ألأنسحاب في مقابل ألأنتخاب

ألأنسحاب في مقابل ألأنتخاب

هل يعقل ان تقبل ألأحزاب و الحركات ألأسلامية بهذه الهزيمة المنكرة و تستكين و ترضخ لقرار المحكمة ألأتحادية و هذه ألأحزاب لا تعترف اصلآ بالمحاكم المدنية و بالأخص العراقية منها حيث ان مرجعية هذه ألأحزاب و الحركات ألأسلامية في طهران و قم و لا تعترف الا بتلك ألأحكام التي تصدر عن المرجعيات الدينية ألأيرانية و قد لوحظ تهدئة في المواقف و دبلوماسية في التصريحات بعد ذلك الخطاب المتشنج و ذلك الزعيق و الصراخ و نصب الخيام و أقامة السرادق امام بوابة المنطقة الحكومية و التهديد و الوعيد بقص ( ألأذان ) و جدع ( ألأنوف ) الذي طال ( رئيس الوزراء ) شخصيآ و ربما تشبهآ بتلك العقوبات القاسية و التعسفية التي كان يمارسها جلاوزة النظام السابق ( صدام حسين ) بحق المعارضين و الهاربين من الحروب و المعارك الكثيرة و التي كان ذلك النظام مغرمآ و مهوسآ بها .

ان تنسحب القوات ألأمريكية و بكل سهولة و يسر و تفهم و تخلي القواعد ألأستراتيجية المهمة في ( عين ألأسد و حرير ) و خلال اشهر قليلة تغادر القوات ألأمريكية بكامل العدة و العتاد و المعدات ألأراضي العراقية تلبية و استجابة لدعوة الحكومة العراقية و الطلب من تلك القوات مغادرة العراق او كان ذلك ألأنسحاب انصياعآ للتهديدات و القذائف التي كانت تطلقها الفصائل الولائية و التي تنفذ ألأوامر و التعليمات ألأيرانية حرفيآ في التهدئة او في التصعيد و كان في مغادرة القوات ألأمريكية العراق اشارة واضحة على خلو العراق من القوات العسكرية المقاتلة و التي كانت تشكل رادعآ قويآ بوجه التدخل ألأيراني من خلال الفصائل الولائية و السيطرة على مقاليد ألأمور بشكل كامل و علني بعد ألأنسحاب .

كان أختيار التيار الصدري الفائز ألأول بالمقاعد البرلمانية قبل انعقاد الجلسة ألأولى كان ( اختيارآ ) حكيمآ فالطرفان ألأيراني و ألأمريكي ( يثقان ) في هذا النتيار مع بعض التحفظ فالطرف ألأيراني يرى في التيار الصدري و على الرغم كونه مشاكسآ الا انه ( اهون الشرين ) و اكثر اعتدالآ من الحراك التشريني المناهظ و المعادي بشكل كلي للحكومة ألأيرانية حيث احرقت القنصليات ألأيرانية في كربلاء و البصرة و لا يمكن للتيار الصدري ان يكون معاديآ للنظام ألأيراني بشكل حاد و قوي و لكن مع ألأصرار على استقلالية القرار العراقي و كذلك موقف التيار ( اللين و الهادئ ) من التواجد العسكري ألأمريكي و دعوته الى الحوار مع الحكومة ألأمريكية في هدف جلاء القوات العسكرية من العراق و عدم اللجؤ الى اساليب القوة و السلاح و هذا كان مدعاة ارتياح و تفهم و تقدير الحكومة ألأمريكية .

أنسحاب القوات ألأمريكية دون ضمان من عدم سيطرة الفصائل الولائية على الحكم في انقلاب قد يتستر بالشرعية البرلمانية في سيطرة ممثلي الفصائل و الميليشيات الموالية لأيران على ألأغلبية في مجلس النواب و من ثم تمرير حكومة موالية و متحالفة مع الحكومة ألأيرانية و الحرس الثوري فيها و كما حصل سابقآ في الوزارات التي شكلها ( حزب الدعوة ) الحليف القوي ( للولي الفقيه ) و التي التحق او الحق العراق فيها بما يسمى ( محور المقاومة و الممانعة ) و التي يشرف عليها و يسيرها ( الحرس الثوري ألأيراني ) اما في ألأنتخابات ألبرلمانية ألأخيرة و التي هزمت فيها ألأحزاب الشيعية الموالية لأيران شر هزيمة فأن ألأمل في تشكيل حكومة اخرى تسير على نهج الحكومات السابقة في الولاء و الطاعة لأيران قد احبط .

كذلك لا يمكن للحكومة ألأيرانية و الحرس الثوري القبول بالهزيمة في ألأنتخابات ألأخيرة من دون مقابل و كان ألأنسحاب ألأمريكي من العراق هو الثمن الذي يستحق ان يدفع لقاء خروج ألأحزاب الموالية لأيران من المعادلة الأنتخابية و القبول بتلك النتائج بغية امتصاص النقمة الشعبية على النفوذ ألأيراني المتصاعد و الذي تجلت مضاهره في ألأحتجاجات الجماهيرية التشرينية التي دقت ناقوس الخطر على التواجد ألأيراني و من خلال بعض اعمال العنف غير المبرر الذي رافق تلك ألأحتجاجات و المتمثل في حرق القنصليات ألأيرانية في العديد من المدن العراقية و الهتافات المعادية للنفوذ ألأيراني في ساحات ألأعتصام التشريني كانت دليل قوي على معارضة العراقيين و رفضهم الهيمنة ألأيرانية مهما تعددت الأوجه و ألأساليب و الغايات .

لا تغيب عن اذهاننا ( نظرية المؤامرة ) حيث اننا ( العراقيون ) من اكثر شعوب العالم تعلقآ و حبآ بتلك النظرية و كذلك ألأتفاقات التي تعقد و توقع ( تحت الطاولة ) و التي لا يمكن الأعلان عن بنودها و محتواها الا بعد سنين طويلة من ابرامها حينها تكون قد فقدت اهميتها و حيويتها و من منبع الشك و الريبة و كذلك الحذر و الحيرة في انسحاب القوات ألأمريكية و اخلاء الساحة العراقية للنفوذ ألأيراني و هذا ألأمر لا يمكن ان يقبله العقل السليم الا اذا كانت هناك اتفاقات سرية غير معلنة اعتمادآ على ( نظرية المؤامرة ) في انسحاب القوات ألأمريكية من العراق و تخفيف الضغط على ايران و الفصائل الموالية لها في مقابل ان تكون الحكومة العراقية المقبلة ليست من الفصائل الولائية الصرفة و القبول بالتيار الصدري كحل وسط و مقبول من جميع ( ألأطراف ) و سيبقى العراق في مهب الرياح ألأمريكية ألأيرانية .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here