لاتتهموا الفلافل وعينكم على محاولات خائبة لإثارة الفتن والقلاقل !!

احمد الحاج
اربعون عاما وانا – مدمن فلافل – داخل العراق وخارجه ،تارة بالصاص وأخرى بالعمبة ،حتى وانا في مكة المكرمة لم افارقها ولم تفارقني وقد تعرفت على بوفيه فلافل مصري وأصبحت زبونا دائما لديه طيلة أيام العمرة، فبينما كان رفاق الرحلة يتناولون البروست والمسحب في أحد فروع مطاعم – البيك – الشهيرة ،او سلسلة مطاعم – الطازج -،وبعضهم الكبسة السعودية اللذيذة في المطاعم المخصصة لها ،أو المندي اليماني ، او المطعم التركي ، فقد كنت وعلى النقيض منهم احث الخطى قدما تجاه صديقي – ابو الفلافل – اولا لرخص ثمنها ، وثانيا لروعة مذاقها لاسيما فور نضوجها واخراجها من اناء الزيت المغلي،وثالثها حسن الضيافة والاستقبال،ورابعها لأنني كنت الزبون الوحيد ، فقد كنت اجلس منفردا لتناول – فلافلي – واغادر من دون ان يقع بصري على اي زبون آخر بإستثنائي – شنو القصة ..ما اعرف ؟!- ، وطيلة الاربعين عاما تلك لم يحدث يوما ان تسممت بالفلافل بخلاف الشوربة ، الكبة ، المخلمة ، التشريب ، الباقلاء بالدهن ، جبن العرب ،قيمر السدة ، الداطلي ابو التراب ، فقد كانت لي تجارب -دزنترية عابرة – مع بعضها بين فينة واخرى لاسيما في مطاعم الطرق الخارجية ، والمطاعم السفري في الهواء الطلق حيث اسراب الذباب اكثر من الزيائن ولكن ما باليد حيلة حين يدهمك الجوع وانت على سفر، او خارج المنزل بسبب العمل طوال الوقت ، ولكن على فترات متباعدة، ولفرط عشقي للفلافل – ام الحمص – على الطريقة السورية ، كذلك الفلافل – ام الفول – على الطريقة المصرية والتي تسمى بـ” الطعمية ” فقد تغزلت بها في سلسلة مقالات “، وبالتالي فإن شكوكا حقيقية تساورني ازاء ماحدث في محافظة ميسان مؤخرا بعد اصابة اكثر من 224 شخصا بحالة تسمم نقلوا على اثرها الى المستشفيات القريبة لتلقي العلاج ،تخللها وفاة احد المصابين من جراء تناولهم – وبحسب المعلن حتى الان – الفلافل من مطعم “العطشان “في مدينة العمارة جنوبي العراق ، الامر الذي دفع ذوي المتوفى وفي ردة فعل غاضبة الى تحطيم المطعم عن بكرة ابيه ، بعد اعتقال صاحبه وجميع العاملين معه في المطعم …!
مرد شكوكي ، واسباب ريبتي هو العدد الكبير لأعداد الضحايا من جراء تناول الفلافل بما لم يسبق له مثيل منذ دخول الفلافل الى العراق أول مرة في حقبة السبعينات من القرن الماضي على ما اعتقد على يد اشقائنا الفلسطينيين المقيمين في العراق ، ولتزامن الحادثة مع تسمم اسرة المرشح المستقل الفائز بالانتخابات البرلمانية الأخيرة عن محافظة بابل ، ياسر الحسيني ووفاة احد ابنائه الثلاثة ( خمسة اعوام ) من جراء الحادث ، في ذات الوقت الذي اصيب فيه القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني الملا بختيار، بالتسمم على وفق ما كشفت عنه تحليلات مستشفى الخالدية الاردني في عمان ،ومستشفى فيفانتيست الالماني في برلين ، ليصحو الشارع الكردي خاصة ، والشارع العراقي عامة على خبر اصابة مدير اسايش السليمانية السابق وعضو المجلس القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني حسن نوري بدوره بتسمم مماثل نقل على اثره الى المانيا لغرض العلاج ، كل ذلك يحدث بعد مرور شهرين على اتهام القيادي في الوطني الكردستاني ، بافل الطالباني وهو نجل الرئيس العراقي الاسبق جلال الطالباني بمحاولة استهدافه بالسم وبالادلة على حد وصفه !
عمليات الاغتيال بالسم ظاهرة قديمة قدم التأريخ وهي من ابشع انواع الاغتيال ،أو الانتحار لما تتضمنه من بشاعة للثانية – الانتحار – وغدر وخبث وغيلة للاولى الاغتيال – ولعل اخبث واشنع محاولة اغتيال على الاطلاق شهدها التأريخ كله هي تلك المحاولة التي اقدمت عليها اليهودية زينب بنت الحارث ، بعد فتح خيبر حين قدمت الى النبي ﷺ وجمع من اصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم اجمعين ، شاة مسمومة فأكلوا منها قليلا ثم امتنع النبي ﷺ وامر اصحابه برفع ايديهم والكف عن الاكل لأن اللحم المقدم اليهم مسموم ، وبالفعل فقد مات الصحابي الجليل بشر بن البراء رضي الله عنه متأثرا بهذا الطعام المسموم ، وقد امر النبي ﷺ بقية اصحابه ممن اكلوا من الطعام المسموم اياه بالحجامة وقد احتجم بدوره ﷺ ، واشهر من مات مسموما غيلة وغدرا هو الامام الحسن رضي الله عنه ، كذلك الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله .
اما اشهر من مات مسموما غدرا أو اختيارا من قبل ومن بعد فهو الفيلسوف سقراط ، والاسكندر الاكبر ، وكليوباترا ، وبتهوفن ، وراسبوتين ، ومعظم القادة النازيين اختياريا بمن فيهم هتلر وغوبلز وهملر بمعية أطفالهم وزوجاتهم وحماياتهم وذلك بواسطة كبسولات السيانيد، القائد الفلسطيني ياسر عرفات – ابو عمار – بدوره مات مسموما في مقر اقامته الجبرية بمادة البولونيوم المشعة ،اضافة الى الأخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية كيم جونج نام بنوع من غاز الاعصاب ، وقد اغتيل في احد المطارات الماليزية بأوامر من اخيه شخصيا ، الا ان اكثر من تورط بإرتكاب الاغتيال بالسم هي المخابرات الروسية ومخابرات دول اوربا الشرقية كذلك الموساد الصهيوني المعروف بتعامله مع ما يسمى بـ ” القتل الصامت ” لتصفية الخبراء وخيرة العلماء وبعض القادة العرب !
وبناء عليه انصح بتكثيف التحقيقات للوقوف على الاسباب الحقيقية لتسمم ضحايا ميسان بعد تناولهم الفلافل من مطعم العطشان بحسب المعلن ، فلعل المتهم الرئيس ليست الفلافل بقدر الاصابع الخفية ذات الاجندات الشيطانية التي تريد اثارة الفتن والقلاقل في زمن البراكين والمجاعات والغلاء والوباء والزلازل ، عينكم على من سمم المياه ولوثها وتسبب بنفوق الاف الاطنان من الاسماك النهرية في محافظات بابل والديوانية وواسط وذلك في ظاهرة خطيرة جدا تجددت مؤخرا بعد ان كانت قد تسببت بخسائر جسيمة لمربي الاسماك قبل عامين لاسيما لأصحاب الأحواض العائمة ..عينكم على من يسمم الدجاج في حقوله ، ويهرب المواشي الى خارج الحدود بهدف القضاء على الثروة الحيوانية في العراق ويعمل على نشر الاوبئة الفتاكة بينها لهذا الغرض ..عينكم على من يحرق المزارع ويجرف البساتين وينشر الاوبئة بين الزروع والثمار بين الفينة والاخرى بهدف تجويع الشعب العراقي وزيادة الاسعار في الاسواق المحلية وبهدف تهجير الفلاح والمزارع من ارضه من جهة ، ودفع العراق لاستيراد كل ما بإمكانه زراعته وتحقيق الاكتفاء الذاتي منه من جهة اخرى ..عينكم على من يدخل السموم والمخدرات الى العراق لتدمير شبابه ..وبما ان مطعم الفلافل الذي يزعم بأنه السبب في تسمم المواطنين واشك تماما في ذلك اسمه -العطشان- فعينكم على من تسبب بعطش المزارعين وعطش مواشيهم ونفوقها وجدب أرضهم أو تصحرها أو زيادة ملوحتها ، ذاك أن المريب وكما قال ابن سهل الاندلسي في احدى قصائده كاد أن يقول خذوني !اودعناكم اغاتي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here