سيناريوان للعراق بعد محاولة اغتيال الكاظمي… وتساؤلات عن رادارات السفارة الأميركية

مقر إقامة رئيس الوزراء العراقي حيث تم استهدافه بمسيّرات (أ ف ب)

فيما اعتبر مراقبون عراقيون محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي “سابقة خطيرة ومحاولة انقلاب على الدولة”، انشغلت أوساط أمنية في تحليل تفاصيل العملية وأسباب عدم حؤول منظومة رادارات “سي رام” التابعة للسفارة الأميركية دون وصول إحدى الطائرات المسيّرة إلى عمق المنطقة الخضراء.
وقد نجا الكاظمي من محاولة اغتيال، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها، بواسطة طائرة مسيّرة مفخخة استهدفت منزله في المنطقة الخضراء وسط بغداد، رد عليها رئيس الوزراء بعد ساعات بالدعوة الى “التهدئة وضبط النفس من أجل العراق”. وجاءت هذه العملية بعد يومين من تهديدات أطلقتها الجماعات المسلحة المقربة من ايران، وتصعيد كبير لجماهير أحزاب شيعية خاسرة في الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي.
وقال الكاظمي خلال الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء: “سنلاحق الذين ارتكبوا الجريمة، نعرفهم جيداً وسنكشفهم”. وأشار الى حادثة اغتيال ضابط كبير في جهاز المخابرات العراقي، مؤكدا أن “يد العدالة ستصل إلى قتلة الشهيد العقيد نبراس فرمان”.
ففي مطلع حزيران (يونيو) الماضي، أقدم مسلحون مجهولون على اغتيال العقيد فرمان الذي كان يشغل منصب معاون مدير المراقبة في جهاز المخابرات في منطقة البلديات شرق بغداد.
ويعلق المحلل السياسي العراقي عقيل الطائي على محاولة اغتيال الكاظمي، قائلاً إن “ما حدث فجر الأحد الماضي هو سابقة خطيرة جداً وغير متوقعة، وهو استهداف مقر اقامة رئيس الوزراء”. ويؤكد أن “ذلك يعد خرقاً للسيادة العراقية ورسالة بأن الجميع مستهدف لا مناص”. ويضيف الطائي أن “الحادثة قد أدخلت البلاد في أزمة جديدة ستبتلع الأزمات السابقة”، مشيراً الى “الخلافات السياسية والاختلافات على نتائج الانتخابات التي شككت بها الكتل الخاسرة والتظاهرات لقوى الأحزاب الخاسرة والشد بين بعض القوى السياسية والكاظمي”.
 واعتبر المحلل الأمني العراقي علاء النشوع أن محاولة اغتيال الكاظمي عملية “مدبرة بشكل دقيق”، مبيناً أن “الطائرات المسيرة داخل العراق تمتلكها فقط الميليشيات الموالية لإيران”.
رادارات السفارة الأميركية
ويضيف أن هذه الطائرات المسيرة فيها أنواع عدة منها “أبابيل” و”شاهد”، مؤكداً أن “طائرات “أبابيل” تحديداً سبق أن استخدمت من قبل ميليشيا عصائب أهل الحق خلال الحرب ضد تنظيم داعش”. ويوضح أن منظومة رادارات “سي رام” التابعة للسفارة الأميركية في بغداد لا يمكنها كشف أهداف العدو بمديات منخفضة أي اقل من 200 متر، وبالتالي فإن الطائرات المسيرة التي دخلت المنطقة الخضراء كانت قد جاءت بمديات منخفضة لذا لا يمكن رادار المنظومة كشفها”، معتبراً أن “ما حصل بحق رئيس الوزراء هو محاولة انقلاب مخطط له من قبل ايران”.
وكان المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول أعلن أنه تم تحديد انطلاق الطائرات المسيّرة “من منطقة تبعد 12 كيلومتراً شمال شرقي بغداد”، في حين تحدث مصدر أمني عراقي عن دخول ثلاث طائرات مسيّرة المنطقة الخضراء وتم إسقاط اثنتين منها، فيما تمكنت الثالثة من استهداف منزل رئيس الوزراء بشكل مباشر.
ونسبت وسائل إعلام محلية إلى مصدر أمني أن بطاريات “سي رام” الدفاعية الأميركية لم يتم تفعيلها للتصدي للمسيّرات “بسبب بعد المسافة بين موقعها ومقرّ إقامة رئيس الوزراء، ولكون المنظومة مخصصة لحماية السفارة الأميركية والمباني المحيطة بها، ومنها قيادة العمليات المشتركة”، ولكنها لا تشمل المنطقة الخضراء كلها.
“انقلاب على الدولة”
ويتفق الاعلامي السياسي العراقي مروان الحميداوي مع كلام النشوع، مؤكداً أن “عملية محاولة اغتيال الكاظمي تعد محاولة انقلاب على الدولة”، مضيفاً أن “البلاد على أعتاب سيناريوين، الأول قد نشهد توافقات وترضيات بمساعدة أطراف دولية لتجنب التصادم المسلح مع الميليشيات، أما الآخر قد يتمثل بإعلان المواجهة مع الفصائل المسلحة”. ويلفت الى أن “هذه العملية قد تؤدي الى التأخير في تشكيل الحكومة لأنها جاءت بعد أيام على لقاءات زعيم التيار الصدري مقتدى مع كتل سياسية مؤثرة وفائزة في الانتخابات”، فيما أشار الى أن “الموالين لإيران داخل العراق بدأوا يعيشون أزمة اجتماعية وسياسية”.
ولاقت العملية إدانات محلية وعربية ودولية واسعة، أبرزها من الرئيس الأميركي جو بايدن الذي دان “بشدة” الهجوم “الإرهابي” الذي استهدف الكاظمي، وقال في بيان “أبدي ارتياحي لعدم إصابة رئيس الوزراء وأشيد بالقدرات التي أظهرها كزعيم عبر الدعوة إلى الهدوء وضبط النفس”، مطالباً بمحاكمة المسؤولين عن هذا الهجوم، ومعلناً مشاركة فريق من الأمن القومي الأميركي في التحقيقات.
وكذلك ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمحاولة الاغتيال داعياً العراقيين إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ونبذ كل أعمال العنف وأي محاولات لزعزعة استقرار العراق”.
وأكد المجلس الوزاري للأمن العراقي وقوف جماعات مسلحة لم يسمها، وراء محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مبيناً في بيان له أن “العمل جارٍ على كشفِ المتورطين في الهجوم”. وأعلن المجلس تشكيل لجنة تحقيق في ملابسات الحادث.
وشهدت مناطق عدة في بغداد انتشاراً كبيراً للجيش والقوى الأمنية، في ظل إشاعات عن احتمال فرض حالة الطوارئ، الأمر الذي نفته مصادر أمنية تحدث إليه “النهار العربي”. زكانت القوات الأمنية أعلنت أمس الأحد أنها رفعت من على سطح منزل الكاظمي صاروخاً لم ينفجر، في ما أظهرت مشاهد مصوّرة أضراراً بالغة لحقت بجوانب من المبنى والسيارات التابعة لرئاسة الوزراء.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here