فقدان حس الدهشة

فقدان حس الدهشة

بقلم مهدي قاسم

مع أنه نحن معظم العراقيين نكاد أن نفقد حس الدهشة و الاستغراب ، دون أن يفاجئنا أي أمر جلل و ضراوة خطب ، وذلك بسبب مراحل متلاحقة من فظائع و كوارث رهيبة وخيبات متتالية بسلسلة سورياليات سوداء التي مررنا أو نمر بها الآن أيضا ، أقول بالرغم كل ذلك ،اضبط نفسي ،أحيانا ، متلبسا بدهشة صغيرة و عابرة ، متسائلا و على نحو :
ــ إذا إن شعبا ــ مثل الشعب العراقي ــ يحتوي ضّاما بين صفوفه كل هذه الاعداد الكبيرة و الفيالق الهائلة جدا من فاهمين وناصحين و ناقدين و إصلاحيين و واعظين ومحللين متنبئين وحلالي مشاكل وأزمات ” استراتيجيين ” ومثقفين كبارا ، وعارفين كل شيء كثارا ، فأين هو الخلل والعطب والعلل إذن ؟..
فلماذا بمجرد أن يكون الإصلاحي المعارض في السلطة فسرعان ما يتحول إلى”معارص ــ من ” معارصة ” ظالم ، فاسد ، خائن ،بشكل علني وفاضح قد تخجل منه حتى عاهرة عريقة ؟!..
ولكنه بمجرد أن يترك السلطة أو يُطرد، فيرجع معارضا إصلاحيا مجددا ومتشدقا ناريا ، مهددا بكشف الفساد والفاسدين ، طبعا دون أن يذكر حتى ولو اسما واحدا من أسماء الفاسدين الكبار و المعروفين الشّطار ..
فلنتصور ــ مثلا وليس حصرا ــ حجم المهزلة والصفاقة، التي قد تصل لحد السفالة :
ـــ إن مِمَن يعتبرون أنفسهم زعماء و قادة ” عراقيين يؤلفون ” كتبا ” عن مواقفهم الوطنية الكاذبة ، عن ” تصوراتهم ” المستقبلية حول عمليات إصلاح وتحديث وتطوير وتحسين مستوى عيش وخدمات ، ويوعدون بإنجازات مستقبليه حتمية أيضا ؟!!ّ، بعد 18 عاما من مراحل فشل وفساد ونهب منظم للمال العام ، وإهمال تخريبي متواصل جعل من العراق أفشل دولة بعد الصومال .
بالمناسبة : في السابق كنا نعاني من قلة الفاهمين والناقدين و المحللين والإصلاحيين ودعاة التغيير على ندرتهم ..
أما الآن فنعاني من كثرتهم الطافحة !..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here