التوزير بين السياسة والمهنية

*فارس حامد عبد الكريم

حينما تحررت فرنسا من سيطرة النازية وعاد زعيم فرنسا الوطني الجنرال ديگول الى فرنسا وبدأ بتشكيل حكومته المعروفة بالجمهورية الخامسة استدعى الروائي الشهير  أندريه مالرو وعرض عليه تولي أحدى الوزارات السيادية المهمةتقديراً لدوره الفكري  البارز في مواجهة الفكر النازي والمساهمة في بناء اساس فكري للمقاومة الوطنية، ولكنه رفضتولي هذه الوزارة السيادية وطلب تولي وزارة الثقافة، قائلاً، وسط اندهاش الجنرال من هذا الإختيار؛(لقد اصبح عقلفرنسا بيدي).

لم يكن الأديب مالرو حزبياً أو منتمياً لجماعة ما ولكنه كان وطنياً بحق وكان هذا كاف لوحده  ليمكنه من تحقيق اكبرنقلة في تاريخ الثقافة الفرنسية الحديثة وكسب حب وثقة الجمهور.

هذا الحس الوطني المرهف هو الذي مكن مالرو من إعادة بناء وعي المواطن الفرنسي وتخليصه من إفرازات الحرب النفسية والإجتماعية وثقافة الحرب التي تراكمت خلال الحرب العالمية وفترة الإحتلال النازي وما رافقها من مذلة ومهانة مست الكرامة الوطنية في الصميم.

لقد صرف مالرو بسخاء بالغ على المشاريع الثقافية والأدبية والفنية وأزدهرت المسارح والعروض الفنية والترفيهيةوطبعت وأعيدت طباعة المئات من عناوين الكتب والروايات وترجمت لمختلف اللغات… حتى بدا الفرنسيون يشعرون وكأنهم عادوا ليعيشوا في عصر النهضة من جديد بكل تفاصيله التاريخية… وتصدرت فرنسا المشهد الثقافي العالمي وأضحت الثقافة مصدراً مهماً من مصادر قوتها ….

يكفي ان تقدم مصالح شعبك العليا على مصالحك الذاتية الضيقة لتكون وطنياً بحق وتحقق اعظم الإنجازات

****

النائب الأسبق لرئيس هيئة النزاهة الإتحادية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here