فضائياتنا وضيوفها!

فضائياتنا وضيوفها!
علاء كرم الله

لا شك أن الأحتلال الأمريكي الغاشم للعراق قلب الحياة العراقية راسا على عقب بكل تفاصيلها السياسية والأقتصادية والأجتماعية والقومية والدينية والطائفية ، وكان أنقلابا نحو الأسوء وعلى غير المتوقع! ، بعد أن جعل قاعدة المثلث العراقي الى الأعلى وراسه الى الأسفل! حتى أوصل العراق الى مرحلة الأنحطاط والفشل0 وكان نصيب الأعلام كبيرا من ذلك الأنقلاب ، وكانت المفاجأة أكبر لدى العراقين بعد أن وجدوا أنفسهم وسط أعلام فضائي وصحفي كبير ومفتوح وخطير بنفس الوقت! فمن 4 صحف و3 محطات تلفزيونية أبان فترة النظام السابق وكلها تحت رقابة الدولة ومركزيتها الشديدة، الى أكثر من 60 صحيفة ومجلة وبنفس هذا العدد أو اقل منه بقليل من المحطات الفضائية وبلا رقابة ، ولم يكن ذلك أنفتاحا أعلاميا بقدر ما كان أنفلات أعلامي! رهييب وخطيرغير مسيطر عليه تماما بحجة حرية الصحافة والاعلام!!؟ 0 أن كثرة أعداد الفضائيات التي قاربت ألى أكثر من 40 فضائية أنعكس سلبا على واقع الحياة العراقية! ، حيث زادت هذه الفضائيات من تشتيت وتشويش أفكار العراقيين وأشاعة الفوضى والخوف والأرتباك لديهم ونشر الأشاعات بينهم من خلال الأخبار التي تبثها وتنقلها! ، لاسيما وأن العراق أصبح من بعد الأحتلال أرض خصبة لنرويج كل شيء سيء وضار ليس الأشاعات فحسب ! ، بسبب كثرة أحداث العراق وتنوعها ، فكل يوم هناك حدث في العراق ، بل هناك حدث في كل لحظة!0 أن من ركائز العمل الأعلامي المتعارف عليها على مستوى العالم أجمع هو أن تقوم الفضائيات بأستضافة شخصيات أكاديمية ومهنية معروفة في شتى المجالات والأختصاصات ، ولو أنها في كثير من الأحيان تستضيف الشخصيات السياسية و الأقتصادية بأعتبار أن السياسة والأقتصاد هي من تحرك عجلة الحياة بهذا العالم أجمع ، وأيضا يتم في أحايين استضافة الشخصيات والرموز الدينية المهمة على مستوى العالم بشقيه الأسلامي والمسيحي لتأثير الورقة الدينية الكبير والواضح على خارطة العالم في العقود الثلاث الأخيرة! 0 ومن الطبيعي أن صورة المشهد العراقي غير المتجانس والمشوه والمنفلت لابد أن يخضع الى التحليل والحديث عنه من خلال الضيوف الذين تلتقي بهم تلك الفضائيات ، ومن الطبيعي أن يكون غالبية من تستضيفهم الفضائيات هم من الوجوه والقيادات السيساسية التي برزت على الساحة السياسية من بعد سقوط النظام السابق ، ولكن المضحك والمحزن في أمر هؤلاء الضيوف الذين تلتقيهم الفضائيات من أجل سماع أرائهم وتحليلاتهم وتوقعاتهم وحتى نقدهم لهذه الحالة وتلك عما يجري من أحداث كثيرة وكبيرة وعديدة ، أن غالبية هؤلاء السياسين أن لم أقل جميعهم عليهم مؤشرات سلبية من قبل الشعب ولم يحظوا برضاه وأحترامه وتقديره لأنهم متهمين من قبل الشعب بأنهم هم من أوصلوا العراق الى هذا الدرك الأسفل من الفشل والأنحطاط ومن الجوع والفقر والحاجة والتخلف والتشرد والأمية حتى أن الكثير منهم يذكرون ذلك علانية وأثناء اللقاءات! ومنهم النائب والسياسي المعروف بجرأته وصراحته ((مشعان الجبوري)) ، الذي طالما ذكر ذلك قائلا وفي أكثر من لقاء وعلى شاشة اكثر من فضائية (( نحن من ساهمنا بخراب ودمار العراق وعثنا به فسادا وخرابا وكلنا فاسدون ومرتشون حد النخاع ، نحن وراء جوع وفقر العراقيين وتشريدهم وموتهم ، وكلنا شركاء بدمار وخراب العراق ونهب ثرواته وخيراته وتحطيم شعبه ودمار بنيتهم الأخلاقية والتربوية ويؤكد بالقول بأن كل سياسي يقول غير ذلك وبأنه نزيه وشريف فهو كاذب! ويؤكد بأن من لم يسرق ويرتشي من السياسيين فأنه سكت على السرقة! ولم يكتفي بذلك بل ذهب الى أتهام بعض السياسيين بالعمالة لهذه الدولة وتلك!)) ، وليس النائب (مشعان الجبوري) وحده من ذكر وأعترف بذلك بل هناك غيره أيضا من ذكروا وأعترفوا بذلك مرارا وتكرارا! وقالوا وذكروا ذلك على رؤوس الأشهاد بأنهم فشلوا فشلا كبيرا بأعادة بناء الوطن والمواطن وانهم لا يستحقون قيادة البلاد!0 وهذا ما سمعه وشاهده العالم أجمع وليس العراقيين فقط 0وفي الحقيقة أن من مثل هذه الأعترافات والحقائق التي يذكرها النائب مشعان وغيره من النواب والسياسيين لم تعد غريبة!! لاسيما هم يذكرونها بدم وأعصاب باردة وبلا خوف وبلا أدنى درجة من الحياء والعيب! ، ولكن الغريب هو لماذا تصر الفضائيات على أستضافتهم؟! ، فمرة تراهم على هذه الفضلئية ومرة على تلك! حتى أصبحوا ضيوف دائميين على الفضائيات وعلى مقدمي البرامج (والغريب في الأمر أنهم صاروا ميانة ويه مقدمي البرامج ضحك ونكات وتصنيف! ، ولا ندري من يضحك على الشعب الضيف أم الفضائيات أم كلاهما؟!) 0 والسؤال هو لماذا تصر الفضائيات على أستضافتهم وتكرار تلك الأستضافات أن كان مع تلك النائبة والنائب وذلك السياسي ؟، فهل هذا يأتي كمحاولة من الفضائيات لتلميع صورتهم أمام المشاهدين أو أعادة تدوير هذه الوجوه والقيادات الفاشلة؟ ، لا سيما أن غالبية هؤلاء السياسيين ، يجيدون فن الكذب والمراوغة والتظليل والمخادعة ؟! والسؤال المهم هو:، هل يمكن لفاسد أو سارق أو كاذب ان يعطيك رأيا صائبا ويتكلم الحق والعدل والأنصاف بحق العراق ويريد له الخيروهو بالأمس ساهم بخرابه ودماره ؟ وهل يمكن أن يكون صادقا ومن ثم كيف يمكن الوثوق بكلامه ؟!0حتى أن الناس ومن كثرة تكرار ظهورهم كرهوا تلك الوجوه ، ووصلوا الى حد القرف من مشاهدة تلك الفضائيات وسماع تلك الاحاديث المكررة والممجوجة ، وصاروا يهربون الى مشاهدة المسلسلات والأفلام والأغاني حتى التافه منها لأنهم يأسوا من كل شيء وأصابهم الملل0أخيرا نقول : أن رسالة الأعلام الحقيقي والوطني والصادق والذي يعمل من أجل الوطن والشعب والذي تتبناه وتقود مفاصله الفضائيات ، لا يكون بأستضافة من سرقوا ونهبوا وخربوا وزوروا وسكتوا وساعدوا على الفساد فهي بذلك تكون شريكة ومشجعة لهم!!0

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here