زواج الفصلية: لا مفر من الجحيم.. أنجبي أولاداً لتسلمي

تكون المرأة قرباناً لفضّ النزاعات في مدن ريفية ولدى كثير من القبائل والعشائر في العراق، تحت عرف “الفصليّة”، التي لا تملك قرارا بالاعتراض أو أية محاولة في النجاة من ذلك الحكم القبلي. الكثير ممن يقعن تحت مقصلة زواج “الفصلية”، يواجهن ظروفا معيشية سيئة. بعضهن لا تحتمل ذلك، فتلجأ الى الانتحار، بينما تتمكن اخريات من الهروب، لتبدأ رحلة ضياع جديدة، لكن الكثير منهن يتصالحن مع الجحيم الذي يملكن قدرة على تخفيف وطأته.

“الفصلية.. ليست كباقي النساء، انما يجب ان تتحول الى مرأة متجردة من الأحاسيس والمشاعر”، هكذا تعبّر سلمى عن ما تعيشه.

وتقول سلمى ـ اسم مستعار ـ إنها “حاولت الانتحار كثيراً. لم أعد أحتمل حياتي، لكنني خشيت من الله من هكذا مصير”.

وتضيف التي تركت منزل عائلتها وهي بعمر الـ ١٨ عاماً “الآن تجاوز عمري الاربعين، ولم اتمكن من زيارتهم ابداً، لان من شروط زيارة الفصلية لاهلها، ان تنجب اولاداً، وأنا لم أرزق بذلك للآن”. وتزوجت سلمى اخ شخص كان قد قتل على يد أحد أفراد عشيرتها، لكنها لم ترَ “غير الإذلال والاهانة. يعاملونني كأنني المجرمة، بينما القاتل الحقيقي يتنفس الهواء ويعيش حياة حرة”.

يقول محمد بسام، ان هذه “العادات والتقاليد اندثرت قبل سنين، بخاصة في عقد السبعينيات والثمانينيات إلا أنها عادت بوتيرة متسارعة بعد العام ٢٠٠٣، في ظل غياب القانون والرادع الديني أو المجتمعي”.

فيما ينتقد عمار احمد تلك الأعراف القبلية بشدة، قائلا: “ما تقوم به بعض العشائر، لا يختلف عن ما يفعله داعش من سبي للنساء والاغتصاب والقتل. هناك فرق في التسمية فقط”، معتبرا تلك الممارسات أنها تدلل على أن “فاعلها لا يزال يعيش في عصر جاهلي”. ويأمل أحمد في حديثه أن تكون هناك “قوانين رادعة لحماية المجتمع من الرجعية”.

لكن المحامية الحقوقية تقى عامر تجد أنه “في ظلّ الانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد، أصبح القانون العراقي ضعيفا وعاجزاً عن التدخل في هذه الممارسات غير القانونية”.

وفي مقابل ذلك، تلاحظ تقى أثناء حديثها أن “العشائر استغلت ضعف الدولة، وقامت بتعزيز نفوذها، فيما عملت الحكومة على غض النظر عنها”، مشيرة الى ان “كثيرا من العشائر تقوم بابتزاز حياة الكثير من الناس واخذ بناتهم مقابل حقن الدماء او انهاء النزاع”، بحسب قولها. وتعد عامر استمرار حالات زواج الفصلية “مؤشراً على ضعف الدولة”.

فيما عبّرت يسرى عباس، الباحثة المتخصصة في العلوم النفسية، ان زواج الفصلية “نوع من أنواع التعذيب النفسي؛ فالمرأة تتحمل العنف والخذلان من الجميع، فضلاً عن تحمّلها للذل والاهانة، وهذا قد يدفعها لانهاء حياتها”.

وتقول عباس انه “يجب القضاء على تلك الممارسات، عبر سن قوانين تحد من هذه الظاهرة”، لافتة الى ضرورة “الإسراع في تشريع قانون العنف الأسري من قبل البرلمان، والعمل على تثقيف المجتمع وتوعيته، سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي ام الاعلام”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here