الحواسم.. عشوائيات تعيق تنمية لا وجود لها

الحواسم.. عشوائيات تعيق تنمية لا وجود لها

ابو مسلم الخرساني

إحتلت أمريكا العراق يوم الاربعاء 9 نيسان 2003 فأنهارت الدولة وعاش الشعب فراغ سلطة ما زال يرزح تحت فساده حتى ساعة كتابة هذا المقال.

ومن بعض مظاهر الإنهيار نشوء العشوائيات التي إصطلح الناس عليها “الحواسم” متمنياً إعتماد التسمية بشكل رسمي.

عشوائيات الحواسم، طابوكة نامت على صدر مشاريع التنمية الوهمية التي لا وجود لها؛ فكلما طفحت المجاري ظهر مدير إعلام أمانة بغداد يعد بمجاري الخنساء منذ 2003 الى الآن وإذا سأله الاعلام عنها قال “الحواسم تعيق تنفيذها”.. تمطر الغيوم فتعد أمانة بغداد بمجاري الخنساءالتي لن تنفذ بسبب الحواسم.. إنها تعيق مشاريع وهمية أخرى.. بل شماعة لمشاريع تعلن عنها وزارات الدولة لذر الرماد في العيون.

(1)

حي التنك

يجثو حي التنك على مساحة خمسة كيلومترات مترامي الأطراف، من نهاية حي الرشاد الى حدود ديالى.. نثار بيوت كأن مارداً مهولاً ألقاها بإهمال فإمتدت عشوائياً تنبسط صرائف طين وحصران وقطع خشب مقوى وفي أحسن الاحوال “سندويج جنل” لا يقي من حر الصيف ولا يدفع برد الشتاء، أجساد السكان إكتسبت مناعة من الأمراض الناتجة عن الغرق في مستنقع الاوساخ وقسوة ظروف المناخ، ومن يعجز جسده عن إكتساب المناعة يموت وذووه قاصرون.. فقرا.. عن مساعدته.

فماذا عدا مما بدا.. حكومة سقطت وشعب تأهب لعهد جديد، وجد نفسه يسقط في وهدة فساد حاد بقوة لا نهائية، لأن العتاكة قبضوا على اللحى، عملاً بواحد من بروتكولات حكماء صهيون: “نسلط عليهم سفلتهم؛ فيجنبوننا جهد تدميرهم” وهذا ما أدركه نابليون في منفاه بجزيرة سانت هيلانه: “لا أحد مسؤول عن هزيمتي.. أنا كنت عدو نفسي”.

والعراقيون الآن.. شعباً وحكومةً.. أعداء نفسهم، إعتداءات غير مسببة وزحامات ناتجة عن إهمال السلطات المعنية وسوء تعامل الناس مع الآخرين.

(2)

خارج التغطية

تعيش مقالع الازبال، التي تسمى مكب النفايات.. والتسميتان ألعن من بعضهما بالنسبة لبشر يعيشون وسط مصب أزبال العاصمة بأحيائها ومدنها كافة.. شاهدت أكواماً لا نهائية من نفايات.. تزداد كل ساعة ويوم متفاقمة؛ نتيجة ما تلقيه سيارات التنظيف القادمة من أرجاء بغداد الى المقلع التالي جغرافيا على بغداد محاذيا لديالى.

بيوت طينية من دون أبواب، وأخرى علب صفيح صفت من الارض الى السقف، تاركة فراغات يعصف فيها برد الشتاء وحر الصيف.. تفصل بينها مسافات تشغلها النفايات.. لا ماء ولا كهرباء ولا أوراق ثبوتية.. الميت يدفن في مكانه وينسونه.

إنها حياة خارج رحمة الانسانية غير مشمولة بتغطية من ضمانات القانون…

فـ “هلا سألتِ الخيل يا إبنة مالك.. إن كنتِ جاهلة بما لم تعلمي” فلا حكومة تسأل عن مآل أحوال الشعب ولا الشعب يسأل عن نفسه.. بحر تيه محيط لا قرار له

(3)

إقتحام البحيرة

تتزين نهاية حي الامانة من جهة الباب الشرقي، ببحيرة فائقة الجمال، إقتحمها سكان العشوائيات.. الحواسم، منشئين بيوتاً من طين وآجر وصفيح وقطع أخشاب، أساءت لوجه العاصمة بغداد.

عوائل تتغالب مع القانون والعرف والشرع؛ في محاولات مستمرة لإختراق الحق وإقرار الباطل؛ متوزعين بين صرائف وغرف غير مكتملة الاضلاع ومن دون أبواب ولا إنارة، يتناولون عشاءهم غروباً قبل أن يختلط ظلام الليل بحمرة الغروب، نائمين لينتشروا صباحا.. حمالين ولامعي أحذية ومتسولات ومومـ…ات ونشالة.

(****)

لفتة رحمانية من نائب سكران، يتقدم بها الى مجلس الوزراء، تكفي للملمة هؤلاء وسواهم، في مجمعات سكنية، تحسم التشوهات التي أصابوا بها التخطيط الأساس لمدينة بغداد الخربة شكلاً ومضموناً.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here