هل يُصلح العطار ما أفسده الدهر؟

هل يُصلح العطار ما أفسده الدهر؟

الزيارات الرسمية والتحركات الدبلوماسية الاخيرة لسوريا وتركيا ، ثم لإيران من قبل الجانب الإماراتي تدل ان صفحة الماضي ستنطوي ، ومرحلة التصعيد والحرب بالوكالة ، والضرب تحت الطاولة قد انتهت والعمل على بدء صفحة جديدة من اجل تحسن العلاقات وبناء تفاهمات متبادلة والتعاون الثنائية في حل الملفات المعقدة ذات الشأن المشترك
هل يُصلح العطار ما أفسده الدهر؟
ما شهدته المنطقة خلال الفترة الماضية من تصاعد حدة الصراعات والتناحر بين اطراف النزاع امريكا وحلفائها من جانب ، وورسيا والصين حلفائهم من جانب كان ينذر بوقوع حرب عالمية نووية ثالثة ، لولا تدخل بعض الاطراف من اجل عدم وصل الامور الى التصادم المباشر ، ودخول العالم في حسابات ومعادلات جديدة اشبه بما حدث في الحربين العالميتين الاولى والثانية ، لكن عوامل وظروف كانت سببا رئيسا في منع حدوث هذه الكارثة الكبرى ،ولعل اهم الاسباب هي الخشية والخوف في الدخول في معارك مباشرة مع الخصوم ، ولان اطرافها ليسوا بحاجة الى التعريف بقدراتهم وامكانياتهم الهائلة من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية ، لكن في الاتجاه المعاكس كانت خياراتهم او اساليبهم في الحرب البردة هي فرض العقوبات الاقتصادية والتصعيد في لغة التهديد والوعيد ، ودعم الفصائل المسلحة بكافة المجالات ، لتكون ارضينا ساحة للاقتتال ، ونهبت خيراتنا وثرواتنا ليومنا هذا ، ودماء شبابنا هي الثمن الباهظ في دفع فاتورة حرب بالوكالة ، ودمرت مدننا الواحدة تلو الاخرى ، وحتى مدننا الاثرية لم تسلم من هذه الحرب المفجعة .
على الرغم من لجوء الكبار الى استخدام سياسية الضرب تحت الطاولة ، لكنها لم تترك مجال للحوار من خلال طاولة التفاوض ، فكانت هناك عدة لقاءات واجتماعات على كافة المستويات من اجل حلحلة الازمة وايجاد رؤية مشترك للملفات الشائكة بين الجانين ، فكانت النتائج بفعل مما تقدم وضغط بعض الاطراف على طرفي النزاع منعت الصدام بين الكبار ، وحلت بعض الامور ، لكنها لم تحل الازمة نهائيا ، ولم تكن خارطة الطريق لعودة الامور الى مجالها الطبيعية ، بمعنى ادق وواضح العراق وسوريا ولبنان واليمن كانت ومازالت ساحة لتصفية الحسابات المتبقية ان صح التعبير (هل يُصلح العطار ما أفسده الدهر؟ )، ومنفذ لتنفيذ اجندتها وسياساتهم ونهجهم المعهود في تدمير البلدان وقتل الشعوب .
لو نعود الى اصل كلامنا ونسال لماذا لم تكن هذه التحركات والزيارات خلال الفترات السابقة من قبل اطراف الحرب ؟ وجوابنا باختصار شديد لان طرفي الصراع وصلوا الى قناعة تامة ان نهج الحرب والتهديد لم يحل المسائل المختلف عليها ، بل زاد الطين يله ، وجعل بعض الاطراف اكثر تمسك بمواقفها , واشد صلابة في التحاور والتفاوض ، ثم انهم فشلوا فشل شنيعا في حربهم المباشرة كما في اليمن ، ودعم المجموعات الارهابية كما في العراق وسوريا ، وحتى في الملف الاقتصادي الحال نفس الشي في لبنان .
ولماذا سيكون الحال بعد هذه المفاوضات السرية والعلنية لبعض الدول (العراق وسوريا ولبنان واليمن) ؟ هنا سنجيب من محورين الاول ان الدول الكبرى ومن ينوب عنها في التفاوض ستضمن بالدرجة مصالحهم , ثم تحاول الحصول على اكبر قدر من المكاسب والمنافع في دول المنطقة من خلالا ابرم المعاهدات والاتفاقيات السرية والعلنية, ليكون الدور بعد ذلك ضمان مصالح حلفائهم في المنطقة ، اما دول اخرى سيبقى حالها كما هو ، وستبقى تدفع الاثمان الغالية في حالتي السلم والحرب .
كما يعرف الجميع قد تستمر المفاوضات لسنوات طويلة ، وبدون التوصل الى تبني رؤية مشتركة ، والحال سيبقى نفس الحال دول في طريق الاعمار والبناء والتقدم وامن واستقرار ،واخرى محور كلامنا ستظل ساحة للتصفية الحسابات ، ولا شيء يذكر في فيما تقدم ، بل سيزداد الوضع سوء اكثر مما سبق بكثير في كافة المجالات ، وسنشهد المزيد من مسلسل الدمار والخراب والقتال في البلدان الاربعة المذكورة او ستضاف اليها بلدان اخرى في قائمة الدول المنكوبة .

المحصلة النهائية لما لن يُصلح العطار ما أفسده الدهر ، ونبقى هذه الدول ضحية مشاريع ومخططات الكبار في حساباتهم ، الا اذا كان للشعوب كلمة اخرى في تغيير المعادلة ، والدخول في حسابات اخرى ويكون وقتها لكل حادث حديث ،
ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here