كركوك الحقائق والوقائع التاريخية تتكلم عن أصالتها الكوردية وعراقتها الكوردستانية ٦/٢١

كركوك الحقائق والوقائع التاريخية تتكلم عن أصالتها الكوردية وعراقتها الكوردستانية ٦/٢١محمد مندلاوي

عزيزي المتابع، أزيدك من الشعر بيت، حتى أن الكوكب يسمى كوكب لأنه يدور حول نفسه وحول النجم الذي يستضيء بضوئها. بينما النجم جرم سماوي موضعه ثابت في السماء ويضيء بذاته، بينما الكوكب أو القمر التابع له يكتسب نوره من الشمس فلذا قالوا ضوء الشمس لأنه ذاتي، ونور القمر وليس ضوء القمر لأنه مكتسب من الشمس أو من غيرها. إذاً الشمس نجم، والأرض كوكب، وهكذا هي كواكب المجموعة الشمسية التي تدور حول الشمس: عطارد، زهرة، أرض، مريخ، مشتري، زحل الخ. أرجو أن مضمون الاسم اتضح لدى القارئ الكريم. بعد أن حققت ودققت وجدت أن العالمين الآثاريين الكبيرين (طه باقر) و(فؤاد سفر) وهما ليسا كورديان؟ يقولان في كتابهما (المرشد إلى مواطن الآثار والحضارة)؟ وهو إصدار مديرية الفنون والثقافة الشعبية في وزارة الثقافة والإرشاد العراقية، بغداد عام (1965) ص80:” إن اسم كركوك انحدر من (گرگر) وهي اسم بقعة النار الملتهبة خارج كركوك” – بابا گرگر، التي تقع بجانبها قرية “شوراو” الكوردية في كركوك-. كل الشكر والامتنان لـ(طه باقر) و(فؤاد سفر)على قولهما كلمة حق في زمن حكم الباطل… اللذين جاء كلامهما مطابقاً لما قاله فيما بعد الأكاديمي والمؤرخ الدكتور (جمال رشيد أحمد) في كتابه (دراسات كردية في بلاد سوبارتو) طبع في بغداد عام 1984 دار آفاق عربية للصحافة والنشر ص 30 -31، حيث يقول الدكتور جمال: إن تسمية كركوك وجدت قديماً باسم (گرگر) وذلك نسبة لنيران منابع النفط التي في منطقة كركوك. وقبل هؤلاء جميعاً بحدود 2000 عام ذكر الفلكي والجغرافي اليوناني (كلوديوس بطليموس) 90- 168م ذات الاسم الكوردي لكركوك بالصيغة اليونانية إلا وهي “گرگرا”. أرجو أن يسمح لي القارئ الكريم أن أفتح قوساً هنا لأشرح الاسم الكوردي الممتزج “بابا گورگور”إن اسم “بابا” من الأسماء المقدسة عند الكورد، ورافقتهم قبل الإسلام وبعد الإسلام حيث تجده كسابقة لأسماء رجال الدين اليارسانية (الكاكائية) وحتى بعد فرض العقيدة الإسلامية عليهم بالقوة لم يهجروا هذا الاسم العريق وأطلقوه حتى على أولئك الذين يسمون في منطاقهم في كوردستان بـ”إمام زادة” كـ”باوه سەرهەنگ= سَرهنگ” و”باوه تاهر= باوه طاهر” و” باوە ناوس” و”باوه حافظ” و”باوه گورزەین =گورزدین= سيد أحمد” و”باوه محمود” وهكذا الكورد الإيزيدية أصحاب الدين التوحيدي القويم إلى اليوم يقولون لكبير رجل دينهم “بابا شيخ”. إن اسم بابا، الذي ترقيقه يكون”باوه”عند الكورد الگرميانية في جنوب كوردستان وكذلك في الشطر الآخر، أعني شرق كوردستان اسم مقدس عندهم، لذا أطلقوه على “گرگر” اللهيب الذي هو الآخر مقدس عند الكورد قديماً وحديثا. لقد تذرع الكورد بهذا اللهيب المقدس في العصور التي تسبق الأديان وقدموا له النذور والأضاحي لدرء المخاطر عنهم، وبشكل كبير نساء الكورد الحوامل تبركن به حتى ينجبن الذكور

وهن ينشدن:

بابا گورگور بە گر هاتم بابا گورگور بۆ کوڕ هاتم

الترجمة:

بابا گُرگُر توجهت إليك على جناح السرعة بابا گُرگُر أتذرع إليك أن يكون وليدي ذكرا

ملاحظة:

إن حرف الواو وهذا رسمه “و” في جلالة اللغة الكوردية يكون بمثابة الضمة في اللغة العربية.

لكن، كالعادة، اقتبس الآخرون؟ مكانة النار في معتقداتهم من الكورد، والآن يعيبون عليهم ويصفونهم ظلماً وبهتانا بعبدة النار!!! مع إنهم لا يعبدونها بل يقدسونها، وهي – النار- تستحق هذا التقديس؟. من الذين رافقتهم النيران حتى بعد دخولهم الإسلام الإيرانيون الشيعة (الفرس) ومن يسير في ركابهم عقدياً لا زالوا يحملون المشاعل الكبيرة في أيام عاشوراء في شهر المحرم ويسيرون بها أمام المواكب الحسينية في الأزقة والشوارع. وتجد النار أيضاً من خلال الشموع المشتعلة في الأضرحة والمراقد وعلى قبور المسلمين شيعة وسنة، ويضعون الهلال على قبب مساجدهم الذي لولا الضوء المنبعث من نار الشمس المشتعلة ما كان يظهر الهلال بكل المراحل التي يمر بها حتى يصبح بدراً كما يشاهد في كبد السماء. لولا غروب وطلوع الشمس التي تبعث بضوئها المنبعث من براكين النار المتفجرة عليها ما كانوا يعرفون متى يفطروا ومتى يصوموا الخ. جاءت في سورة البقرة آية 187: … وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل… . هناك سورة قرآنية باسم الشمس، التي بحرارتها تهب الحياة للأرض، وهي التي وضعها الخالق في كبد السماء ولم تنطفئ على مدى مليارات الأعوام، ويدور حولها كوكبنا وسائر الكواكب التي تسمى بالمجموعة الشمسية. وهناك أيضاً سورة أخرى باسم الطارق وهو نجم ثاقب، نجم مضيء؟ الخ. وهكذا هم المسيحيون في كنائسهم حيث تجد المقسي أو القس يحمل النار بيده وينثر عليها البخور ويدور بها على الجالسين تبركا. الطقس الآخر عند هؤلاء المسيحيين، تجدهم إبان إحياء سبت النور وانبثاق النار المقدسة من قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة بالقدس يقوموا بالاحتفال تبركاً وتقديراً لهذا الحدث؟. بما أن الشيء بالشيء يذكر، أن البخور كلمة كوردية خالصة 100% وهي مكونة من كلمتين “بۆ” تعني رائحة، عطر، و “خۆر” تعني تلتهم، أي: تلتهم الروائح الكريهة، تقضي على الروائح الكريهة. وفيما يتعلق بالنار، حتى أن الدين الأقدم من المسيحية والإسلام، أعني الدين اليهودي (العبري) هو الآخر اتخذ الشموع السبعة رمزاً له ولدولة إسرائيل التي تأسست عام 1948 بموافقة المجتمع الدولي (الأمم المتحدة). إلا أن الإنسان الكوردي سبق الجميع بإدراكه ومعرفته لأهمية النار التي تولد الحرارة والدفء، التي لا تقل أهمية عن المياه أن لم تكن أهم منها لإدامة الحياة، التي لولاها لا توجد حياة على كوكبنا بكل تفاصيلها، فلذا الإنسان الكوردي الإيزيدي الذي يعتنق الديانة التوحيدية يتوجه في صلاته نحو قرص الشمس التي هي عبارة عن براكين ملتهبة تبعث بحرارتها نحو الأرض وتمنحها الحياة. لأهمية هذا القرص الملتهب وضع الإيزيديون صورته على مدخل معبد لالش المقدس، ويبني الإيزيديون قبب مراقدهم على شكل أشعة الشمس، وقواعدها مربع الشكل كرمز لجهات العالم الأربع. عزيزي المتابع، تيمنناً باسم “گرکووک” الذي استنبط من بقعة النار الأزلية صار جزءً كبيراً من أرض جنوب كوردستان بدءً من كركوك نزولاً إلى خانقين، شهربان، جلولاء، وخسروآباد = سعدية، ورازرو = بلدروز، مندلي، بدرة، جصان، وزرواتيه = زرباطية الخ تعرف باسم “گرمیان” أي: المنطقة الدافئة أو المنطقة الحارة. وبخلافه شرق كوردستان (إيران) الذي يسمى عند الكورد بـ”كوردستاني كوێستان” أي: كوردستان الجبلية الباردة. كالعادة اقتبس العرب اسم “گرمیان” لكن بسبب فقدان اللغة العربية لحرف الـ”گ= G” قلبوه جيماً، ووضعوا له سابقة “با” حتى يناسب اللفظ العربي وقالوا: باجرمي؟. مثلما قلبوا قديماً اسم وطن الكورد من كُردي إلى بقردى؟ حيث قلبوا كافه قافاً وسبقوه بحرف الباء وهذا رسمه: “ب”.

دعونا الآن نرى كيف ومتى تم بناء كركوك (کەرکووک) من قبل الگوتيين الـ(جوتيين) الذين خرجوا من رحم الأمة الكوردية، وذلك من خلال شهادة الأكاديميين المعتبرة والمعتمدة في هذا المضمار كمراجع

وحجج علمية تدرس في الجامعات العالم ومعاهده. عزيزي القارئ الكريم، أنا كباحث تاريخي أريد أن يأخذ الموضوع بكل شفافية ومصداقية مداه الطبيعي،لأني لست قاضياً حتى أحكم، أنا أروي دون التحريف، ودون التلاعب بالصياغات اللفظية،أو بتأثير من أحد ما،أو جهة ما،أو أحاول تحريف البوصلة باتجاه ما كما فعل ويفعل المستوطنون العرب وغيرهم من الغرباء في كركوك،أعني بالمستوطنين أولئك الذين استقدمتهم الأنظمة العروبية العنصرية والطائفية الحاكمة في بغداد، وحولت بهم كركوك الطاهرة المقدسة إلى مكب للنفايات البشرية، الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا كالقراصنة المجرمين عندما استحوذوا ولازالوا يستحوذون دون وجه حق على دور ومحلات وأراضي الكورد في كركوك السليبة والمغتصبة من قبلهم وبدعم مالي واقتصادي وعسكري من قبل الأنظمة العراقية المتعاقبة في بغداد، وعندهم بعض شذاذ اللآفاق من مخلفات حزب البعث العنصري المجرم وغيرها يعتدي بكلام الحنجل والمنجل على حدود المنطق حين يبرر للمستوطنين الأوباش جرائمهم التي يندى لها جبين الإنسان.

01 06 2021

يتبع

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here