ذكر موقع “المونيتور” الامريكي، يوم أمس، أن المحاولات العراقية لشراء اسلحة من تركيا تواجه عثـرات من بينها محاولة بغداد الحصول على تنازلات تركية في قضيتي المياه و”مكافحة الارهاب”، وهو ما لا تبدي أنقرة تجاوباً معه، بالاضافة الى الموقف الامريكي المتمثل بعقوباتها على تركيا.
وبالنسبة الى تركيا، قال تقرير “المونيتور”، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إنه كان من المثير ان يسعى العراق، المحاصر غالباً ما بين الولايات المتحدة وايران، للجوء الى أنقرة للحصول على الاسلحة التي يحتاجها لمحاربة تنظيم “داعش” وتعزيز قدراته الدفاعية في وقت تستعد واشنطن لإنهاء مهمتها القتالية في العراق.
وأشار التقرير إلى أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان كان حريصاً على تعزيز المبيعات العسكرية للمشترين الاجانب، لكن سياسته الخارجية كثيراً ما عرقلت طموحاته هذه، مضيفاً أن الاهتمام الدولي بالصناعة العسكرية التركية ازداد منذ الحرب الاذربيجانية الأرمنية على اقليم ناغورنو كاراباخ في العام الماضي، حيث تم وصف الطائرات المسيرة التركية من طراز “بيرقدار تي بي 2” بانها كانت اساسا بنجاح اذربيجان عسكريا في الحرب.
وذكر التقرير بأن العراق اعرب مؤخراً عن اهتمامه بشراء طائرات مسيرة من طراز “تي بي 2” وطوافات هجومية من تركيا، مشيراً إلى أن وزير الدفاع العراقي جمعة عناد اعلن في اواخر اغسطس/ آب ان بلاده توصلت الى تفاهم اولي مع أنقرة لشراء عدد غير محدد من الطائرات المسيرة هذه، وتقدمت بطلبات لشراء 12 طوافة من طراز “تي 129 آيه تي أيه كي”، وستة انظمة مخصصة للحرب الالكترونية من طراز “كورال”. وكان الوزير العراقي يتحدث بعد اجتماعه مع نظيره التركي خلوصي أكار في معرض دولي للصناعة العسكرية في اسطنبول. ونقل “المونيتور” عن مصدر تركي مطلع على المحادثات أن العراقيين اظهروا في بداية الامر اهتمامهم بشراء اسلحة تركية خلال زيارة الوزير أكار الى بغداد في يناير/كانون الثاني الماضي، لكنهم وفي الاجتماعات التي حدثت لاحقاً، قدموا ملفات اخرى على طاولة المفاوضات. وأشار المصدر إلى أن العراقيين طلبوا مقابل المشتريات العسكرية من تركيا، زيادة معدلات التدفق المائي في نهري دجلة والفرات التي تنبع من تركيا وتتدفق نحو العراق وسوريا، وطلبوا أيضاً انسحاب القوات التركية من قاعدة بعشيقة القريبة من الموصل.
ولفت التقرير إلى استياء العراق من توسع العمليات العسكرية التركية عبر الحدود ضد حزب العمال الكردستاني، الذي لجأ إلى جبال كردستان عبر الحدود، وانه برغم ان ملاحقة تركيا لحزب العمال عبر الحدود ليست جديدة، إلا أنها توسعت مؤخراً إلى ما وراء معسكرات حزب العمال على طول الحدود، لتصل إلى سنجار ومخمور.
وتابع أنه برغم احتجاجات العراق على العمليات العسكرية التركية، إلا أنها تدرك تماماً أنه لا يمكنها التأثير على أنقرة في هذه القضية ولم تطرحها كشرط.
ورأى “المونيتور”، أن أية تنازلات من جانب تركيا حول قضية المياه وسط نقص المياه في العراق ووجودها العسكري في بعشيقة، سيعني الكثير من النقاط المهمة بالنسبة الى بغداد في السياسة الداخلية.
ولفت التقرير إلى أنه رغم عدم امكانية استبعاد احتمال انسحاب تركيا من بعشيقة، إلا أن أنقرة رفضت جعل جهودها لمكافحة الارهاب مسألة خاضعة للمساومة، مضيفاً أن تركيا تظهر تردداً أيضاً في التعهد بكمية المياه التي تتدفق نحو العراق، مذكراً بأن أنقرة كانت تحاجج دائما منذ مدة طويلة بان نقص المياه في العراق مرتبط بنظام الري المتهالك في البلاد بالاضافة الى سوء ادارة المياه والى تراجع معدلات هطول الامطار.
لكن بموجب بروتوكول العام 1987 المتعلق بنهر الفرات مع سوريا، فإن تركيا مطالبة بالسماح بتدفق 500 متر مكعب في الثانية على الاقل من المياه الى سوريا، لكنها لم تلتزم باي التزام تجاه العراق على نهر دجلة. وتساهم تركيا بنسبة 40٪ فقط في تدفق مياه نهر دجلة، بينما يساهم العراق بنسبة 51٪ وايران بنسبة 9٪.
وفي ردٍ على سؤال حول الاسباب المرتبطة بقرار الحكومة العراقية اختيار الاسلحة التركية، نقل “المونيتور” عن المصدر المطلع قوله، إن ما قدمته طائرات “تي بي 2” المسيرة في اقليم ناغورنو كاراباخ لعب دوراً مهماً في القرار العراقي الذي ارتبط أيضاً بالآمال العراقية في الحصول على تنازلات بشأن القضايا الخلافية مع تركيا.
وأضاف المصدر، أن العراق يبحث عن جهات موردة بديلة لتخفيف اعتماده على الاسلحة والذخائر الامريكية، خصوصا بعد “المشاكل التي واجهها في تحديث طائراته من طراز اف-16” الامريكية.
ولفت التقرير إلى أن روسيا والصين وايران، ظهرت كموردين بديلين آخرين، لكن المصدر المطلع “اعرب عن استغرابه لأن الروس لم يبذلوا جهدا للقيام بدفعة قوية لإضافة البعد العسكري الى علاقاتهم مع العراق”.
وتابع أن “حرب ناغورنو كاراباخ وضعت خيار السلاح التركي في الواجهة”، مضيفاً أن “احتياجات العراق تتركز بشكل كبير على الانظمة والذخائر لاستخدامها في مكافحة الارهاب، وان ما يمكن أن تقدمه تركيا في هذا الصدد يبدو معقولا بالنسبة لهم”.
وقال المصدر، إنه “لم يظهر اي رد فعل محدد من واشنطن حتى الآن”، لكنه شدد على أن “النفوذ الامريكي سيؤثر بالتأكيد على قرار العراق النهائي ازاء المشتريات العسكرية”، مضيفاً “انهم ليسوا في وضع يمكنهم من ليّ ذراع امريكا”. ورجح التقرير أن “تكون واشنطن قلقة من خطر حصول الميليشيات الشيعية المرتبطة بايران على تقنيات الطائرات المسيرة المسلحة”.
وأضاف أن “الصناعة العسكرية التركية تواجه عواقب خطيرة بسبب الازمات السياسية مع واشنطن، بما في ذلك العقوبات الامريكية على شراء تركيا انظمة الدفاع الجوي الروسية “اس -400”.
ومن بين الصفقات العسكرية التركية التي تواجه تداعيات العقوبات الامريكية، أشار التقرير على سبيل المثال إلى “عقد بقيمة 1.5 مليار دولار مع باكستان لشراء 30 طوافة عسكرية تركية، كان قد جرى توقيعه في العام 2018 باعتباره اكبر صفقة تركية لبيع الاسلحة”، مبيناً أن “تركيا فشلت في تسليم الطوافات بسبب رفض واشنطن منح تراخيص تصدير للتقنيات الامريكية المستخدمة في صناعة الطائرات الحربية، بما في ذلك المحرك، وانه فيما وافقت باكستان على القبول بتمديد آخر لموعد التسليم في مارس/آذار، الا ان اسلام اباد قد تصل الى مرحلة اعادة النظر في عرض لشراء طوافات هجومية من الصين.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط