المعوّقين في دول العالم الثالث والدول المتقدمة …

المعوّقين في دول العالم الثالث والدول المتقدمة …
المعوّق المصاب بعاهة مؤقتة او مستديمة ، بحاجة ماسة إلى المساعدة ومدّ
يد العون له ليتمكن من الإستمرار بالحياة الكريمة لقضاء حاجاته الإنسانية وقد
يصبح فرداً نافعاً فعالاً منتجاً وليس مستهلكاً فقط في المجتمع إذا مدّت له يد العون
والمساعدة من الدولة خصوصاً ومن المجتمع عموماً .
لكنّ ويا للأسف لا الدولة في دول العالم الثالث ولا المجتمع يرعى المعوقين
رغمّ عددهم الكبير بسبب الحروب المجنونة والصراعات الداخلية ، كما حدث بالعراق
وسوريا واليمن وليبيا والسودان والجزائر وتونس ومصر ولبنان وإيران … ولنأخذ
العراق نموذجاً .
وعلى ذكر العراق ،اروي لكم قصة واقعية بحكم عملي في شارع الرشيد منطقة
السنك ، كنت أرى عجوزاً وقوراً وعلامات الفقر بادية عليه، يمشي بتثاقل بتأثير العمر
ورأيته يعد فترة تلاحقه الأطفال وتضربه بقشور البطيخ والطماطة الفاسدة والأحجار ،
ولما نهرت الأطفال هربوا وتركوه ، وإقتربت منه ورأيت الدموع تنسكب مدراراً من
عينيه ، وقال أتذكرك يا بني فكنت تراني بين الحين والآخر ، ولكن هؤلاء الأطفال قليلي
التربية يلاحقوني ويضربوني ، ولا من رادعٍ لهم . وعلمت بعد فترة إصابته بالجنون من
كثرة الأذى المستمر الذي أصابه ، وكنت ارى الكبار ايضاً ينتدرون على المعوقين ويسخروا
بتعداد عيوبهم فكانوا مهزلة الكبار واستهزائهم بدل تخفيف ألمهم ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
أما في الدول المتقدمة فشتان ما بين الحالتين ، فالمعوّق له الحياة الكريمة والرعاية
اللازمة ، فيخصص له راتياً شهرياً وإذ إقتضى الأمر يكون شخصاً من عائلته مساعداً له
ويخصص له أيضاً راتباً معيناً حسب الحالة ، وإذا لم يتوفر شخصاُ من العائلة فمن الخارج.
كما أن هناك مدارس خاصة للمعوقين بإشراف أساتذة متخصصين بعلم النفس والرعاية
الإجتماعية للأخذ بأيديهم وتأهيلهم ليكونوا نافعين في المجتمع ، وقد يصلوا إلى اعلى المراتب
في مختلف العلوم والمجالات ، والمجتمع ينظر اليهم بعين الرحمة والمساعدة ولا ولن يستهزأ
بعوقهم كائناً من كان ، بل ترى الإبتسامة والود بادياً على محياهم عند اللقاء وجهاً بوجه وتراهم
يتسابقون لمساعدتهم عند عبور الشوارع ، والجيران كل من جانبه يقدموا يد العون لهم بكل
مودة ورحمة من صميم قلوبهم إبتغاء مرضاة الضمير والوجدان الإنساني .
خلاصة القول : على الدولة القيام بواجبها تجاه هؤلاء المعاقين ، وأن تكفل لهم الحياة الكريمة
وعلى المجتمع (الأسرة والمدرسة) التكافل والتضامن بتربية الأطفال على القيم المجتمعية وغرس
الحبّ والعطف على هؤلاء الناس وما اكثرهم ، ليكونوا افراداً نافعين في المجتمع ، ويشعروا
بآداميتهم كبشر لهم حق الحياة الكريمة كغيرهم من البشر ، فهل يفعلوا ؟ نتمنى ذلك من الأعماق .
بقلم : منصور سناطي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here