صناعة الولاء

صناعة الولاء :
بقلم ( كامل سلمان )
الخوف زائدا الجهل يصنع الولاء ، هذه الخلطة يتم تقديمها للبسطاء والضعفاء لصنع الولاء في عقولهم . والخوف زائدا المغريات ايضا يصنع الولاء ولكن هذه الخلطة يتم تقديمها للأقوياء لصنع الولاء . ونقصد بالولاء التبعية والخضوع . هذا النوع من الولاء هو الأكثر انتشارا و شيوعا في مجتمعات العبيد ، اما في مجتمعات الاحرار فالولاء حب وفكر و انشراح صدر ويكون الولاء للمبادىء وليس للأشخاص .
اعطاء الخلطات للناس في مجتمع العبودية تحتاج الى رجال اوفياء مخلصين يقومون بهذه المهمة وهؤلاء بحاجة الى اوقات طويلة للتدريب و بتوجيه فكري عقائدي واغراق بالوعود والمغريات لإن هؤلاء الرجال هم الرهان الحقيقي لإنجاح المهمة في صناعة الولاء عند عامة الناس . وهذا الكلام يشمل جميع المتسلطين على رقاب الشعوب في مراحل التأريخ ، والمتسلط لا يحتاج الى ولاء جميع الناس بل كل ما يحتاجه هو ولاء جزء من الناس وخوف ورعب عند السواد الاعظم من الناس ووجود القوة التي تضمن استمراريته مع كبت مطلق للبقية المطلقة التي ستكون في نهاية المطاف الضحية لمغامرات هذا المتسلط .
في العصر الحديث دخل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كعامل مساعد لزراعة الجهل والخوف ، وان زراعة الجهل والخوف تحتاج الى آلية مدروسة يستعين القائمون عليها بالدراسات السايكيلوجية ، فالتجهيل عملية تكاد تكون سهلة مقارنة بالتخويف لإن مفردات التجويع وقطع روافد المعرفة وخلق الازمات كفيلة بتحقيق هذا الهدف اما التخويف فهي الحلقة الأصعب ولا بد ان تمر بمراحل وأهم هذه المراحل القتل البشع فالقتل البشع يترك اثاره الكبيرة في نفوس الناس و يخلق حالة من الرعب والكآبة واليأس يصل تأثيرها السيء الى ابعد نقطة في المجتمع .
ان فقدان الامان نتيجة الخوف تدفع الإنسان الى التخلي عن الكثير من المتطلبات الحياتية الضرورية من غذاء وكهرباء وخدمات وقبول الازمات حفاظا على النفس التي تصبح معرضة للخطر .
في الوقت الذي ظهر في جزء من هذا العالم فكر ينادي بحقوق الإنسان وحرية الإنسان وكرامة الإنسان وهذا الفكر تم تطبيقه على الواقع فخلق مجتمعا تذوب فيه كل الفوارق الدينية والعنصرية فأصبح مجتمعا يليق بالإنسان ووجوده كأفضل الكائنات ، نرى في جزء أخر من هذا العالم ظهور فكر ينادي بعبودية الإنسان بشكل مقيت وكان لابد لهذا الجزء ان يتحرك لمعاداة الجزء المتحرر مخافة ان تتسرب افكار التحرر وتقضي على بناءه الهش ، فأعلنوا الحرب على كل الجبهات العسكرية والثقافية والنفسية والدينية ضد التحرر ووصفوها بالاباحية والسقوط الاخلاقي والكفر والبدعة ، كل ذلك لكيلا تصل اليهم امواج التحرر الإنساني وعملوا جهد ايمانهم على اقناع الطرف المتحرر بأن الشعوب هي من ترفض فكرة حرية وكرامة الإنسان متناسين بإن التحرر حصل عند تلك المجتمعات كضرورة تأريخية وإرادة فولاذية وإنها ستحل عندنا محل العبودية عاجلا او آجلا ولا مناص من هذه الموجة التسونامي التي لم تصل الينا منها سوى رذاذ متطاير ، فهل ارهاب الشعوب واستعبادهم ستمنع هذه الموجة حين قدومها ، هذا ما يحاول المتسلطون ايهام انفسهم بها .
لقد اثبتت التجارب ان كل الازمات التي تعصف بالشعوب هي صناعة بشرية وهي صناعة دوائر التسلط ، ازمة الغذاء وازمة الدواء والماء والخدمات ، فهذه الازمات اختفت تماما عند الشعوب التي نالت حقوقها الإنسانية بينما تزداد هذه الازمات ضراوة عند الشعوب الخاضعة للتسلط والعبودية ، كل ذلك يحدث رغبة من المتسلطين في احكام سيطرتهم المطلقة على الناس .
ان المتسلطين سيعانون كثيرا وستزداد معاناتهم كل يوم جديد يمر عليهم وستطبق عليهم قوله تعالى ( سأرهقه صعودا ) اي زيادة الإرهاق بشكل تصاعدي ونهايتهم تكون غير مأسوف عليها ، وهذا هو ما أختاروه لأنفسهم (فأنتظروا انا منتظرون ) وللأيام حكايات .
معاق العقل يبيت غافلا
ولا يدري للأيام حكايات

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here