كشفهم بريمر وأزال كل براقعهم واقنعتهم المسؤولين والمتخاذلين

الباحث الدكتور جعفر القزويني

كشفهم بريمر وأزال كل براقعهم واقنعتهم المسؤولين والمتخاذلين  وكيف تبرعموا ونسوا انبطاحاتهم وتنازلاتهم افندية ومعممين وغطاسين وراكبي الموج وكيف تأقلموا من زوري الى حيتان واخطبوطات وكان يصفهم في حكومات الاحتلال المتعاقبة بالكذابين واللصوص والذئاب المسعورة !!!

ماحال المتسولون من

كشفت صحيفة امريكية النقاب عن الوصايا والنصائح التي اسداها (بول بريمر) الحاكم المدني الأمريكي للعراق الى (جون نيغرو بونتي) قبيل التحاقه سفيرا للولايات المتحدة في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد. وأوضحت صحيفة “الواشنطن بوست” ان (بريمر) طلب من الدبلوماسي (نيغرو بونتي) ان يدوّن بعض النصائح في مفكرته الشخصية، بينها كيفية التعاطي مع الذين أوكلت إليهم واشنطن إدارة العملية السياسية في العراق نيابة عنها .. مشيرة الى ان (بريمر) حذر (نيغروبونتي) من أن يثق بالذين اختارتهم امريكا لان نصفهم كذابون والنصف الاخر لصوص.

ونقلت الصحيفة عن (بريمر) قوله “ان الذين جيء بهم لحكم العراق مخاتلون لا يفصحون عما يريدون ويختبؤون وراء اقنعة مضللة وانهم يتظاهرون بالطيبة واللياقة والبساطة والورع والتقوى وهم في الحقيقة على النقيض من ذلك تماما فالصفات الغالبة عندهم هي الوقاحة وإنعدام الحياء” .. موضحا في تحذيره لـ(نيغروبونتي) ان ذئبا مسعورة يوجد تحت جلد هؤلاء ـ الذين يبدون في الظاهر حميمين وأليفين ـ لا يترددون في قضم عظام أمهاتهم وآبائهم ووطنهم الذي يأويهم.

واكد (بريمر) ان هؤلاء جميعا سواء الذين تهافتوا على الفتات أو الذين تم اختيارهم من بلدان العالم، هم من المرتزقة وان ولاؤهم الاول والوحيد لانفسهم .. مشيرا الى ان هؤلاء حاذقون في فن الاحتيال وماكرون كالثعالب دون ان ينكر بأن امريكا هي من شجعتهم على ان يكونوا سياسيين بألف وجه.

وقال بريمر “ان نيغرو بونتي سيكتشف بان هؤلاء يريدون من الامريكان أن لا يرحلوا عن العراق ويتمنون أن يتواجد جنودهم في كل شارع وحي وزقاق وأن يقيموا القواعد العسكرية في كل مدينة، وهم مستعدون أن يحولوا قصورهم ومزارعهم التي حصلوا عليها إلى ثكنات دائمية للقوات الامريكية، لأنها الضمانة الوحيدة لاستمرارهم على رأس السلطة، وهي الوسيلة المتوفرة لبقائهم على قيد الحياة، لذلك تجد أن هذه النفوس يتملكها الرعب ويسكنها الخوف المميت لانها تعيش هاجسا مرضيا هو فوبيا انسحاب القوات الأمريكية من العراق في المستقبل، وقد أصبح التشبث ببقاء تلك القوات أحد أهم محاور السياسة الخارجية لجمهورية المنطقة الخضراء”.

وخلص (بول بريمر) في ختام نصائحه لـ(جون نيغرو بونتي) الى القول “ان هؤلاء يجيدون صناعة الكلام المزوّق وضروب الثرثرة الجوفاء، ما يجعل المتلقي في حيرة من أمره، وهم في الأحوال كلها بلداء وثقلاء ليس بوسع أحد منهم أن يحقق حضوراً حتى بين أوساط زملائه وأصحابه المقربين”….

يؤمنون أن الاحتيال على الناس ذكاء، وأن تسويف الوعود شطارة، والاستحواذ على أموال الغير واغتصاب ممتلكات المواطنين غنائم حرب، لذلك هم شرهون بإفراط تقودهم غرائزية وضيعة، وستجد أن كبيرهم، كما صغيرهم، دجالون ومنافقون، المعمم الصعلوك والعلماني المتبختر سواء بسواء، وشهيتهم مفتوحة على كل شيء، الأموال العامة والأطيان، واقتناء القصور، والعربدة المجنونة، يتهالكون على الصغائر والفتات بكل دناءة وامتهان.

وبالرغم من كل المحاذير والمخاوف فإياك أن تفرط بأي منهم لأنهم الأقرب إلى مشروعنا فكراً وسلوكاً، وضمانةً مؤكدة، لإنجاز مهماتنا في المرحلة الراهنة، وأن حاجتنا لخدماتهم طبقاً لاستراتيجية الولايات المتحدة، لازالت قائمة وقد تمتد إلى سنوات اخرى قبل أن يحين تاريخ انتهاء صلاحيتهم الافتراضية، بوصفهم (مادة استعمالية مؤقتة) لم يحن وقت رميها أو إهمالها بعد..    

هنالك فجوة زمنية بين السياسيين والشعب العراقي، هذه الفجوة ولدت نتيجة وجود جميع السياسيين الذين يحكمون العراق ألان في خارج العراق، فلا تستطيع الحكومة العراقية تلبية

أو حتى معرفة متطلبات الشعب العراقي فهم ألان يحكمون في بلد غير بلدهم الذي عاشوا وتربوا فيه واكتسبوا منه عاداتهم وسلوكياتهم الاجتماعية، وهذه الشهادات التي يحملونها لا تعني ثقافة الشخص وليس دليل على فهم المجتمع وإحاطة بجميع متطلباته، وهم منذ ثماني سنوات يحاولون بكافة طاقاتهم توفير جو مناسب للشعب العراقي، ولكنهم للأسف فشلوا في فهم الفرد العراقي فاستخدموا آلية قذرة هي الوعود الكاذبة التي يطرحها المسؤول هنا وهنالك، بدون حساب على هذا الكلام، وإنما هي حبوب مخدرة للشعب من اجل السكوت والانتظار والغريب أن هذا المسؤول لا يحاسب على هذه الوعود التي يطلقها وإنما تعطى امتيازات إلى الشخص الذي يستطيع خداع الشعب العراقي من خلال وعودة، ومن هذا الامتياز أعطى بعض لجان البرلمان العراقي إلى أشخاص كثيري الكلام قليلي الفعل، عسى أن يستمر هذا المسؤول في التمسك في كرسيه من خلال الكذب والوعود لأنه كما يعتقد إن الشعب العراقي شعب بسيط (غبي) يمكن خداعة بسهوله، وللأسف اعتقد بسكوتنا أننا انخدعنا  .

 عندما دخل الاسكندر المقدوني إلى العراق كتب إلى أستاذه ارسطو طاليس كتاب يقول فيه (لقد أعياني أهل العراق، ما أجريت عليهم حيلة إلا ووجدتهم قد سبقوني في التخلص منها، فلا استطيع الإيقاع بهم، ولا حيلة لي معهم ألا قتلهم عن أخرهم) . فإجابة ارسطو طاليس قائلاً (لا خير لك في أن تقتلهم، لو أفنيتهم جميعاً، فهل تقدر على الهواء الذي غذى طباعهم وخصهم بهذا الذكاء ؟ فان ماتوا على أخرهم ظهر في موضعهم من يشاكلهم فكأنك لم تصنع شيئاً) .

إما الجاحظ يقول في أهل العراق (أن العلة في عصيان أهل العراق على الأمراء هي أنهم أهل نظر وفطنة ثاقبة، ومع النظر والفطنة يكون التنقيب والبحث،ومع التنقيب والبحث يكون الطعن والقدح والترجيح بين الرجال والتميز بين الرؤساء وإظهار عيوب الأمراء) .

هذه وغيرها من الأمثلة تؤكد إن الشعب العراقي لا يمكن خداعه وان هذا السكوت هو عبارة عن قنبلة موقوتة سوف تنفجر في وجوه السياسيين الذي جعل من العراق بلد متخلف بما تحمل هذه الكلمة من معاني عدة، ولكنهم لا يعرفون بان العراقي حتى ولو كان جاهل من الجانب العلمي فانك تجده سياسي محنك يحلل لك الوضع السياسي وكأنما يمتلك ذخيرة علمية في التحليل السياسي، فأنت تحت موس الحلاق أو وأنت تشتري الخضروات تثار القضايا السياسية وتجد هذا الشخص يقوم بتحليل الوضع السياسي وكأنك إمام محلل سياسي من الطراز الرفيع، هذا ما فرضه علينا الواقع الاجتماعي والسياسي في العراق، وهذه الحالة ليست ولديه الساعة وإنما هي عادة قديمة يتصف بها أهل العراق، عندما تشاهد الأفلام القديمة أو المسلسلات العراقية تجد إن الفرد العراقي قرب جهاز الراديو يستمع إلى أخر الإخبار بينما يستمع الفرد العربي إلى أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ولذلك تجد الفرد العراقي يتذمر من الوضع الذي يوجد فيه، طبيعة الإنسان إن لا يتذمر من شي إلا إذا كان عارفاً بحقوقه .

إذن، ليس بمقدور احد إن يخدع المواطن العراقي ويجره من إذنه كم يجر الخروف، ولكن يمكن أن يصبر ولكن ليس طويلاً يقول المثل العراقي (إن الكريم إذا خدعته أنخدع) ولكن هذه الحالة لا يمكن إن تستمر وسوف يكشف الضباب عن حقيقة السياسيين الذين يحكمون ألان، عندها لن يجدوا المركبة التي تقلهم للهرب .

لم تحقق الحكومة التي ولدت في رحم الاحتلال في تلبيه احتياجات المواطن البسيطة، رغم المليارات الدولارات التي تصرف سنوياً، قد كشفت العقد السابق فشل الحكومة في جميع النواحي الأمنية والخدمية، قدم الشعب العراقي في السنوات السابقة ثمن لفشل الحكومة العراقي أرواح المئات من شباب والأطفال والنساء حتى أصبح الموت مألوفا بحيث أن الناس صاروا يدفنون اقرب الناس أليهم دون اكترث كأنهم اعتادوا على ذلك، ونحن نسمع كل يوم العشرات من عربات الموت التي تهز مدن العراق بدون وضع حلول منذ ما يقارب التسع سنوات، وها هو الإرهاب صاحب اليد العليا في العراق، بعدما أيقن الإرهاب فشل هذه الحكومة ليجعل من العراق ساحة لتصفية الحسابات الطائفية، وهو كل يوم يوجه رسالة إلى العالم بان القاعدة ما زالت قوية ولكن الإرهاب لا يعرف بان هذا ليس دليل على قوة القاعدة وإنما دليلاً على فشل وضعف الأجهزة الأمنية وانتشار الفساد في أهم مؤسسة حكومية، ونحن نسمع كل يوم فرار العشرات من مرتكبي الجرائم بحق العراقيين من السجون التي تمتلك كادر يقدر بالمئات وبأحدث الأجهزة ولكن ما زلنا نسمع حكايات الهروب كل يوم

بينما نسمع في كل يوم تخرج العشرات من المظاهرات في بغداد والعديد من المحافظات المنكوبة، ولكن صرخاتهم لا يسمع لها سوى صداها لدى الحكومة، وكأنما هذه الاعتصامات والمظاهرات لا تعني لهم شي ليصبح الشرطي هو المتحكم في المتظاهرين ويطلق النار عليهم ليقتل من يشاء ويصيب من يشاء، والغريب أن هذا الشرطي الغير مثقف والغير واعي لا يفهم أن هذه المظاهرة هي من اجل أن يعيش أولادة في سلام، وان يحظى بالاحترام بين اقرأنه في العالم، ولكن للأسف لا يعي هذا الشرطي هذه النتائج وإنما يبحث عن الشكر من القائدة الذي يجلس خلف مكتبه ويعطي الأوامر إلى حاشيته من الجنود، وكأنما يخيف العراقيين بالرصاصة التي يطلقها وهو لا يعرف أن الثورة وقودها دماء الشهداء،وان ما حصل في محافظة نينوى من ضرب القوات الأمنية لبعض المواطنين العزل أن هو ألا خرق كبير للدستور العراقي وحقوق الإنسان هذه الفاجعة التي تحز في نفس كل عراقي غيور وهو يرى جندي (حقير) يضرب المواطنين وهو يبتسم إلى الكاميرا التي يريد بها الافتخار إمام أسيادة لأنه عبد يتعامل كل الحيوان بدون ضمير وهو يضرب الشباب والكهول ويتبسم وكأنما انتصر في معركة على أعداء،ها هي الحكومة تتحصن بحصن من الجهلاء الذين لا يعرفون ابسط حقوق المواطن، وأبشع ما ارتكبته الحكومة في العراق وهي ألان تتحمل النتائج  جعل هذا الجيش الذي يحمي الفرد العراقي والوطن (جيش جاهل) من الجانب التعليمي حتى أن البعض لا يجيد القراءة والكتابة، في التعيينات الأخيرة التي فتحت في وزارة الدفاع، كان من ضمن الموجودين في صفوف الملايين أصحاب شهادات البكالوريوس والدبلوم ليتطوع كجندي بعدما فقد فرصة في تعينه على احد دوائر الدولة، لان التعيينات خاصة إلى الأحزاب هولاء ليس من الحزب الفلاني، خرج شخص برتبة عالية ورفض اخذ معاملات أصحاب الشهادات العالية ومنعهم من التقديم وقال لهم (أن الجيش للفاشلين وانتم لست فاشلين)، رغم استياء البعض ولكن هذا الكلام يحمل شي من المنطقية .

ها هي الحكومة ألان لا تستمع إلى مطالب الشعب العراقي البسيطة ولكن سوف تستمع إلى مطلبنا، مصر مظاهراتهم كانت سلمية ومطالبهم شرعية

والشباب الذي سحقتهم الظروف ونقص في التعيينات يتظاهر من اجل توفير فرصة عمل، لم يستمع أليها حسني مبارك ليطالبوه بالتنحي عن السلطة، وعندها استمع حسني إلى مطالبهم ولكن بعد فوات الأوان، لينتقل إلى دولة عربية ذليل، رغم مسيرته النضالية الطويلة، فكيف انتم الذين لم نسمع بكم إلا بعد دخول الاحتلال إلى بغداد كيف سوف يكون مصيركم، والوقت اليوم لكم ولكن غدا ليس لكم فعملوا في اليوم الذي لكم حتى لا يضيع عملكم في اليوم الذي ليس لكم، يقول اباذر الغفاري (لا تتعجب من رجل دخل البيت ولم يجد الطعام فشهر سيفه) .

لقد صدق بول بريمر الحاكم المدني للعراق في مذكراته عندما قال:::لم نجد شخصية عراقية أمينة ووطنية تحكم العراق بعد سقوط صدام) .

كل يوم والشعب العراقي يفقد شي من مميزاته فبعدما فقد نفطه وحقوقه أصبح ألان يفقد كرامته وعزته وغيرته هذه الصفة التي لو فقد كل شي لما فقدها العراقي ولذلك يسمى في العامية (أبو الغيرة العراقي) ولكن للأسف انزل الزمان رأس العراقي إلى الأرض والله أقول هذه الكلمات والقلب يجرح بسكين الألم على ما يمر به العراق وعلى المشاهد التي تعرض كل يوم وجنود يهتكون به حرم العراقيين بدون معاقبة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here