بغداد : مصطفى الهاشمي
يعد تفعيل عمل شركات الاستثمارات العقارية مطلبا في ظل الظروف الاقتصادية للعراق، إذ تلعب هذه الشركات دورا محوريا في الحد من أزمة السكن من خلال توفيرها وحدات سكنية بمواصفات عالمية، ولكن دور هذه الشركات في الفترة الراهنة محدود، ويدور في نطاق ضيق بسبب غياب الدعم الحكومي لها، والذي يتمثل بتخصيص أراضٍ لإقامة مشاريعها الإسكانية، بما من شأنه تقليل سعر الوحدة السكنية والتخفيف عن كاهل المواطن.
وفي هذا الشأن أكد المختص بشؤون الاستثمار العقاري محمد شهاب ان {تفعيل نشاط شركات الاستثمارات العقارية سيحد من ارتفاع أسعار العقارات في مراكز المدن ويقلص من آثار أزمة السكن التي يعاني منها البلد}. وفي العراق توجد 3 شركات خاصة تعمل في مجال الاستثمارات العقارية والمقاولات، وهي مدرجة في سوق العراق للاوراق المالية، لكن نشاطها محدود جدا بسبب افتقارها للدعم الحكومي، المتمثل بتخصيص الاراضي لها، لكون نشاطها في سوق العقارات يعتمد بصورة اساسية على هذه التخصيصات من قبل هيئة الاستثمار او الوزارات المعنية.
زيادة النفوس
أكد شهاب ان العراق يشهد تناميا في عدد نفوسه سنويا، ما يدعو الى مواكبة هذه الزيادة بتوفير الوحدات السكنية لهم، بعد التخطيط السليم للعمران والبناء في البلد، {داعيا القائمين على هذا الملف الى اعادة النظر بموضوع تفعيل دور الشركات الخاصة بالاستثمارات العقارية في توفير السكن اللائق للمواطن العراقي، كونها تبني تلك الوحدات على المساحات المخصصة لها او التي تشتريها من الدولة، ما يتيح لها الابداع في فن العمارة وهندسة المساحة، ومن ثم لتبيعها على المواطنين بالتقسيط المريح}.
ورأى المختص بشؤون الاستثمار العقاري انه {كلما قل سعر قطعة الارض التي تحصل عليها الشركة، كان سعر الوحدة السكنية المباعة للجمهور مدعوما وبسعر أنسب وبأقل التكاليف، ما سيسهم بالتخفيف من معدلات التضخم السكاني، لكون مؤشر الايواء والسكن في تقرير التضخم الذي تعده وزارة التخطيط، هو الاكثر ارتفاعا من بين بيانات التضخم السعري}.
ودعا شهاب الى ضرورة {وضع حد لارتفاع الاسعار في جانب العقارات سواء للتملك او حتى الايجار كونها تستنزف ثمرة جهد الفرد لسنوات او لأشهر متواصلة في سبيل توفير السكن اللائق له ولاسرته}.
الاستثمار المحلي
بدوره بين الباحث الاقتصادي فراس عامر اهمية {دعم الحكومة لمثل هذه الشركات لكونها تسهم فعليا في الحد من ازمة السكن وتقليص اسعار العقارات، كما ان تفعيل دور شركات الاستثمارات العقارية له دور فاعل في حسم موضوع مشاركة القطاع الخاص في حل الازمة، ولكونها ستوفر رؤوس اموال ضخمة بواسطة الاستثمار المحلي بدلا من الاجنبي}.
وأشار الى ان العراق بحاجة الى {إعادة النظر في موضوع الاستثمارات العقارية بعيدا عن الدلالين الذين اسهموا بشكل او بآخر باشعال سوق العقارات بلهيب الاسعار المرتفعة، في وقت لا تتناسب فيه هذه الاسعار مع واقع الخدمات في المناطق السكنية}.
من جهته بين المهندس علي طارق ان {ارتفاع اسعار العقارات يعود في الغالب الى ارتفاع أجور الايدي العاملة واسعار المواد الانشائية المستوردة وغير المدعومة من الدولة}.
وطالب بتوفير {الدعم الحكومي لكل مفاصل قطاع الاسكان وتفرعاته، بما فيها شركات الاستثمارات العقارية من خلال زيادة مساحة الاراضي المخصصة لها، ودعم توجهات البناء العمودي كونه ذا جدوى اقتصادية اذا ما حسبنا كلفة البناء بالمتر المربع الواحد على عدد الطوابق للبناية الواحدة}.
خدمة الكترونية
أفاد طارق بأن {اطلاق موقع الكتروني متخصص بعرض فرص بيع وايجار وشراء العقارات في العراق، سيربط البائع والمشتري او المؤجر مباشرة، ولا حاجة الى توسط الدلال في تلك العمليات، لان المرحلة الراهنة تتطلب تطوير واقع سوق العقارات باستخدام التكنولوجيا والمواقع الالكترونية، ما قد يشجع على الحد من ارتفاع اسعار العقارات والحد ايضا من جشع الدلالين}.
وكان الخبير الاقتصادي الدكتور ماجد الصوري بيّن أن {سوق العقارات في أي بلد في العالم تخضع للعرض والطلب، إلا في العراق، بسبب تأثيرات الأوضاع العامة}.
وأضاف أن {خصوصية العرض والطلب تجعل من اسعار بعض العقارات اكثر من المستوى المطلوب، قياسا بواقع الخدمات في مناطقها}، مؤكدا ضرورة {حل مشكلة السكن والمناطق التجارية التي تصل قيمة العقار فيها الى 10 اضعاف قيمتها
الحقيقية}.
وأكد الصوري أن {توفير السكن ضرورة ملحة لتغطية الحاجة وتلبية الطلب المتنامي في هذا القطاع}، مشيرا الى ان {ارتفاع اسعار العقارات يأتي كنتيجة طبيعية للاكتظاظ السكاني الموجود في العراق، الى جانب تنوع السكن في المدن بين الاغنياء ومناطق الفقراء، فضلا عن الأوضاع العامة للبلد}.
ودعا الى {ألا يترك موضوع تحديد الاسعار محصورا بالدلالين، لكونه يجعل المسألة فوضوية}، ضرورة أن {يعاد النظر بتنظيم السكن، والتخطيط العام للمدن في العراق، لانه سيحد من نمو الاسعار لهذا
القطاع}.