العراق قبل الاسلام في القرآن الكريم (الحلقة الخامسة)

العراق قبل الاسلام في القرآن الكريم (الحلقة الخامسة)

الدكتور فاضل حسن شريف

ذكر السيد محمد فهد حسين من جامعة القادسية عن مكـان ولادة إبراهيـم عليه السلام: أما القران الكريم فانه لم يشر إلى اسم المدينة التـي ولد فيها ابراهيم، وإنما نفهم من سياق قصته التي رواها القران الكريم إن البيئة التي عاش بها هذا النبي بيئة قريبة من بيئة العراق القديم ، وبالخصوص بلاد سومر، وذلك من خلال ذكر القران الكريم أن إبراهيم ولغـرض إقنـاع قومـه ببطلان ما يعبدون من آلهة دون االله تعالى تنتقل معهـم بين ثلاثة من الالهة التي كانوا يعبدون واثبـت بطـلان كونها آلهة، حيث ورد “فلما جن عليه الليل رءا كوكبا قال هذا ربي فلما افل قال لا أحب الافلين فلما رءا القمر بازغا قال هذا ربي فلما افل قال لئن لـم يهـدني ربـي لاكونن من القوم الضالين فلما رءا الشمس بازغة قـال هذا ربي هذا اكبر فلما افلت قال يا قوم إني بريء ممـا تشركون” (الانعام 76-78). ومن خلال سياق هذه الآيات نجد إنها ذكرت ثلاثـة آلهة كانت معبودة عند قوم إبراهيم وهي الكو كب والقمـر والشمس، والمعروف إن هذه الأجـرام الـسماوية كانـت معبودة في العراق القديم على نطاق واسع ، فعبدت الآلهـة اينانا (عشتار)، حيث كانت ترتبط مع كوكب الزهـرة. وتذكر إحدى النصوص السومرية بخصوصها : هي المهيمنة ، هي سيدة الأرض في ابسو اريدو استلمت صلاحية اتخاذ القرارات ، واريدو مدينة تقع بالقرب من مدينة اور ، التي ورد بحسب التوراة إنها المكان الـذي ولد وهاجر منه ابراهيم عليه السلام كما سبق، وعليه فقـد عـرف في محيط مدينة اور عبادة الكوكب الذي أشار إليه النبـي ابراهيم عليه السلام ومما يؤيد اعتبار هذا الكوكـب هـو كوكـب الزهرة إنها أجمل الكواكـب وأبهجهـا وأكثرهـا ضـياء ، وضوءها اول ما يجلب النظر الى الـسماء بعـد ان يجـن الليل.
جاء في موقع المونيتر عن وسام باسم رأي اخر عن مكان ولادة ابراهيم عليه السلام غير سومر ولو ان هذا الرأي لا يعتمد عليه كثيرا: مقام ولادة النبيّ إبراهيم، الواقع في قرية بورسيبا بين الكوفة والحلة، الّذي زاره “المونيتور”، ورأى كيف أنّه بات مزاراً دينيّاً يؤمّه الناس، وهو على غرار أغلب المعالم الدينيّة تعلوه قبّة خضراء، لكنّ هذا البناء الشاخص يتعارض مع المعلومات الّتي تفيد بأنّ ولادة ومقام النبيّ إبراهيم كانت في أور، بمحافظة الناصريّة جنوبيّ العراق. وفسّر هذه التّعارضات لـ”المونيتور” رجل الدين حمزة الياسري قائلاً: “النبيّ إبراهيم هو أبو الإسلام والمسيحيّة واليهوديّة، ورغم اكتشاف بيت له في أور حيث ولد، إلاّ أنّ الروايات المتداولة بين الناس تفيد بأنّه أقام في هذا المكان”. ومن الواضح أنّ كلام حمزة الياسري يحتاج إلى دعم الأدلّة التاريخيّة، لكنّ هذا غير مهمّ إزاء ما يعتقده الناس.
وعن مدينة اور كتب محمود الدسوقي في بوابة الاهرام: فى عام 1923م حصل أهم اكتشاف أثري فى مدينة أور السومرية، حيث أعلنت البعثات الأثرية اكتشاف قبر الملكة شبعاد فى موطن النبى إبراهيم الخليل أبو الأنبياء، فى مدينة أور السومرية، والتى كانت تقع على مصب نهر الفرات في الخليج العربي قديما، إلا أنها حاليا تقع في منطقة نائية بعيدة عن النهر، وذلك بسبب تغير مجرى نهر الفرات على مدى آلاف السنين الماضية. ومن أهم الاكتشاف التى وجدت للملكة شبعاد وهى الملكة الكاهنة،والتى مازالت تشغل الأثريين، رأس ذهبي مصنوع من أوراق ذهبية، وخواتم، وألواح؛ والقيثارة الرائعة أور، مع اكسسوارات ذهبية مرصعة باللازورد، والثيران المجنحة والعديد من أدوات المائدة من الذهب، والعقيق الأحمر، واللازورد وحبات أسطوانية، وقلائد وأحزمة ذهبية باهظة، وعربة مزينة وكثير من الفضة واللازورد، وخواتم وأساور ذهبية وجدت فى المدينة التى تقع حاليا على بعد بضعة كيلومترات عن مدينة الناصرية وعلى بعد 100 كيلو متر شمالي البصرة. وتعتبر الحضارة السومرية واحدة من أقدم الحضارات المعروفة في تاريخ العالم، حيث يوجد فيها الزقورات والتى تعرف بزقورة أور السومرية . أن الزقورات العراقية تعد من أهم المميزات الدينية لدى العراق القديم وأكثرها شهرة، فهى شكل هرمى مدرج، وقد كانت تبنى فى العراق وسوريا وفارس، مؤكدة أن العراق وسوريا تضم عددا من الزقورات حتى أصبحت السمة المميزة لحضارة العراق، حيث كانت الزقورات هى استراحة الآلهة عند نزولها من السماء للأرض، مؤكدة أنه لايوجد تشابه بين الزقورات العراقية والأهرامات المصرية، إلا فى الشكل الهرمى فقط، فقد كانت الزقورات مصنوعة من الطوب اللبن. أن من الاكتشافات المثيرة بيضة نعام من الفضة منقوشة من الطرفين، وعربتان معلقة فى كل عربة ثلاثة ثيران لاتزال هياكلها العظمية مربوطة بسيور العربتين ، وبجانبهما هياكل السايس العظمية، وفى كل عربة هياكل سائقها، وقد أصبحت رميما، وبالقرب من التابوت جواهر الملكة شبعاد ، وهى جواهر على أشكال أزهار وفاكهة من الذهب مرصعة بالأحجار الكريمة ومنقوشة نقشا دقيقا.
وهنالك رأي فبين رشيد السراي في موقع الحوار المتمدن: ان اغلب المعلومات الآثارية أُخذت من القصور والمعابد والبنايات الرسمية وبالتالي فهي تمثل الرأي الرسمي ان صح التعبير عن الواقع في ذلك الوقت. أما رأي المعارضة بلغة السياسة وهم الأنبياء فبالتأكيد سيتم تجاهله وتعمد عدم الإشارة إليه في التوثيق في تلك البنايات الرسمية وهذا هو ديدن الحكومات الظالمة مع معارضيها حيث تحاول محو وجودهم وآثارهم وربما تشويه الحقائق وقراءتها بطريقة أخرى ، فمن الطبيعي ان لا نجد آثار مهمة مثلاً لإبراهيم عليه السلام في المدينة التي واجه طاغيتها وحكم عليه بالحرق ومن ثم التهجير فهل ننتظر ان يُبقي هذا الطاغية اي اثر لإبراهيم عليه السلام أو ان يدون قصته معه في قصوره ومعابده كما حدثت بالفعل. واللقى الآثارية كما هو المعروف قليلة جداً عن باقي معالم المدن –غير القصور والمعابد- وخاصة بيوت الفقراء-واغلب أتباع الأنبياء منهم التي لا تصمد الكثير منها عادة في مواجهة ظروف البيئة والتخريب ولا تبقى إلا تلك البنايات الضخمة التي تكون مقاومتها لتلك الظروف أكثر. واللقى الآثارية كما هو المعروف قليلة جداً عن باقي معالم المدن غير القصور والمعابد وخاصة بيوت الفقراء واغلب أتباع الأنبياء منهم التي لا تصمد الكثير منها عادة في مواجهة ظروف البيئة والتخريب ولا تبقى إلا تلك البنايات الضخمة التي تكون مقاومتها لتلك الظروف أكثر. ونفس الكلام يُقال عن باقي الأنبياء الذين عرفوا بمواجهتهم للانحراف في المجتمع والحكومات المنحرفة وجوبهوا بمعارضة شديدة. واقرب مثال على ذلك ما فعله أهل مكة ببيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومن معه بعد هجرتهم إلى المدينة. هذا وان اغلب الأنبياء كما هو المعلوم لم يسعوا لبناء دولة أو كانوا جزءاً منها إلا في حالات قليلة كالنبي يوسف والنبي داوود والنبي سليمان والنبي محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فكانوا في الأعم الأغلب يمثلون الرأي المعارض الداعي للإصلاح.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here