نهب مقعدين للبارتي، عصفورين بحجر واحد

نهب مقعدين للبارتي، عصفورين بحجر واحد
جواد ملكشاهي
يقود الحزب الديمقراطي الكوردستاني حركة التحرر الكوردستانية منذ اكثر من سبعة عقود، وخلال مسيرته النضالية الشاقة تعرض لمؤامرات عديدة وتكالب القوى المحلية الشوفينية والاقليمية عليه بغية ثنيه عن تحقيق اهدافه القومية ونهجه الانساني والاهم من ذلك ايجاد حالة من الاحباط في نفسية الجمهور الكبير الداعم له والذي اثبت انه لم ولن يساوم على حقوقه العادلة.
لقد واجه الحزب جميع المؤامرات والتحديات بعزيمة لا تلين وثقة عالية بالنفس وبقدرة الشعب الكوردي الذي ضحى بالغالي والنفيس وقدم مئات الالاف من الشهداء البيشمركة والمدنيين من اجل نيل حقوقه المشروعة وبناء كيان كوردستاني يتفيئ في ظله جميع الكوردستانيين بأمن وكرامة مع ضمان حياة حرة كريمة لهم وللاجيال المقبلة.
حاولت النظم المحتلة لأرض كوردستان مرارا وتكرارا من خلال ماكناتها الاعلامية المدمرة لترويج الفكر العنصري والشوفيني بين شعوبها بهدف أستمرار احتلالها لأرض كوردستان والأبقاء على هيمنتها وفرض سياسة الاستبداد والعبودية على شعب ابا الا يعيش الا بحرية وكبرياء وشموخ على ارضه ،فحاولت اضفاء طابع العداء القومي بين الشعبين العربي والكوردي او الكوردي مع شعوب المنطقة الاخرى ترجمة لمقولة (فرق تسد) لكن القيادة الكوردية دأبت ان تبني جسور التآخي والمحبة مع الشعوب التي تتعايش مع الشعب الكوردي في دول المنطقة.
لم تكتف تلك النظم بالدعاية الاعلامية والتحشيد السلبي للرأي العام العربي ضد الشعب الكوردي وثورته الانسانية، بل فرضت خلال العقود الماضية حروبا ضد الشعب الكوردي وتطلعاته المشروعة العادلة من خلال شن عمليات عسكرية بمختلف الاسلحة الفتاكة والمحرمة ضد قوات الثورة الكوردية والشعب الكوردي الاعزل في المدن والقصبات والقرى وارتكبت مجازر دموية رهيبة ضد شعبنا لمجرد مطالبته بحقوقه القومية، لكن رغم كل ذلك لم يستسلم هذا الشعب المجاهد ولم يتوانى عن دعمه ومساندته لقيادته الحكيمة المتمثلة بالحزب الديمقراطي الكوردستاني.

حاولت القيادة الكوردية استثمار جميع الفرص المواتية للسلام ونيل حقوق شعبنا من خلال الدبلوماسية الناعمة والحوار الهادف البناء، لكن الطرف المقابل اثبت انه كلما كان في موقف الضعف و واجه ازمات حادة طالب بالحوار ورفع شعارات مزيفة كأبناء الوطن الواحد والاخوة والتسامح ولكن في الحقيقة لم تكن لديه ارادة حقيقة لوضع حد لنزيف الدم واسكات اصوات المدافع وازيز الرصاص وسوق الشباب العراقي المغلوب على امره لمحارق الحروب ضد الكورد والصراعات الدموية اشباعا لنزواتها واستمرارها في السلطة.
بعد اعلان نتائج الانتخابات الاخيرة التي جرت في العاشر من تشرين الاول الماضي وتحقيق الحزب الديمقراطي الكوردستاني نتائج باهرة فيها وفوزها ب(33) مقعدا نيابيا في انتخابات حرة نزيهة بحضور مراقبين محليين و دوليين،لم يروق هذا الانجاز الكبير لبعض القوى الكوردية والشوفينية المحلية والاقليمية التي تتحين الفرص للقضاء على كيان اقليم كوردستان،نظرا لتطوره في المجالات المختلفة وتحقيق أنجازات كبيرة ودوره المهم لحل الكثير من مشاكل المنطقة المستعصية وثقله في التوازنات الاقليمية والدولية.
اصيب خصوم اقليم كوردستان و الحزب الديمقراطي الكوردستاني خلال السنوات الاخيرة بالأحباط وخيبة امل من جميع محاولاتهم لضرب الوحدة الوطنية الكوردستانية وخلق فجوة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وجمهوره من جهة وخلق مشاكل وخلافات مع الاحزاب الكوردية الاخرى من خلال الضغوط الاقتصادية وقطع رواتب موظفي اقليم كوردستان،الا كل تلك المحاولات باءت بالفشل نتيجة حكمة وبصيرة وكياسة قيادة الحزب المتمثلة بفخامة الرئيس مسعود بارزاني و وعي الشعب الكوردستاني في اقليم كوردستان.
حصول الحزب الديمقراطي الكوردستاني الملتزم بالثوابت القومية والوطنية والديمقراطية على 33 مقعدا في الانتخابات الاخيرة كانت صدمة لبعض القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية ووبالاخص لخصوم الحزب الذين عاقبهم جمهورهم لفشلهم الذريع في ادارة البلد وتدمير مالم يدمره النظام السابق فضلا على عمليات الفساد الكبرى ونهب المال العام الذي لم يشهد التأريخ المعاصر مثيلا لها.

لم يتبقى امام الخصوم الا اللعب على ورقتهم الاخيرة وهو نهب مقعدين من مقاعد الديمقراطي الكوردستاني في اربيل ونينوى بطريقة مفضوحة وبغير وجه حق بتعاون مكشوف بين قوى محلية واقليمية ومنحهما للأتحاد الوطني الكوردستاني وذلك لتحقيق هدفين اساسيين وهما تشديد الخلافات بين الحزبين الرئيسين من خلال نهب واضح لهذين المقعدين والتنافس على منصب رئيس الجمهورية بغية عدم ذهاب الكورد بموقف موحد الى بغداد لخوض جولات المفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة، والثاني لخلق توازن بين القوى الكوردستانية من جهة وبينها وبين القوى الخاسرة في الانتخابات الاخيرة وهما مربط الفرس لضرب عصفورين بحجر واحد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here