حوارات عقيمة ببيئة فاشلة

 نعيم الهاشمي الخفاجي

الحوار شيء إيجابي ما بين أصحاب العقول المحترمة التي تريد المعرفة والإطلاع، بل الله عز وجل بعظمته وقوته سمح الى ابليس أن يحاوره، ولم يقوم بقمعه حال معصية إبليس، لذلك عند الحديث عن حوار أهم شيء  تحديد الغاية من هذا الحوار ويجب معرفة الشخص أو الجهة المقابلة هل يقبلون بالحوار والرأي والرأي الآخر، إذا كان الطرفين توجد بينهما مشتركات في قبول الرأي والرأي الآخر فإن الحوار يصل إلى نتائج مباشرة ومرضية، ولا يحدث أي خلاف بين المتحاورين، مهما كان هذا الحوار عنيفاً أو إشكالياً.

أنا عشت منذ مايقارب ثلاثين عاما في أوروبا الغربية وعضو في حزب يساري دنماركي رأيت البيئة المجتمعية الغربية بيئة تقبل سماع آراء الآخرين بغض النظر عن وجود أحزاب صغيرة شعبية يمينية عنصرية لكن الجميع متفق على سماع الرأي والرأي الآخر بدون إقصاء وبدون رفع الأصوات عالية مثل ما نراه في القنوات الفضائية العربية نحو الجزيرة وبشكل خاص برنامج المنافق المفتري الكذاب الأشر فيصل القاسم يتبع أسلوب الكذب ويحضر طرفين للحوار ينحاز إلى طرف ويتفق مع أشخاص يتصلون في ساعة بث برنامجه لكي يشتمون صاحب الرأي الذي يخالف المرتزق فيصل القاسم، هذا الكذاب الذي يدعي العلمانية كذبا بينما هو بالحقيقة عميل في أجهزة مخابراتية عالمية ينفذ أجندة تلك المخابرات الدولية الاستعمارية في النفاذ إلى عقلية المشاهدين والقراء مستغلا جهل البيئة العربية وسذاجتها، بعد وصولي للدنمارك كنت بذلك الوقت ادخل بحوارات دينية كنت متحمسا لذلك بسبب حرمان نظام صدام الجرذ الهالك للشباب وعامة الناس في قراءة الكتب الدينية وبالذات الشيعية، وجدت مجموعة ناس عرب من فلسطين ولبنان والمغرب ودار الحوار لنشكل مجموعة للتقارب مابين السنة والشيعة، فعلا دارت الحوارات قلت لهم كل إشكالية تثير تثيروها ضد الشيعة عندما ارد عليكم واعطيكم الأدلة في نهاية الجلسة الحوارية عليكم التوقيع على ورقة بكذب الاتهامات وفعلا بدئنا بالحوار لكنهم للأسف رفضوا التوقيع بعد أن شاهدوا الكفة لاتميل إلى صالحهم، الناس في العالم العربي معتادين على أن يتحول اي  حوار فيما بينهم إلى حوار  جدلي يشبه ما يسمى بحوار الطرشان الذي لا يقدم إلا المزيد من الخلافات بين المتحاورين، ويزيد شقة الاختلاف  وزرع روح الكراهية والقتل، في كثير في حواراتنا التي تحدث معنا او التي نحضرها أو نستمع إليها عبر القنوات ومواقع التواصل بغالبيتها لا تقدم فائدة ترتجى،بل  أنها معول هدّام يزيد شقة الخلاف مابين المذهب الواحد نفسه.

عندما أتابع ما يكتبه الكتاب العرب في صحف الرجعية العربية التي تمتلك المال والإعلام أقرأ مقالات لكتاب وصحفيين لا يميزون بين قبول الرأي والرأي والآخر ومابين أن البشرية تقدمت كثيرا وبات الكثير من الأجيال الشابة تريد مختصر مفيد، بل هذه الأجيال الشابة الكثير منهم لم يكن بمقدورهم تحمل كلام مطول، بل يريدون مختصرات للكلام. المتابع إلى القنوات الغربية مثل

بي بي سي يتعمدون إلى استخدام المختصرات في برامجهم الحوارية وتقاريرها الإخبارية.

على سبيل المثال عندما تم اكتشاف أجهزة طبية لغسيل الكلى، الحكومة المصرية استوردت أجهزة لغسيل الكلى المشكلة المفتي الشيخ الشعراوي بوقتها حرم ذلك واعتبر ‏‎الشعراوي  تحرم غسيل الكلى لمرضى الفشل الكلوي، بقوله  إن الفشل من صنع الله عز وجل لذلك لايمكن إلى أي شخص متعلم أن يتحاور معه لأنه نسب ذلك إلى الله عز وجل ونهى موضوع الحديث.

السعودية بعد أحداث سبتمبر وتورط الفكر الوهابي بتلك الجريمة بشكل خاص تعرضت لضغط من الإدارة الأمريكية حول الإصلاح ولكن الإصلاح لدى النظام السعودي هو إقامة حفلات الغناء الماجنة ولولا الضغط الأمريكي لما سمحت السعودية في فتح دور سينما، رغم أن دور السينما وجدت بدول مثل العراق ومصر قبل مائة عام، رجال الدين الوهابية يرفضون الحوار مع أي بشر، المسلم الذي يحلق لحيته عندهم كافر، بما أن رجال الدين الوهابية يتبعون الحاكم فقد تم نشر هذا الخبر بصفحة الصديق المفكر المصري سامح عسكر( ‏الشيخ العريفي ردا على مهرجان ‎#البحر_الأحمر السينمائي في جدة : الفن سنة عن الرسول والفساتين العارية مختلف عليها بين الأحناف والشافعية.. والرافضة فقط أخزاهم الله هم المعترضين كيدا في أهل السنة والجماعة).

هههه شر البلية مايضحك حتى في انفتاح الشيخ الوهابي العريفي بقي يكذب يقول أن الرافضة أي الشيعة يحرمون الموسيقى كيدا في أهل السنة والجماعة؟ فهل مع هذا وبيئته الجاهلية التي تطيعه من بدو الجزيرة ينفع الحوار والرأي والرأي الآخر، بالتأكيد لا.

 نذكر قصة طريفة قيل وقع حجر على ذيل ثعلب فقطعه ، فرآه ثعلب آخر فسأله لم قطعت ذيلك ؟

قال له إني أشعر وكأني طائر في الهواء .. يالها من متعة، فأغراه أن يقطع ذيله،

فلما شعر بألم شديد ولم يجد متعة مثلما زين له ، سأله : لم كذبت عليّ ؟

قال : إن أخبرت الثعالب بألمك فلن يقطعوا ذيولهم وسيسخرون منا.

فظلوا يخبرون كل من يجدونه بمتعتهم حتى أصبح غالب الثعالب دون ذيل،

ثم إنهم صاروا كلما رأوا ثعلبا بذيل سخروا منه.

مشكلة هؤلاء الأعراب الجهلة صنيعة الاستعمار أن جميع مشايخهم من حاشية السلطان أشبه هؤلاء بقصة قطع ذيل الثعلب، غالبيتهم يعرفون أنهم في الطريق الغير صحيح لكن يكذبون لكسب المال على حساب القيم والأخلاق، لذلك

إذا عم الفساد صار الناس يعيرون الصالحين بصلاحهم، واتخذهم السفهاء سخرية، وقد ورد حديث عن أىمة ال البيت ع[ليأتين على الناس زمان يُعَيَّر المؤمن بإيمانه كما يعير اليومَ الفاجر بفجوره حتى يقال للرجل إنك مؤمن فقيه].

إن المجتمع الفاســـــــد إذا لم يجد للمصلحيـن والشرفاء  تهمــــــة للاسف يعيّروهـم بأجمـل ما فيهـــــم ألم يقل قوم قوم لوط  إلى نبي الله لوط ع: {أخرجوا آل

لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهّـرون}.

في الختام البيئة الحاضنة بالدول العربية بغالبيتها بيئة مجتمعية بسيطة ويغلب عليهم الجهل والسذاجة، وقضية الإصلاح ميؤوس منه بوقتنا الحاضر نحتاج إلى معجزة لتحقيق ذلك.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

10/12/2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here