أعادة أنتاج المنظمات ألأرهابية ( طالبان و النصرة )

أعادة أنتاج المنظمات ألأرهابية ( طالبان و النصرة )

البداية كانت مع تأهيل حركة ( طالبان ) ألأفغانية بعد ان كانت هذه الحركة تصنف ضمن المنظمات المتطرفة ألأرهابية و هي حقآ كذلك و التي كانت مسؤولة عن هجمات سبتمبر ( ايلول ) 2001 التي ضربت الولايات المتحدة ألأمريكية بالتحالف مع تنظيم ( القاعدة ) حين كانت ( افغانستان ) تعج بالمنظمات المتطرفة و اغلب قادتها كانوا يتواجدون هناك من ( عبد الله عزام ) الى ( اسامة بن لادن ) الى ( أيمن الظواهري ) و غيرهم من قادة و زعماء العديد من الحركات و المنظمات ألأرهابية المتشددة و كان التحالف الوثيق بين زعيم القاعدة ( بن لادن ) و قائد طالبان ( الملا عمر ) و الذي ادى الى ذلك الهجوم الشهير على أمريكا و الذي اعقبه مباشرة احتلال ( افغانستان ) و ألأطاحة بنظام تحالف ( القاعدة – طالبان ) و انهاء دولة ( ألأمارة ألأسلامية ) و هروب زعماء تلك الحركات الى الجبال و ألأماكن الوعرة و البدء بحرب عصابات منهكة و مكلفة .

بعد ان تيقن قادة ( طالبان ) خصوصآ بعد موت زعيمها المتشدد ( الملا عمر ) ان ألأنكفاء و ألأنعزال و جعل ( أفغانستان ) جزيرة معزولة عن المحيط الأقليمي و العالمي و كأنها في كوكب آخر لا يمكن ان يستوي مع العقل و المنطق السليم و من هنا كان تعامل قادة ( طالبان ) الجدد مع ألأحداث اكثر واقعية و تفهمآ للأحداث و المستجدات على ألأرض و تحولوا الى سياسيين بعد ان كانوا زعماء عصابات و قطاع طرق و حينها بدأت المباحثات ألأمريكية ألأفغانية ( الطالبانية ) في قطر و كانت بداية ألأعتراف ألأمريكي و من ثم الدولي بحركة ( طالبان ) كونها تمثل شريحة واسعة من المجتمع ألأفغاني و بفضل الدعم الشعبي الكبير للحركة استطاعت ( طالبان ) ليس فقط الصمود في المعارك انما تحقيق المكاسب و ألأنتصارات على ألأرض ما اكسب الحركة زخمآ و قوة أضافيتين .

اثبتت ألأحداث التي تلت انسحاب القوات ألأمريكية من ( أفغانستان ) على ألتزام حركة ( طالبان ) بتعهداتها الى حد كبير في منع حدوث مجازر جماعية كما كان متوقعآ و عدم حصول ردود أفعال أنتقامية مع دخول قوات الحركة الى العاصمة ( كابول ) و كان التعامل مع المواطنين هادئآ و عقلانيآ الى حد بعيد عدا عن بعض ألأحداث الجانبية الفردية و التي لم تعد نهجآ للحركة كما كان من قبل ابان تحالف ( القاعدة – طالبان ) من تطبيق قاس و حرفي للعقوبات الشرعية ( ألأسلامية ) وفق المنظور المتشدد و الذي ليس فيه للرحمة و الرأفة و الشفقة مكانآ حيث كانت الساحات العامة و الملاعب الرياضية تكتظ بالمعاقبين الذين يجلدون بالسياط علانية و يرجمون بالحجارة حتى الموت و آخرين ينزل بهم القصاص قتلآ و نحرآ .

ألأشارات التي ارسلتها حركة ( طالبان ) الى المجتمع الدولي في أمكانية تحول المنظمة ألأرهابية المتشددة الى ألأعتدال و قبول الآخر و نبذ العنف و التطرف و كذلك كانت هناك اشارات من فرع تنظيم ( القاعدة ) في ( سوريا )و المعروف بأسم ( جبهة النصرة ) بغية ألأشتراك في المباحثات و النقاشات القادمة و ألأندماج ضمن قوى المعارضة السورية المعتدلة لاسيما و ان ( صك الغفران ) الذي يجب ان تقدمه هذه المنظمات المتهمة بالأرهاب و التطرف هو الموقف من تنظيم ( الدولة ألأسلامية ) و المعروف أختصارآ ( داعش ) حيث ان حركة ( طالبان ) في أفغانستان كانت في أشتباك مستمر مع ( داعش ) و لم يكن واضحآ ان كان ذلك النزاع فكريآ حقآ أم كان من أجل مناطق السيطرة و النفوذ و أراضي زراعة الحشيش و كذلك ألأمر مع جبهة ( النصرة ) و التي هي في صراع دام و مستمر مع ( داعش ) و لم تتضح الرؤيا بعد عن ألأسباب .

الضربات ألأمريكية في ( سوريا ) و التي تنقي من قيادات ( القاعدة ) المتشدد منهم و تقتلهم في محاولة أفساح المجال امام المعتدلين في تبوأ المناصب القيادية في تنظيم القاعدة ( النصرة ) تمهيدآ في ألأندماج و ألأستعداد في الدخول في العملية السياسية ان حصلت كفصيل معتدل و ليس أرهابيآ متطرفآ و قد سبق لتنظيم القاعدة في سوريا ( جهة النصرة ) ان استبدل اسمه الى أسم آخر بعيدآ عن عناوين ( القاعدة ) الى ( هيئة تحرير الشام ) و هذا عنوان لا يوحي الى التطرف و العنف كذلك لم يسجل مؤخرآ لهذه ( الهيئة ) من العمليات التي توصف بالأرهابية كالأختطافات التي تطال ألأجانب خصوصآ و ألأعدامات الجماعية الميدانية عدا عن العمليات العسكرية ضد قوات الحكومة السورية و التي تشترك معها كل فصائل المعارضة السورية المسلحة .

الهدف او ألأهداف من أعادة تأهيل طالبان و الفرع السوري للقاعدة يتمثل في أمرين ألأول كون هذه المنظمات ألأرهابية ( سابقآ ) لها تأييد شعبي واضح و لم يكن بأستطاعة ألأمريكان و من قبلهم الروس من القضاء على الحركات الجهادية الأسلامية في ( أفغانستان ) و ان صارت ( طالبان ) من أقوى تلك المنظمات و لم تكن لهذه الحركات من ألأستمرارية و الديمومة لولا ألأحتضان الشعبي و هذا ألأمر ينطبق كذلك على جبهة ( النصرة ) اما الأمر الثاني هو في أمكانية محاربة تنظيم ( داعش ) الذي هو من نفس النسيج الفكري و ألأجتماعي حيث يهاجم بنفس ألأسلوب و ذات العقيدة الفكرية و حينها سوف يتلقى تنظيم ( داعش ) ضربات فتاكة و مميتة و قد بدأت تلك المواجهات سابقآ مع جبهة ( النصرة ) و حاليآ تشتبك حركة ( طالبان ) في معارك طاحنة مع ( داعش ) في أفغانستان و لكن السؤال المهم ماذا سوف تفعل هذه المنظمات و الحركات ألأرهابية ( سابقآ ) بعد القضاء على تنظيم ( داعش ) فهل سوف يغلب التطبع على الطبع أم سوف نعود الى المربع ألأول من جديد و تبدأ فصول ( قصة ) دموية جديدة .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here