خبراء وناشطون: المعلمون بحاجة إلى دورات في حقوق الإنسان والطفل كي لا يعنفوا التلاميذ

ويتساء خبراء ومراقبون فيما إن كان «العنف» الذي تستخدمه الكوادر التدريسية هو فعلا وسيلة فعالة لتأديب الأطفال.

الوضع الاقتصادي والبيئة المدرسية

في هذا الصدد، يقول الخبير التربوي قاسم فريق في حديث لـ (باسنيوز)، إن «المعلم هو أحد الركائز التي تستند عليها العملية التربوية، وعلاقة المعلم مع التلاميذ تخضع لجملة مؤثرات تؤدي بالنتيجة إلى عملية تربوية نموذجية أو أخرى يشوبها نوع من الخشونة».

ويعتقد فريق، أن «أحد أهم اسباب العنف في المدارس هو ضعف الوضع الاقتصادي للمعلم والطالب، لأنه ينعكس بشكل سلبي وكبير على الاستقرار النفسي للمعلم، بسبب كثرة المشاكل العائلية التي تؤثر سلباً على تعامل المعلم مع الناس بشكل عام ومع التلميذ بشكل خاص، الأمر الذي يصل إلى حد العنف والضرب».

ويضيف «كذلك الحال فيما يخص التلميذ الذي يعيش في بيئة فقيرة ومحرومة، تكون ذات مستوى ثقافي بسيط أو ضعيف، وتكون الأسرة منشغلة في أمور الحياة الاقتصادية وبعيدة عن احتياجات التلميذ التعليمية، فيتحمل المعلم أعباء ومسؤوليات الأبوين تجاه التلاميذ من جانب التربية والتعليم ومساعدة الطالب في حل الواجبات البيتية، ‏وهذا العامل يزيد الضغط على المعلم بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي ذكرناها فتصبح بذلك المسؤولية أكبر وبالتالي تنعكس سلباً على تعامل المعلم مع التلميذ».

ويعتقد أنه «من أسباب زيادة استخدام المعلم للشدة في العملية التربوية ‏هو عدد التلاميذ الكبير في الصف والذي يصل إلى 60 طالباً في صفوف تقل مساحتها عن 20 متراً مربعاً، وهذا بالتالي ولد ازدحاماً لعدد كبير في مساحة صغيرة، ما يشكل ضغطاً كبيراً‏ على المعلم الذي يحاول قدر المستطاع احتواء هذا الوضع، لكن بلا جدوى، لأن مستوى الضغط أكبر من طاقته، وبالتالي ينعكس سلباً على أسلوبه في التعامل مع التلاميذ، ‏والتي تؤدي بالنتيجة إلى تصاعد (العنف) من قبل المعلم مع الطالب، أي يستخدم المعلم (العنف) مع الطالب».

ويقترح قاسم فريق، عدداً من النقاط التي من الممكن أن تعالج أو حتى تقلل حالات «العنف» ضد الطالب، منها «تحسين الوضع الاقتصادي والمعاشي للمعلم، بالإضافة إلى توفير البيئة التربوية الصحيحة في المدرسة متمثلة بتوفير غرفة معلمين مناسبة ووجود مرشد تربوي يعمل باستمرار على حل مشاكل الطلاب، فضلاً عن أن يكون حلقة وصل ما بين المعلم وأولياء الأمور في تخطي كل العقبات التي تواجه التعليم، إضافة إلى التعاون بين وزارة التربية ومؤسسات المجتمع المدني وجميع المؤسسات التي تختص بالتنمية البشرية ورعاية الطفل عن طريق ‏إقامة الورش والدورات التثقيفية للمعلم، وزج أولياء الأمور في فعاليات تثقيفية تختص بشؤون أولياء الأمور والتلاميذ، كذلك توفير الدعم الاقتصادي والاجتماعي للعوائل في المناطق المحرومة والفقيرة، وأخيراً، الاهتمام بالمدارس بشكل أكبر وتوفير بيئة آمنة للطلاب والمعلمين».

ويرى الخبير التربوي، أن «هناك قوانين كثيرة في حال تم تطبيقها ستحمي الطلاب من ممارسة (العنف) بحقهم من قبل أي جهة كانت، سواء كان معلم أو كادر الإدارة وغيرهم، كما أن هناك دوائر معنية بهذه الأمور تابعة لمديريات التربية تستقبل الشكاوي التي ‏تقدمها أي جهة كانت، مثل أولياء أمور الطلبة أو المؤسسات المعنية بالطفل».

«جهل» الكوادر التعليمية

ولطالما أعلنت وزارة التربية العراقية عن تشكيلها لجاناً تحقيقية في حوادث «عنف» يتعرض لها التلاميذ من قبل الكوادر التدريسية وفي مختلف المراحل الدراسي، ونتائج التحقيقات دوما تفضي بتوجيه عقوبات متفاوتة إلى الكوادر التدريسية، ووضع حلول شكلية أو مؤقتة.

من جانب آخر تقول الناشطة المدنية هيمان رمزي لـ (باسنيوز)، إن «حوادث العنف ضد الأطفال الصغار من قبل الكوادر التعليمية تتكرر باستمرار، وتأتي بسبب جهل الكثير من الكوادر التعليمية والتدريسية بواجباتهم المحددة، مما يجعلهم يرتكبون أفعال (شنيعة)، وقد تصل في بعض الحالات إلى ارتكاب جريمة بحق الطفل»، حسب تعبيرها.

وتضيف رمزي، إن «المدارس العراقية تحتاج إلى إعادة نظر في أسلوب تعاملها مع التلاميذ، وإن هذه هي مسؤولية البرلمان لتشريع القوانين اللازمة، كما أنها تعتبر مسؤولية المنظمات الدولية والمحلية لنشر الوعي وتثقيف الأسرة التعليمية لعدم استخدام (العنف) ضد التلاميذ في المدارس والتي في بعض الأحيان قد تؤدي إلى عاهات مستديمة للطفل أو حتى وفاته».

ويرى حقوقيون، أن على الحكومة وضع ضوابط وتعليمات معينة تتلاءم مع المشاكل التي يمر بها المجتمع الذي تعد المدرسة جزءاً منه، للتعامل مع التلاميذ، كما ينبغي على الكوادر التربوية أن تخضع لدورات متخصصة بحقوق الإنسان والطفل كي يستطيع المعلم التعامل مع الطفل كإنسان لديه حقوق يجب أن يحترمها الآخرون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here