كيف تصبح مترجما محترفا؟

كيف تصبح مترجما محترفا؟
ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد – كلية شط العرب الجامعة – البصرة
تأليف: موقع (دي ترانسليشن) Day Translations

من الطبيعي أن تكون أحدى متطلبات الترجمة الأحترافية أتقان مالايقل عن لغتين أضافة الى اللغة الأم التي يتحدث بها المترجم. وتحتاج الترجمة الى مهارات كثيرة حيث يتعين على المترجم أن يكون ذكيا ومحبا للأطلاع والتعلم من الناحية المعرفية ومتفتح الذهن وأن مستوى تلك المهارات يجب أن يكون متقدما للغاية.
أن صناعة الخدمات اللغوية (الترجمة) تتصف بضخامتها وبكونها لاتتأثر بالركود الأقتصادي ، ففي عام 2017 بلغت العائدات المالية الدولية لصناعة اللغة نحو 43.08 مليار دولار ومن المؤمل أن تصل العائدات الى نحو 47.46 مليار دولار في عام 2021.ومن المتوقع ان تنمو هذه الصناعة بثبات وهذا يعني ان أمكانية التوظيف في حقل العمل هذا مرتفع على الدوام.
وتعمل في الولايات المتحدة أكثر من 3 آلاف شركة أو وكالة لتقديم الخدمات اللغوية LSPs يعمل بها أكثر من 5 آلاف مترجم محترف بين الترجمة المكتوبة والترجمة الفورية وفي مهن أخرى ذات صلة بهذه الصناعة. والبلدان الأخرى التي تضم تلك الجهات النشيطة في مجال تقديم الخدمات اللغوية في عام 2016 هي بريطانيا وفرنسا والصين وأيطاليا واليابان ولوكسمبيرج والسويد وجمهورية التشيك.
وتتسم المنافسة في ميدان الترجمة بشدتها ويصدق ذلك أيضا على المترجمين لأن عدد المترجمين المحترفين محدود للغاية مقارنة بحاجة السوق لخدماتهم. فأذا كان المرء يتحدث لغة أخرى غير لغته الأم وله أهتمام واضح باللغات الأجنبية وثقافاتها فأنه ربما يسعى لأن يكون مترجما. والعمل الترجمي له مردودات كثيرة وهو يفي بالعديد من المتطلبات فبعيدا عن الفوائد المالية تتيح الترجمة الفرصة لتعزيز التفاهم بين الناس وأتاحة الفرصة للمزيد من القراء لقراءة الأعمال الأدبية فضلا عن تسهيل عملية التواصل بشكل عام.

دور القراءة في أحتراف الترجمة
لايعتبر طريق الترجمة ممهدا أو سهلا مثل طريق أية مهنة أخرى لأن السير فيه يقتضي توفر الأخلاص والمثابرة والحب الصادق للغات فالمترجم يحتاج الى التعليم الصحيح والمهارات المناسبة وفق الآتي:
1. المهارات اللغوية
لاشك أن المهارة الأولى التي يحتاجها المترجم تتعلق باللغة وعلى راسها الأتقان الكامل للغة الأصلية أو اللغة التي تترجم منها أضافة الى اللغة التي يترجم أليها ، كما يتعين عليه أن يكون كاتبا بارعا في اللغة التي يترجم أليها فالقليل من الناس يتمكن من الترجمة الى لغة هي ليست لغتهم ألأم.من هنا نلاحظ أن معظم الشركات تأخذ في الحسبان متحدثي اللغة الأصليين لدى التعاطي مع الترجمة الأحترافية. ثم أن الأقامة في بلد ما أو في الأقل تمضية معظم أيام السنة فيه ، حيث يتحدث باللغة الأصلية ، سوف تساعد على تحسين الأداء والكفاءة بهذه اللغة. لذا تتجه معظم الشركات ألى أعتبار ذلك أمرا ملزما.
أذا كنت ترغب في أنتهاج الترجمة الأحترافية فأنه يتعين عليك أن تحسن الكتابة كثيرا وأن تفهم النص الأصلي ولديك السيطرة على المفردات اللغوية والقواعد وأن تتمكن بشكل لافت من أستخدام التعبيرات الأصطلاحية لضمان حسن التعبير وكذلك التعبير عن المعنى المقصود بدقة وأحكام. ولابد أيضا من أتقان اللغة الهدف مع أطلاع مناسب على اللهجات المختلفة وعلامات الترقيم والقواعداللغوية والبديهيات والتعبيرات العامية المختلفة والأساليب واللغة الأصطلاحية لجماعة ما jargon وما يرتبط بها من تعبيرات ملطفة.
2. مهارات أستخدام الكمبيوتر
لابد أن يتحلى المترجم بمهارات كومبيوتر مناسبة، أما أذا توسعت معرفته ببرامج الكومبيوتر العديدة مثل MS Office وبرامج النشر المكتبي desktop publishing والفوتوشوب و InDesign فأنه لابد أن يتميز عن غيره لأن هناك وظائف ترجمية تعتمد على مثل هذه التطبيقات. ثم أن مثل هذه التطبيقات سوف تعمل على تحسين الكفاءة وهذا يزيد من فرص الحصول على عمل يناسب مهارة المترجم. كما يحتاج المترجم ايضا أن يحسن استخدام أدوات الترجمة التي تستعين بالكومبيوتر CAT ، كما أن معرفة التعامل مع لغة تاثير النصوص التشعبية HTML يمثل مزية مضافة للمترجم لكنها لاتشكل متطلبا للعمل. ولابد أن يكون المترجم متمكنا من مهارات الطباعة لكونه يتعاطى مع الوثائق المكتوبة فأذا بلغت سرعة طباعته ودقتها أعلى من المتوسط فأن ذلك سوف يساعده كثيرا.
3. المهارات التجارية
يعمل الكثير من المترجمين في وقتنا الحاضر بصفة كتاب مستقلين غير مرتبطين بأعمال رسمية مما يتطلب توفر شيء من الفطنة التجارية. فعلى سبيل المثال يتعين أن تكون لديك بعض المعرفة بالتسويق والمبيعات ليتسنى لك اقامة شبكة وتسويق نفسك ومن ثم الحصول على وظائف في مجال الترجمة. وعليك أيضا ان تنمي قدرتك على الثبات لوجود منافسة شديدة بين المترجمين الذين يمتهنون العمل الحر. وعليك أيضا ان تكون دقيقا في الألتزام بالمواعيد ومنظما.
كيف تصبح مترجما متمرسا؟
أذا شئت ان تختار طريق الترجمة فعليك أن تخطو الخطوات الآتية:
1. الحصول على التعليم
أن تمكنك من أتقان لغتين في الأقل لايكفي بأن تكون مترجما ناجحا فعليك أن تطّلع على (دراسات الترجمة) translation studies لتصبح مترجما ، فعلي سبيل المثال ربما يلتحق خريج الدراسة الأعدادية بدورات عن الكتابة والأستيعاب واللغات الأجنبية. والكثير من حملة شهادة البكالوريوس ربما يتخصصون بلغة محددة. وهذا الأمر ينطبق على المترجمين أيضا، فالكثير منهم في وقتنا الحاضر يختصون في حقول معرفية معينة مثل الأعمال والفنون وفي الترجمة القانونية أو الطبية أو الصيدلانية أو المالية وغيرها وهم يستثمرون الثنائية اللغوية التي يتصفون بها وسنوات الخبرة في ممارسة مهنتهم ليصبحوا مترجمين وهم في الوقت ذاته خبراء في المادة التي يترجمونها.
2. الحصول على شهادات مهنية
بعد تحقيق متطلب التعليم والأرتقاء بالمهارات يصبح لزاما على المترجم أن يسعى للحصول على شهادة دراسية أو أجازة مهنية ليدخل بعدها الى ميدان الترجمة. أن الحصول على الشهادة دليل على أن المترجم يمتلك المهارات المطلوبة للترجمة على المستوى الأحترافي. وبأمكان المترجم أن يحصل على شهادة عليا في الترجمة أو يسعى للحصول على شهادات مهنية من الكليات والجامعات المنتشرة في الولايات المتحدة حيث تقوم جمعية المترجمين الأمريكية ATA بأعداد برامج خاصة بتاهيل المترجمين. وأذا كنت مترجما أختصاصيا بالترجمة القانونية مثلا فيمكنك الألتحاق بالجمعية الوطنية للمترجمين والمترجمين الفوريين القانونيين ، كما توجد برامج معتمدة في الترجمة في العديد من الولايات الأمريكية. ورغم أن الشهادة في الولايات المتحدة لاتعتبر متطلبا الزاميا فأنها مع ذلك تعتبر أمرا ايجابيا لخوض غمار عالم الترجمة.
3. أجتياز أختبار الكفاءة اللغوية
بمقدور المترجم أن يعزز سيرته الذاتية من خلال أجتياز أختبار الكفاءة اللغوية لأن مثل هذا الأمر يقدم دليلا على أن المترجم المعني متمكن جدا من اللغات التي يتحدث بها. في هذا الشأن تقوم العديد من المنظمات والكليات والكثير من شركات الترجمة بتنظيم أختبارات كفاءة لغوية.
4. أكتساب خبرة عملية
تمثل الخبرة العملية اهمية خاصة للمترجمين المبتدئين. وبهدف تعميق مثل هذه الخبرة يمكن للمترجم أن يبدأ عمله متدربا ومن ثم تتراكم خبراته حيث يواجه المترجم تعقيدات عملية الترجمة والأعمال. من هنا ينظر الى الخبرة بأعتبارها أمرا جوهريا أذا كانت تحدوك الرغبة في أن تصبح مترجما. والمترجم يحتاج الى الخبرة ليس للأرتقاء بمهاراته الترجمية فحسب أنما تمكينه من أنتاج عينات ترجمية خاصة به يمكن أطلاع الزبائن عليها مستقبلا فضلا عن توصيات وربما وظيفة منتظمة.
5. تسويق النفس
تعتبر عملية تسويق عمل المترجم أمرا مهما أذا تم أختيار العمل الحر في الترجمة أو حتى اذا اخترت وظيفة مترجم دائمة. أبحث عن الشركات والمنظمات والوكالات الحكومية والمستشفيات والعيادات الطبية وجهات تقديم الخدمات اللغوية التي ربما تبحث عن مترجمين. وبمقدور المترجم أن يستحدث موقعا الكترونيا ويكتب مدونات وينضم الى جماعات المترجمين المحترفين عبر الأنترنت ومن ثم يشرع في أنشاء الشبكة الخاصة به. ويفضل كثيرا ان تكون لدى المترجم نسخ جاهزة من سيرة حياته الموجزة resumeلأن الحصول على وظيفة ما ربما يصل في أي وقت.,من المهم أيضا ان يتم تحديد أسعار تنافسية للترجمة تتناسب وأنماط الترجمة المختلفة. وبأمكان المترجم أن يسأل المترجمين غير المرتبطين بوظائف ثابتة والموجودين معه على شبكة الأنترنت عن أجور الترجمة التي يتقاضونها.

6. مواصلة التعلّم
مع تراكم الخبرة الترجمية في طريق الوصول الى الترجمة الأحترافية من الضروري جدا أن يحدّث المترجم معلوماته عن توجهات الترجمة في ظل أستخدام التكنولوجيا الحديثة ومتابعة التطورات ذات الصلة بحقل الترجمة. ومن المهم أيضا مواصلة عملية التعلم وهو أمر نلاحظه لدى الكثير من المترجمين الذين يواصلون تعلمهم ويتميزون عن أقرانهم بل أن عددا منهم يحصلون على شهادة الماجستير في الترجمة لتحسين تسويق أنفسهم. أن التعلم المتواصل يفسح المجال أما في الأختصاص بنمط ترجمي محدد أو تنوع الأهتمامات الترجمية. والتميز في العمل امر ضروري وهو أمر يتحقق من خلال السعي لتحسين مهنة الترجمة. كما يتعين تطوير جوانب أخرى تساعد على تطوير المهنة وتدفع بالمترجم نحو الأحتراف في أطار السعي في أن يكون المترجم بارعا. ورغم أن مثل تلك الجوانب لاتمثل متطلبات جوهرية للعمل الترجمي لكنها مع ذلك عادات جديرة بالأهتمام يمكن مراعاتها في ضوء التأهيل المتواصل.
7. توسيع المعرفة بالترجمة
أذا رغبت الأختصاص في أحد فروع الترجمة فأنه يتعين عليك أن تحدّث معلوماتك عن الموضوع حيث أن متابعة التطورات والأتجاهات والتعليمات الخاصة بذلك الأختصاص سوف تجعل المترجم يقف على ارض صلبة. ويلاحظ في هذا السياق أن التعبيرات تغيّر معانيها ولابد من نقل العمليات بوضوح تام. أن العمل على ترجمة موضوع محدد يقتضي توفر معرفة تامة بكل من اللغة والموضوع ذاته مما يحتم عليك تحسين مهارتك البحثية.
سمات المترجم الناجح
1. المرونة
يتعين على المترجم المقتدر أن يهتم بالأجراءات التي يطلبها الزبون ، فعليه مثلا أن يعرف كيفية توفير التفاصيل والتقيد بالأحكام أو القواعد التي يطالب بها كل من الزبون أو الوكالة التي يعمل فيها. ولابد أن يكون المترجم ملما بالقوانين والألتزامات القانونية العامة النافذة في مختلف البلدان بحيث تتماشى ترجمات الوثائق مع القوانين والأنظمة السائدة في البلدان الهدف.

2. الألتزام بتنفيذ المشاريع
تتطلب الترجمة الأحترافية ألتزاما من جانب المترجم الذي يتعين عليه أن يكون مرنا وسريع الأستجابة وملتزما بأنجاز أعماله ومخلصا وأحترافيا. ولكي تكون مترجما متمكنا ومؤثرا يتعين عليك أن تتعامل بأحترام مع كل مشروع ترجمي وأن تنجزه بافضل جودة ممكنة. ولعل تسليم الترجمات بالأوقات المتفق عليها يمثل متطلبا مهما آخر.
3. الموثوقية وكتم الأسرار
لابد أن يظل أي عمل ترجمي يقوم به المترجم طي الكتمان حيث ان أمن الوثائق يجب أن يحظى بالأولوية وهذا يوجب التقيد بمباديء الخصوصية التي وضعتها الشركة التي يعمل بها وكذلك الزبون ، الأمر الذي يعزز الثقة بالمترجم والشركة التي يعمل فيها وهو مايؤدي في نهاية المطاف الى اجتذاب المزيد من الترجمات.
بأختصار شديد ، يتعين على المترجم أن يتقن اللغتين المترجم منها والمترجم أليها وأن تكون لديه معرفة واسعة بالموضوع الذي يتعاطى معه وأن يتمتع بمقدرة بحثية متميزة. وعليه أيضا ان يتحلى بعقلية تحليلية وأن يكون ملما بالتفكير النقدي. وأخيرا يجب أن يكون المترجم ملتزما تماما بالمهمة المكلف بأنجازها وأن ينتج عملا متقنا على نحو متواصل.

How to Become a Professional Translator in 7 Detailed Steps

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here