كيف تؤذي صديقك؟..معد فياض إنموذجا

كيف تؤذي صديقك؟..معد فياض إنموذجا
آراس بلال

من الطبيعي ان يستعين الساسة بصحفيين واعلاميين للدفاع عنهم لكن الخطأ يحدث عندما تتحول الصحافة الى مهنة استجداء بحماس مفتعل يؤدي الى ارتكاب تجاوزات فادحة على الحقيقة وعلى احترام الصحفي لنفسه عبر اللجوء الى التزييف وتجاهل الوقائع والمبالغة في المديح والهجاء.
الصحفي معد فياض، وفي حمى تسويقه لبرهم صالح الراغب بالحصول على ولاية ثانية وللقوى الساندة له، وتحت ضغط عقده الشخصية اللاوطنية من المالكي، نشر يوم الثلاثاء (9 تشرين الثاني) مقالا في موقع رووداو التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، ووجد معد ان استرزاقه يسمح له بالافتراء والطعن والتزييف ولو على حساب سياسي راحل هو المرحوم جلال طالباني، ولشدة حماسه الاسترزاقي وقع معد في سيل من الاخطاء اللغوية والمعلوماتية والاخلاقية مع الاسف في مقاله (طالباني خيب آمال القوى السياسية بموضوع (سحب الثقة).. وخامنئي وسليماني دعما بقاء المالكي في السلطة) فخيب معد آمالنا، وهذا العنوان الطويل جدا وحده خطأ لكن يمكن تجاوزه ربما لضرورات ابهارية يريدها معد او الموقع الذي نشر المقال، لكن ان يقع معد والموقع ايضا في خطأ معلوماتي بمقدمة المقال الذي يفتتح هجومه بـ(كنت في طريقي للخروج من دار كوسرت رسول، في اربيل، نائب الامين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني) فهو خطأ غير مقبول، لأن كوسرت رسول نائب الامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني وليس الديمقراطي، فكيف ضيع معد اسم مموليه؟ وكيف اخطأ الموقع في تشكيلة قيادته؟، انها سرعة الاسترزاق لاغير.
وننقل هنا هذا المقطع من مقال معد (وقال (طالباني) لي معاتبا، وبلهجة شبه غاضبة:” هل أنا ضد التقدمية، هل أنا ضد مصلحة العراق، هل أنا لست تقدميا؟”، اجبت” انا لم أقل ذلك، لكنني كتبت في الصحافة مستغربا دعمكم لنوري المالكي الذي يمثل تيارا رجعيا واقترف عدد كبير من الاخطاء، ولم تقفوا مع كاك مسعود(بارزاني) وعلاوي”، هنا تدخل، مشكورا، برهم صالح لدعم موقفي وتحدث مع زعيمه، حيث كان نائبا للامين العام للاتحاد الوطني الكوردستاني، بلهجة سمعتها للمرة الاولى في حديثه مع طالباني، رغم هدوئه، وقال” مام جلال موقفنا هذا سيقى وصمة(….) في تاريخ اليكتي”. تطلع الينا طالباني واراد ان يوضح امر ما، ثم تراجع، واكتفى بالفول” انتم ما تعرفون جيدا الظروف التي نمر بها، ولا الضغوط التي علينا”، وانهى اللقاء وخرج).
يرتكب معد خطأ عندما يقول (واقترف (المالكي) عدد كبير من الاخطاء) فالصحيح (عددا كبيرا من الاخطاء)، بالاضافة لأخطاء املائية هينة في المقطع وفي كل الاحوال قد يخطئ الكاتب ويسهو لكن من الافضل ان لايثير ضحك وشماتة من يدعي خصومته (المالكي)، والأهم ان برهم ليست لديه الجرأة على مخاطبة طالباني هكذا وامام شاهد من نوع معد حتى ومام جلال في قبره وحتى للدفاع عن شخص اكثر اهمية من معد.
اما دفاع معد عن موقفه من المالكي فهو الذي جعل من مقاله مادة هزلية، فهذا الذي ينتقد الرجعية هو تابع وصباغ للنظام السعودي الذي يمثل ذروة الرجعية.
وانقل هنا مقطعا آخر بكل اخطائه (كان برهم صالح، وما يزال، يكن كل الود لعلاوي الذي يعتبره معلهه (يبدو يقصد معلمه)، كمان ان (الاصح كما ان) الاول دعم الثاني بقوة عندما عمل معه كنائب لرئيس الوزراء في اول حكومة ترأسها علاوي، بعد تغيير النظام)، انتهى الاقتباس.
لن اعلق على الاخطاء التي سببها التسرع في نهش الراحل جلال طالباني ولكن، هل يعتقد معد ان التتلمذ السياسي على يدي اياد علاوي هو نقطة ايجابية؟!، هل نسي معد في حمى حماسه ان علاوي مؤسس مدرسة ( والله ما ادري)؟ أم ان معد ايضا لا يدري؟!، كما انه لايدري ان الحكومة التي قادها علاوي وتلميذه برهم وضعت أسس الفساد اللاحق في العراق بدءا بصفقة حازم الشعلان وكانت التجربة الاولى للمحاصصة التي يكرهها معد؟ وأسست لتحالف جميع التقدميين الذين يحبهم معد مع جميع الرجعيين الذين يكرههم معد؟!.
ويقول مقطع آخر (عندما حصل شرخا كبيرا في العلاقة بين علاوي وطالباني على أثر دعم رئيس الجمهورية للمالكي في موضوع سحب الثقة منه)، فضلا عن الخطأ اللغوي في العبارة فما حصل هو (شرخ كبير) فان طالباني لم يدعم المالكي انما رفض استخدام صلاحيته الدستورية في تقديم طلب سحب الثقة نظرا الى ان القوى السياسية وعبر ممثليها في البرلمان يمكنها تقديم الطلب ايضا وكذلك يمكنها إلزام وزرائها بالاستقالة الحقيقية!! لتسقط الحكومة بطريقة سلسة.
ثم ألم يرجع خصوم المالكي الشرسون للتحالف معه، وتحديدا الحزب الديمقراطي الكردستاني وخميس الخنجر بعد انتخابات 2018 وهم يبحثون التحالف معه مجددا اليوم؟!!.
وفي مقطع طويل يقول معد (كان علاوي يجلس على القنفة العريضة في الزاوية اليسرى من الصالة، وليس بعيدا عنه، كان يجلس طالباني، وعلى كرسي عادي قبالتهما كان قد جلس صالح وشبك يديه، كعادته، على صدره (غزل مباح هذا). شعرت ان الجميع قد تفاجأوا بحضوري (يعني أنت طفيلي)، ورحب بي صالح وعلاوي بحفاوة، على عكس مام جلال الذي وجه نظراته لصالح حالما دخلت ليقول له ان حضوري كان بتدبير منه، ومع ذلك ابدى اهتمامه بوجودي هناك، ولم يتحدث اي من الحاضرين عن موضوع سحب الثقة او دعم طالباني لعلاوي على حساب الجميع، بل كانت احاديث عامة تخللتها بعض طرائف مام جلال المعروف بحبه للنكات، حتى تناولنا طعام العشاء، وخرج علاوي مبتسما).
يتحدث معد وكأنه يحاول اثبات حدوث هذه الجلسة عبر وصف أماكن الجلوس، وربما حدثت لكنها لم تكن ذات قيمة نظرا لتجنب الاحاديث السياسية فيها والاشخاص الثلاثة ساسة واي لقاء يجمعهم هو حدث سياسي وخاصة في ذلك التوقيت، اقول ان الجلسة ليست ذات قيمة سياسية او صحفية الا اذا كان تناول معد لعشاء دسم في جلسة تم التعامل معه خلالها كطفيلي يعتبر حدثا مهما.
بصراحة لقد عرضه برهم الى اهانة لأنه بدا كشخص غير مرغوب فيه والطبيعي في هذه الحالات ان حسن التقدير يدفع بالشخص الطارئ على الجلسة الى الانسحاب المهذب حتى ولو من باب الحرص على (المصلحة الوطنية العامة) التي يدعي معد فياض انه منشغل بها ليترك الثلاثة منشغلين بالأمر الجلل (اسقاط الحكومة)، لكن معد فياض يبدو انه حقق نصرا كبيرا ليس بالحصول على عشاء فقط وانما لأن (علاوي خرج مبتسما).
المشكلة ان معد كان يريد اظهار تميز برهم صالح لكنه أضره، فهو هنا (برهم) يغدر بزعيمه ويحضر شخصا غير مرغوب فيه الى الجلسة ليخربها، وهذا ليس من المروءة ولا الكياسة ولا الرجولة ولا السياسة ولا أمانة المجالس، ولا من وفاء السياسي لزعيمه.
ويقول معد فياض (مبينا اسفي على وقوف شخصية تقدمية وزعيم حزب يدعي انه تقدمي (يقصد طالباني)، مع قوى رجعية ممثلة بالمالكي الذي عرف بفساده وتهميشه للكورد والسنة وجزء كبير (جزءا كبيرا) من الشيعة العراقيين) وهو يتحدث هنا وكأن القوى المعادية للمالكي تمثل الليبرالية واليسارية وليست مجموعة قوى طائفية وعشائرية وعنصرية هي تحديدا من دعمت وشاركت المالكي الرجعي بحسب وصف معد فياض، ام ان جلال طالباني هو الذي اجبرهم على التحاصص مع المالكي؟ لا ندري كيف يتغافل معد عن هذه الحقيقة إلا إذا كان المالكي وقت تشكيل الحكومة ماركسيا ماويا او لعله كان ليبراليا، فقبلوا به رئيسا؟!.
ان السياسيين الذين يفخر معد بصداقتهم هم تحديدا الذين رسخوا منظومة المحاصصة وشاركوا في الفساد وسمحوا بالتدخلات الخارجية ووقفوا متفرجين على النمو الطفيلي للمليشيات والقوى الخارجة على القانون، وبالتالي فإن معد وفق منطق الصداقة لا يختلف بشيء عن اصدقائه اما تباكيه فهو جزء من مهنته اللاصحفية.
يقول معد (لكن المفاجأة جاءت صادمة لبارزاني وعلاوي والصدر عندما وقوف (!!) الرئيس جلال طالباني بقوة الى جانب المالكي. اذ اعلن طالباني أن معارضي رئيس الوزراء نوري المالكي لم يتمكنوا من جمع أصوات كافية لسحب الثقة من حكومته وذلك بعد تراجع عدد من النواب عن توقيعاتهم على طلب حجب الثقة) وهو هنا ربما سهوا اعلن السبب المنطقي لعدم تقدم طالباني بطلب سحب الثقة، والاهم ان طالباني يعرف بنوايا خصوم المالكي الذين سبق ان انقلبوا حتى على انفسهم، فلماذا قبل علاوي الشراكة مع المالكي وقد استلبه الاخير حقه في تشكيل الحكومة كما يقول معد؟، أليس بسبب الصفقات والمحاصصة؟ ألم يكن الافضل والاصدق في المواقف ان تمتنع العراقية عن مشاركة سياسي سلبها حقها؟ ولأن طالباني بل حتى اي مراقب جيد يعرف ان دعاة سحب الثقة قد يغيرون موقفهم في اي لحظة تحت ضغط جشعهم فلن يكون من السليم سياسيا تقديم طلب لسحب الثقة ويتم تجاهله او رفضه في البرلمان لتشتعل أزمة بين رئاستي الجمهورية والوزراء ويخرج منها أصدقاء معد بسلام.
وتحت هوس بيع الكلام ينسى معد فياض والموقع الحزبي الذي نشر مقاله اتهامه لطالباني بالخضوع للضغط الايراني ليقول (جاء موقف زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، فاعلا للغاية في موضوع سحب الثقة عن المالكي، وكان قد وصل على متن طائرة خاصة من ايران الى اربيل بهدف تعزيز ودعم المشروع) من اذن المتحالف مع ايران؟.
يحسب لطالباني انه الاكثر صراحة بين ساسة العراق، فهو لم ينكر يوما علاقته بايران كما انه لم يهاجم ايران في العلن ويستجديها في السر، بل تعامل معها كأمر واقع يستمد تأثيره من وجود كتل سياسية وتوجهات شعبية موالية لإيران، قد نرفضها لكنها موجودة وهي التي اجبرت برهم صالح على الجلوس للتفاوض مع قوى الاطار التنسيقي بعد زيارة سريعة لإسماعيل قآني، وتقبل الرئيس (صديق معد) ان يجلس في بيت وسيط تحت ضغط الاطار التنسيقي الصديق لإيران متخليا عن وضعه الاعتباري كرئيس جمهورية ليكون مجرد ند لقوى خاسرة تريد تغيير نتائج الانتخابات فيقف معها ضد المفوضية بحسب المنشور بعد الاجتماع الذي عقد في بيت العبادي يوم الاثنين (أول أمس).
وينقل معد فياض ان الصدر اوضح أن “سياسة كل من المالكي والتحالف الوطني المبنية على إقصاء وتهميش الشركاء السياسيين ستؤدي “بالتالي إلى عزلة وانعزال الشيعة عن كل الأطراف داخل العراق” ولا يقول معد ان الصدر جزء من هذا التحالف الوطني (الشيعي).
ويتابع نقل معد “اضاف (الصدر) إن لقاءه بالمالكي، الذي جرى في طهران قبل ذهابه إلى أربيل وحضره رئيس فيلق القدس الإيراني سليماني، كشف له أن المالكي “يريد فرض سيطرته على كافة مفاصل الدولة بصغيرها وكبيرها”، لتقفز ملاحظتان، الاولى ان معد لا يعترض على هذا الدور الايراني ما دام الصدر جزءا منه، والملاحظة الثانية ان معد يتجاهل رغبة الصدريين التي اثبتتها الايام بالهيمنة على مفاصل الدولة بصغيرها وكبيرها، وبالتالي فان خلافهم مع المالكي له دوافعه التي لا تنطبق مع الشعارات التقدمية والوطنية التي يلوح بها معد فياض.
الذي اعتقده ان هذا المقال جاء بتوجيه من برهم صالح مباشرة لسببين، الاول عقدة برهم من الظل الكبير لمام جلال وهو ظل يكفي لتغطية كتيبة كاملة من السياسيين على شاكلة برهم صالح الذي ما زال يطمع في ان يكون الامين العام للاتحاد الوطني، أما السبب الثاني فهو ان برهم يريد الحصول على دعم المالكي لتجديد ولايته ولتجنب الانتقادات يحاول التذكير بما يعتبره سابقة أي دعم طالباني للمالكي ليخفف الانتقادات لا أكثر.
لقد أسرف معد فياض في الاخطاء من كل الانواع للاسف، ولا اظن ان شيئا يستحق كل هذه اللهفة على الطعن والتمثيل بذكرى مام جلال عبر تزييف المواقف التي اضرت ايضا بصديق معد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here