الأمر

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here