تمنح الكوتا عادة للمكونات التي لا تستطيع الفوز بمقاعد نيابية وبرلمانية حسب القاسم الانتخابي، وذلك لتمكين هذه المكونات من المشاركة الفعلية في العملية السياسية وضمان تمثيلها في صنع القرار، على هذا الاساس خصصت خمسة مقاعد في مجلس النواب للمسيحيين من مجموع 329 مقعدا.
وحسب مفهوم الكوتا فان المقاعد المخصصة للمسيحيين يجب ان تكون وسيلة لاشراكهم الفعلي والحقيقي في صناعة القرار، وليس لعرضها في مزاد علني من قبل الاحزاب والكتل الكبيرة ليستحوذ عليها بائعي الذات والضمير، حيث وبدلا من ان تكون هذه الكوتا وسيلة لضمان مستقبل المسيحيين والدفاع عن حقوقهم اصبحت وسيلة لتدميرهم وتشتيتهم وضرب وحدتهم، لانها ( الكوتا ) لم تكن ابدا وسيلة لمشاركتهم في صياغة القرار وصناعته، بل كانت بالعكس من ذلك تماما وسيلة واداة لتهميشهم واسكاتهم عبر احتكارها وتكريسها لتحقيق منافع ومصالح شخصية بعيدة عن هموم ومعاناة هذا المكون المسحوق والمظلوم.
وما يثير الاستغراب اكثر ان عدوى الاستحواذ على الكوتا لم يقتصر على الاحزاب والكتل الكبيرة فقط بل انتقلت هذه العدوى الى الاحزاب الصغيرة المفتخرة بتاريخها وعمرها الطويل العاجزة عن الفوز بمقعد نيابي عبر قاعدتها الشعبية، فتمتنع هذه الاحزاب عن المشاركة في الانتخابات بقائمة خاصة او مرشحين حزبيين لان خسارتها مؤكدة، وبدلا من ذلك اصبحت هذه الاحزاب تعتمد الية جديدة للدخول الى البرلمان عبر ترشيح احد اعضائها ضمن الكوتا ودعمه عسى ان يمكنهم ذلك من الفوز بمقعد برلماني!!!. لان الاصوات التي يحتاجها المرشح ضمن الكوتا للفوز بمقعد برلماني هي اقل بكثير من الاصوات التي يحتاجها المرشح ضمن القوائم الاخرى للفوز.
بعيدا عن التعصب والتطرف لا يمكن ربط الاخلاص للقضية والشعب ابدا، فالانتماء فكري والاخلاص نابع من الضمير والنزاهة، لذلك من الظلم القول بان المرشح المسيحي الفائز بالاصوات المسيحية سيكون افضل واكثر حرصا على المسيحيين وحقوقهم من الفائز بالاصوات غير المسيحية، رغم ان هذا الاعتقاد اصبح السائد والراسخ في تفكير اغلبية الشعب العراقي، بسبب غرس بذرة الطائفية في نفوس العراقيين ومراعاتها والعناية بها من قبل قادته الجدد الذين اسسوا بلدا وحكومة وبرلمانا ونظاما طائفيا بامتياز.
لا يهم من سيفوز بمقاعد الكوتا المسيحية المعوقة، ولا الى اي حزب او تيار ينتمي، ولا بصوت من دخل البرلمان واصبح عضوا نيابيا…. ولا …. ولا، لكن يهمنا ان نعرف كيف سيكون اداؤه وماذا سيعمل ازاء القوانين المجحفة التي شرعت ومررت في الدورات السابقة امام انظار نوابنا المحترمين! وبموافقتهم ايضا!.
المسيحيون ليسوا بحاجة الى كراسي قديمة مهترئة تنكسر بمجرد الجلوس عليها ليصيب صاحبها بالشلل التام ويصبح طريح الفراش صما بكما عميا لمدة اربعة سنوات يتهنأ بالمنصب وامتيازاته، بل بحاجة الى رجال! مؤمنين بالقضية ومخلصين للشعب وحريصين على مستقبله.
همسة:- لا خير بكوتا عقيمة ولا بوجوه تضاف الى البرلمان لتجميل الصورة!.
كوهر يوحنان عوديش