المرأة في القرآن الكريم (الحلقة السابعة) (عمل المرأة خارج البيت 2)

الدكتور فاضل حسن شريف

اجاز القرآن استئجار المرضعة لإرضاع الوليد “وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ” (البقرة 233). وقد ذكر الله سبحانه حق اكتساب المرأة و الرجل “وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ” (النساء 32). ولا يفرق الله تكليف وكسب النفس إن كانت نفس رجل أو امرأة “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ” (البقرة 286) والعمل والكسب منه يدخل ضمن هذا المجال ولو ان المرأة غير مجبرة على العمل لانها داخلة في رعاية زوجها او اباها او من يعيلها كما جاء في الحديث الشريف (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته). ان لا يكون عمل المرأة فوق طاقتها خاصة في الأعمال الشاقة “وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ” (البقرة 286). ويتطلب من المرأة رعاية الأبناء “وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً” (النحل 72).

في نفس الوقت المرأة لها الحق بعدم العمل والبقاء في البيت. وهذا حال الدنيا شقائها ان يخرج الرجل للعمل كما جاء في قصة آدم وحواء “فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى” (طه 117) حيث الآية صريحة الخطاب بانه موجه الى آدم دون حواء لتشقى وليس لتشقيا، كون المرأة سكن للرجل “هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا” (الاعراف 189) و “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ” (الروم 21) و “وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ” (الأحزاب 33). والسبب ان الرجل قوام على المرأة “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” (النساء 34) لان عليه ان يعمل خارج البيت ويجلب النفقة لاسرته، وليس القوامة معناها التعالي على المرأة كما يعتقد الجاهل. وكل هذا لا يعني ان المرأة لا يحق لها ان تعمل خارج البيت ولكن بشرط ان لا تتخلى او تنقص من عملها لاسرتها.

وشاركن النساء كممرضات بالمفهوم الحالي خلال المعارك التي خاضها الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم وكن يضمدن الجرحى و يحضرن الطعام و يسقين العطشى ومنهن أم عمارة التي قال عنها رسول الله (ما التفت يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني) وام سلمة. وشاركت زوجة جابر بن عبد الله في إحضار الطعام في معركة الخندق. وقد شهرت صفية بنت عبد المطلب سيفها لتحمي ابن أخيها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في معركة أحد. فالامام الحسين عليه السلام استخدم اسلوب جده المصطفى في اشراك النساء معه في مسيره الى كربلاء، وهي حالة متبعة في المصاحبة خلال السفر للاطعام وتنظيم الامكنة. ويتضح مشاركة النساء ضمن الجيوش في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأغراض تهم المقاتلين، مما يجعل امكانية ذلك في الدول المسلمة في الوقت الحالي ضمن حدود طبيعتها كامرأة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here