الأقلية في القرآن الكريم (الحلقة الاولى)
الدكتور فاضل حسن شريف
ليس الغريب ان الاكثرية هي المذمومة في القرآن الكريم، فالاكثرية لا يعلمون و يجهلون الحق و ومعرضين عن جادة الصواب “بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ” (الانبياء 24) و ” وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” (الروم 6)، و لا يستخدمون عقولهم التي ميزهم الله تعالى عن الحيوانات بل عواطفهم “أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ” (الفرقان 45) لانهم يكرهون الحق ” وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ” (المؤمنون 70)، انما يتبعون الظن والخرافات “وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ” (يونس 36)، ولا يحبون الطيب انما يحبون الخبيث ويركضون وراء كل ناعق “قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ” (المائدة 100)، وسلبيون لا يشكرون الله متذمرون لا يقتنعون بالقليل ولا تشبع بطونهم ” وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ” (النمل 73). و كلما تفضل عليهم الله قابلوه بنكران الجميل ” إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ” (البقرة 243) و “وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ” (الاعراف 17) ولو ان الله سبحانه متفضل عليهم ” إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ” (يونس 60).
الاقلية المقصود بها قلة العدد “وَأَقَلُّ عَدَدًا” (الجن 24)، وهي الممدوحة في القرآن عكس الاكثرية فالاقلية لا تتبع الشيطان “لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا” (النساء 83) ولا تفسد في الارض “يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ” (هود 116).
لذلك فأقلية الرأي عليك باحترام ارائهم حتى وان كانت تناقض رأيك الجماعي فقد تكون ارائهم هي الافضل فتستفيد من رأيهم وتطور افكارك. وقد تكون ارائك افضل من اراء الاقلية فتستفيد الاقلية من ارائك. والمهم هو الجدال الحسن “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” (النحل 125).