الكراسي والجغرافية والتأريخ!!

الكراسي المتسلطة على مصير المجتمعات في المنطقة , تتمتع بأمية جغرافية وتأريخية للدولة التي تتسلط فيها , فلا يوجد مَن سينجح بإمتحان الجغرافية والتأريخ للبلد الذي هو فيه.

وهذه عاهة كبيرة مؤثرة في السلوك العام للكراسي بأنواعها , فعندما تجهل جغرافية المكان وتأريخه , فستكون كالغريب فيه , وتتصرف مقطوعا عنه , ورؤيتك ستصبح أنانية وعدوانية لأنك لا تفهم محيطك , ولا تدرك المجال الذي تتحرك فيه , فتصاب بالتوجسات والشكوك وتنتكس إلى الإستجابات الدونية , الخالية من الوعي والقدرة على التقدير والتقييم والفهم.

ومن المعروف أن القادة والزعماء الذين إنتقلوا بمجتمعاتهم إلى آفاق متنورة ومتطورة , هم الذين إستوعبوا جغرافية وتأريخ الوطن الذي حكموا فيه.

ويأتي في مقدمة هؤلاء الرئيس الصيني (ماو) الذي كان مستوعبا لجغرافية وتأريخ الصين ومدمنا على القراءة , ومن أمثاله قادة أفذاذ إنتقلوا بحياة شعوبهم إلى مصاف الدول المتقدمة , كما في دول شرق آسيا , وغيرها.

وفي مجتمعاتنا لا يوجد مَن إستوعب تأريخ يلاده وجغرافيتها , وتفاعل مع المجتمع بإرادة وطنية ذات قيمة حضارية , وإنما الحالة تتكرر ولا تتغير , ويكون الجالس في الكرسي كالمراهق المنفعل , الذي لا يعنيه سوى الدفاع عن موضعه والنيل من خصمه , والإنقضاض الشرس على مَن يتقدم نحوه.

أما البلاد والعباد فأمورها لا تعنيه , لأنه يجهلها ولا يفهم ما يدور فيها , بل لا يعرف الرقعة التي يفرض سلطاته عليها.

وبهذا الجهل يعم الفساد وتنفرط المعاني القيم , وتتمزق اللحمة الوطنية , وتنتفي المصالح المشتركة , ويبدو الواقع متوحلا بالصراعات الدامية , التي بموجبها يتمكن الجاهل ببلاده أن يحكم ويتأسد إلى حين.

ولا يمكن لنظام حكم أن يقدّمَ خيراً لبلاده إن لم يستوعبه جغرافيا وتأريخيا , وبدون هذا الفهم والوعي الموضوعي الواقعي , فأن البلاد تبقى محطوبة في سعيرات التداعيات الحامية الوطيس.

فهل من فهم لتأريخ وجغرافية المكان يا كراسي؟!!

د-صادق السامرائي

14\12\2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here