ألأنظمة الوطنية و ألأنظمة الثورية

ألأنظمة الوطنية و ألأنظمة الثورية

أنظمة الحكم تلك التي تحرص على أمن و مصالح شعوبها و ضمان رفاهية العيش المحترم و المواطن في ذلك النظام تكون اغلب حقوقه مصانة و محفوظة و تحضى بالأحترام و التنفيذ مثل حق السكن الملائم نوعآ و سعرآ و توفير فرص العمل المناسبة لكل المواطنين و أنظمة التعليم المرموقة و شمول جميع المواطنين بالضمان الصحي المتطور و الراتب التقاعدي الذي يصون كرامة الذين اصبحوا خارج سوق العمل مرضآ او سنآ و غير ذلك من متطلبات الحياة الكريمة للمواطنين في أنظمة قد تكون ملكية او جمهورية لكن ألأهمية في تطبيق تلك الثوابت و المعايير او على الأقل السعي المثابر و الدؤوب لتحقيقها خصوصآ في تلك الدول التي تكون فقيرة الموارد شحيحة الأمكانيات و هذه هي ألأنظمة الوطنية الحقة بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي الحاكم .

في المقابل كانت و ماتزال هناك أنظمة حكم ( ثورية ) و الكثير منها في المنطقة العربية من طغم عسكرية استولت على مقاليد الحكم و احتلت القصر الحكومي بأنقلاب عسكري و صار ضباط الجيش الأنقلابيين حكامآ ( ثوريين ) و حينها بدأت معاناة و شقاء الشعوب التي سقطت تحت هيمنة الحكام الثوريين الذين ( اخترعوا ) الوسائل و الأساليب ( المبدعة ) في اذلال الشعوب و أفقارها بشتى انواع الشعارات و ان كان ( تحرير فلسطين ) هو الشعار ألأكثر رواجآ و ألأكثر شعبية و بريقآ و تحت ظل هذه اليافطة انشئت الكثير من السجون و المعتقلات و سيق المئات ان لم يكن الالاف من السجناء الى سوح الأعدام و ميادين التصفية حيث قتلوا و دفنوا في مقابر مجهولة او جماعية تحت تهمة ( التآمر ) على الحزب و الثورة و كذلك على ( القائد ) .

كل تلك الأنظمة الثورية ( ألأنقلابية ) كانت تدعو الى ألأشتراكية و التي هي في معناها الحقيقي العدالة الأجتماعية في توزيع الثروات و الموارد بالتساوي و القسطاط على ابناء الشعب من المواطنين لكن شعار ( الأشتراكية ) في مفهوم قادة هذه ألأنظمة كانت تعني افقار الشعوب و تعطيل الحياة الأقتصادية و وضع النشاطات التجارية حكرآ بيد الدولة و كان النموذج الصارخ على هذا التشويه المتعمد قد تجسد في ( العراق ) البلد النفطي المتخم بالثروات الطبيعية لكنه لم يكن كأقرانه من الدول الخليجية النفطية من رفاهية العيش و ضخامة ألأمكانيات المادية و الترف و الفخامة الذي كانت تنعم به دول الخليج العربي كان محرمآ على العراقيين منذ استيلاء ( الضباط الثوريين ) على الحكم .

ألأرتقاء بمستوى المواطن اقتصاديآ و اجتماعيآ و ثقافيآ ما يرتقي بالبلد و يجعله في مصاف البلدان المتقدمة و المتحضرة كان هدف ألأنظمة الوطنية التي جعلت خدمة الأنسان ( المواطن ) و تلبيه احتياجاته المادية و المعنوية في المرتبة الأولى من سلم اهتمامات ألأنظمة الوطنية اما ألأنظمة الثورية فكان كل اهتمامها هو الحفاظ على الحكم و حماية ( الحاكم ) و لم يكن المواطن بالنسبة الى ألأنظمة الثورية الا عامل ازعاج و قلق لذلك عمدت تلك ألأنظمة على البطش و التنكيل بالمواطنيين و اذلالهم و تجويعهم و أتخذت من المثل ( جوع كلبك يتبعك ) منهاجآ في التعامل مع المواطنين .

لطالما صفق الكثيرون و رحبوا بألأنظمة الثورية و قادتها بعد ان خدعتهم تلك ألأنظمة بالشعارات المزيفة في التحرر من ألأستعمار و التنمية ألأقتصادية التي لم يتحقق منها شيئآ لا بل جعلت هذه ألأنظمة المواطنين يتمنون عودة الحكم الأستعماري لانه كان اكثر رحمة و اكثر رأفة و تحضرفي التعامل مع خصومه على عكس ألأنظمة الثورية التي اعقبت الحكومات الوطنية و التي اذاقت الشعب صنوف الذل و الفقر و المهانة و الذين اصبحوا ( بفضل ) هذه الحكومات عبارة عن لاجئين تضيق بهم القوارب المتهالكة و التي سرعان ما تغرق و تذهب و تتلاشى احلام الغرقى في ألأمن و الكرامة التي فقدوها في بلدانهم .

هكذا اصبحت البلدان التي تحكمها ألأنظمة الوطنية في مستوى عال من التقدم و الرفاهية و ألأزدهار على الرغم من ألأتهامات و التشويهات التي تكال لهذه ألأنظمة و قادتها و لنا في دول الخليج العربي نموذج و مثال و شاهد على أستخدام الثروات الطبيعية و بألأخص النفطية و المدخولات الكبيرة في البناء و ألأعمار و كانت السياسة الحكيمة في الأبتعاد عن الحروب و النزاعات على الرغم من التحديات الكبيرة الا ان لغة العقل و الحكمة التي تميز بها امراء و شيوخ دول الخليج جعلت من دولهم واحات من ألأمن و الأستقرار و السلام و في المقابل يقع ( العراق ) و هو دولة تعتبر خليجية و بأمكانيات نفطية هائلة لكنه وقع في قبضة ألأنظمة الثورية المتعاقبة التي أطاحت بالحكم المدني و قادت البلاد الى حروب و نزاعات و حصار و دمار و مجاعات الى ان كانت الخاتمة المدوية في الأحتلال ألأمريكي و نهاية الدولة العراقية فالفرق كبير و واضح بين تلك ألأنظمة الوطنية و تلك الثورية و كان الله في عون الشعوب التي أبتليت بألأنظمة الثورية .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here