فلسفة الاختصاص القضائي العالمي.. والزامية محاكمة قتلة المتظاهرين بالعراق..؟ الحلقه الثالثه والاخيره

فلسفة الاختصاص القضائي العالمي.. والزامية محاكمة قتلة المتظاهرين بالعراق..؟

الحلقه الثالثه والاخيره

بقلم
الدكتور جلال الزبيدي
أستاذ بالقانون العام بجامعات اليمن
والجزائر وليبيا
والسودان والعراق
سابقآ..

وعلى ضوء ماتقدم في الحلقه الاولى والثانيه من هذه الدراسه أنه يمكن لضحايا النزاعات المسلحه والجرائم ضد الانسانيه أو جرائم التعذيب والتغييب القسري لتحريك الدعوى القضائيه امام المحاكم الاجنبيه على اساس (مبدأ الاختصاص القضائي العالمي)الذي اكدته أتفاقيات جنيف الاربعه لعام 1949خاصة الاتفاقيه الأولى والثانيه وكذلك اشارت اليه الاتفاقيه الدوليه لمناهضة التعذيب لسنة1984 والعراق من الموقعين على هذه الاتفاقيه لمناهضة التعذيب ؟ وهكذا يمكن لقضاء دولة ثالثه ليست( دولة الجاني ولا دولة المجنى عليه ولادوله مكان وقوع الجريمه)ان يقوم قضائها بالتحقيق والمحاكمه على مثل هذه الجرائم بشرط وجود(الجاني) على اراضي هذه الدوله وأن تلتزم تشريعاتها (بنظام الاختصاص القضائي العالمي) لكن مع ذلك توجد معوقات سياسيه وقانونيه لتطبيق هذا النظام القضائي العالمي واهمها عدم قيام بعض الدول بتكييف تشريعاتها المحليه وتضمينها الاحكام الدستوريه والقانونيه لهذا النظام القضائي العالمي. حيث قامت فقط 110 دوله من مجموع الدول الاعضاء بالامم المتحده
من تضمين تشريعاتها المبادئ الاساسيه لهذا النظام القضائي العالمي؟ كما وددت الاشاره هنا وحسب احصائيات الامم المتحده انه هناك اكثر من 80 أتفاقيه دوليه تعني بالدفاع عن حقوق الانسان لم يتم التوقيع عليها من قبل الكثير من الدول الأعضاء بالأمم المتحده ويجري عن عمد تجاهلها.ويجب الاشاره ان مجلس الأمن الدولي اصدر تعميمآ في 1999 طالب فيه جميع الدول الاعضاء بالامم المتحده من تعديل تشريعاتها الوطنيه بحيث تتضمن الاحكام الاساسيه لمبدأ الاختصاص القضائي العالمي كوسيله ناجعه لمكافحة ظاهرة الافلات من العقاب..؟ وان الامين
العام للامم المتحده تقدم في8سبتمبر 1999 بنداء لجميع الدول الأعضاء بادماج قوانينها المحليه تطبيقآ للمسوغات الاساسيه لمبدأ الاختصاص القضائي العالمي حماية للمدنيين في اوقات النزاعات المسلحه وحماية لحقوق الانسان.وقد قامت أغلب دول الاتحاد الاوروبي بالاستجابه لذلك وتحفظت الولايات المتحده الامريكيه على ذلك..؟ وعلى ضوء ما تقدم ان مبدأ الاختصاص القضائي العالمي هو بالضروره القانونيه استثناء وخروج عن قاعدة اقليميه قانون العقوبات ولابل يشكل مرحله متقدمه تؤشر إلى عالميه القانون الجنائي وخروجه من الدائره المحليه الضيقه إلى العالميه للتصدي لتراخي القضاء المحلي في معالجه وملاحقة الكثير من الجرائم ضد الانسانيه ووقوفه أحيانآ متفرجآ على شلالات الدم كما هو الحال بالعراق وفي العديد من الدول العربيه الاخرى. هذا جانب وجانب اخر هو بسبب بيروقراطية وترهل القضاء الجنائي الدولي والذي لم يبادر ببسط ولايته القضائيه بشكل عادل في الكثير من جرائم الأباده الجماعيه والجرائم ضد الانسانيه كما هو في الحاله العراقيه التي استشهد وقتل في ساحاتها وبدم بارد اكثر من800 متظاهر سلمي. ولم يتحرك القضاء الدولي لمحاكمة القتله الذين قد يتحولون قريبآ إلى نواب في البرلمان العراقي القادم ويتمتعون بالحصانه البرلمانيه ظنآ منهم خطئآ بانها ستحميهم من الملاحقه القضائيه الدوليه..؟
وقد يتسأل البعض عن مدى جديه هذا الاختصاص القضائي العالمي. وهنا نشير وعلى سبيل المثال لا الحصر لبعض التطبيقات لهذا النظام القضائي حيث نجد ان القضاء الالماني فتح ابوابه للنظر في الشكاوي التي ترفع أمامه بخصوص الجرائم ضد الانسانيه والجرائم التي تشكل انتهاكآ للقانون الدولي الانساني وليس شرطآ ان يكون الجاني او المجني عليه من حملة الجنسيه الالمانيه وليس شرطآ ان جريمتهم وقعت في فوق الاراضي الالمانيه ولكن بالمقابل شرطآ ان يكون الجاني داخل الاراضي الالمانيه ليتسنى تقديم الشكوى القضائيه والتحقيق مع الجاني. وتكريسآ لهذه القاعده القضائيه انه تم في المانيا مابين عامي
2017-2019 ان قامت الوحده المتخصصه بجرائم الحرب105 وشرطتها القضائيه بالتحقيق بجرائم ارتكبت بالكونغو الديمقراطيه وسوريا وجنوب السودان والعراق ومالي وهذا وفقآ لوثيقه صادره عن هيئة التشريع الاتحاديه الالمانيه.
وايضآوليس بعيدآ قامت الشرطه اليونانيه بالقاء القبض على عراقي في اثينا بتهمة ارتكابه جرائم ارهابيه ضد الانسانيه في العراق وسوريا وأحالته للتحقيق ومحاكمته امام القضاء اليوناني.. كما وهددت دول أوروبيه عديده بالقاء القبض على الرئيس الايراني الحالي (رئيسي) بتهمة ارتكابه جرائم ضد الانسانيه في حالة قرر الحضور لمؤتمر المناخ العالمي حيث سيتم القاء القبض عليه.
كما اننا يجب ان لا ننسى الدعوى القضائيه التي رفعها 5 من العوائل العراقيه من ضحايا التظاهرات أمام القضاء الفرنسي في جرائم الأباده الجماعيه والجرائم ضد الانسانيه التي ارتكبها القاتل عادل عبد المهدي كونه رئيسآ للوزراء وقائدآ سابقآ للقوات المسلحة ووزير داخليته ضد المتظاهرين المدنيين بالعراق؟ خاصة وان عادل عبد المهدي درس واقام في فرنسا وله مصالح وارصده ماليه وعقاريه هامه فيها.اضافة ان فرنسا من الدول الداعمه لنظام الاختصاص القضائي العالمي اضافة كونها عضوآ موقعآ على أتفاقية روما للمحكمه الجنائيه الدوليه لعام1998.. ولا زال ذوي الضحايا ينتظرون صدور قرارآ ايجابيآ من الادعاء الفرنسي الخاص بحقوق الانسان لمباشرة التحقيق مع القاتل عادل عبد المهدي او إحالته في اسوء الاحوال للتحقيق امام محكمه الجنايات الدوليه بلاهاي كون فرنسا عضوآ مؤسسآ للمحكمه.
خاصة وان هذه الجرائم الدوليه ذات الطبيعه السياسيه والمناهضه لحقوق الانسان لاتسقط بالتقادم الزمني..
وأخيرآ يجب علينا ان لا نفرط كثيرآ بالتفاؤل على الرغم َمن وجود اربعة منابر قضائيه دوليه وهي:
اولا:محكمة العدل الدوليه
ثانيآ:المحكمه الجنائيه الدوليه في لاهاي
ثالثآ:المحاكم الجنائيه الدوليه الموقته تحت الفصل السابع لمجلس الامن الدولي
ورابعآ: نظام الاختصاص القضائي العالمي..؟
وسبب ذلك يعود اساسآ انه لا يوجد بالعالم (عداله قضائيه مطلقه) كما لا يوجد بالحياة القانونيه (قواعد قانونيه محايده)؟ لان فلسفة القانون تقول لنا أن القانون ليس أكثر من اجراء سياسي مكثف؟ بمعنى انه نتاج الطبقه السياسيه الحاكمه والمدافع الامين عن مصالحها الاقتصاديه والطبقيه..؟

ملاحظه هامه :
لمن يهمه الامر للحصول على دراسه فلسفة نظام الاختصاص القضائي العالمي.. (الحلقه الاولى والثانيه والثالثه) موجوده كامله على حسابي بالفيسبوك.. وبصحيفة صوت العراق الغراء

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here