استهداف ثورات الشعوب العربية

استهداف ثورات الشعوب العربية، نعيم الهاشمي الخفاجي

كل ما يسمى في الحراك السياسي سواء كان على مستوى بعض الحكومات أو تحريك الجماهير في الخروج بمظاهرات ظاهرها الرحمة وباطنها تنفيذ مشاريع كبرى لقوى استعمارية واضحة، لننظر إلى ماحدث في كل من العراق والسودان وتونس بشكل خاص في العام الماضي يكشف حجم المؤامرات التي استهدفت الشعوب بتلك الدول، في اسم مظاهرات شعبية دبر العسكر بدعم الدول الخليجية البدوية انقلاب عسكري في السودان لسرقة ثورة الشعب السوداني، لننظر ما فعل الجنرال عبدالفتاح البرهان سرق الثورة في اسم عزله إلى سيده العميل المرتزق عمر البشير، حاول عزل رئيس الحكومة المدني حمدوك بسبب وجود له تواصل مع القوى الشعبية اليسارية التي أعلنتها صراحة لا لحكم العسكر، لأن شعب السودان يعلم عمالة قادة العسكر لدول الرجعية العربية، في تونس بسبب المال الخليجي والتدخل التركي لصالح النهضة فرع الإخوان في تونس حدثت صراعات ما بين بدو الخليج واردوغان في تونس انتهت بدعم قيس سعيد في عمل انقلاب لعزل النهضة وإسقاط ما أفرزه الصندوق الانتخابي في تونس.

أما بالعراق الحراك الشعبي كان موجه في اتقان إلى استهداف المكون الشيعي وفعلا نجحوا في تدمير مدننا والتأثير على عدم مشاركة أبناء المكون الشيعي بالانتخابات وبشكل قوي، لكن النتائج أبقت المكون الشيعي ايضا بالصدارة رغم وجود حالات الخلافات الشيعية الشيعية التي للأسف يراهن عليها أعدائنا لتنفيذ خططهم في استهداف الشيعة وابادتهم مثل ماحدث في نهاية القرن الرابع الهجري عندما شن بني أسد هجوما على إمارة خفاجة الشيعية في الفرات الاوسط واسقطوها وبعد ستين عاما وفي عام ٥٦٠ هجري شن السنة بزعامة ابن المنتفق من البصرة وبعد القضاء على الدولة الفاطمية في الشام ومصر والبويهيين في إيران هجوما كاسحا على إمارة بني أسد المزيدية وابادوهم بيوم واحد تم قتل خمسة آلاف شخص من بني أسد في الحلة والكوفة.

في العام الماضي قوى الاستعمار دعمت الصراعات في ليبيا والجزائر، لكن قادة العسكر في الجزائر افشلوا استهداف شعب الجزائر وتدميره خدمة للصهيونية، وتم دعم المغرب لافتعال أزمات مع الدولة الجزائرية.

أن ثورات ما يسمى الربيع العربي تم دعم تلك الثورات من قبل الدول الاستعمارية الكبرى بحيث أحدثوا زلزال مدمر فاقة قوته درجات على مقياس ريختر السياسي، بحيث انتقلت الثورات إلى كل الدول، تم قمعها و إفشالها في دول الرجعية العربية بل وتم احتلال البحرين وقمع شعبها، بينما الدول الرافضة للاستعمار تم ذبح شعوبها طيلة سنوات بدعم غربي واضح، حتى الدول التي نجحت بها الثورات تم عمل انقلابات معاكسة لسرقة الثورات وتنصيب عملاء للغرب، ثورة رئيس تونس في عام 2021، آخر دولة تم سرقة ثورة شعبها في اسم محاربة حركة النهضة الإسلامية، من دعم الثورات العربية من دول الاستعمار ليس غبي وجاهل، هؤلاء يعرفون أن الشعوب العربية غير قادرة على حكم نفسها لعدم وجود دساتير حاكمة ومؤسسات تدير الدول العربية، لذلك الثورات أسقطت أنظمة وعجزت أن توجد نظم سياسية ديمقراطية لأن الاستعمار نفسه نصب علينا حكام عملاء ولم يعمل لنا دساتير عندما رسم لنا حدود بعد إسقاط الدولة العثمانية وتقسيم الشرق الأوسط وفق اتفاقية سايكسبيكو.

نحن بالعراق عندما تم إسقاط نظام صدام الجرذ الهالك وقف الساسة الجدد ضد إيجاد نظام حكم يجمع السنة والشيعة والأكراد في دولة يحكمها دستور ومؤسسات، السبب بناء الدولة العراقية في عام ١٩٢١ لم يتم تشريع دستور ينظم علاقات مكونات الشعب ويضمن تمثيلهم بشكل متساوي لذلك لا يمكن بناء ديمقراطية بدون الاتفاق على دستور ونظام حكم بالعراق من المكونات الثلاث الرئيسية لضمان وحدة العراق وقطع دابر التدخلات الخارجية بأدوات عراقية محلية نتنة، لذلك هناك حقيقة أن بين العرب وبين الديمقراطية فارق زمني كبير، وبسبب تعثر الوضع انعكس سلبا على عامة الناس حتى بلغ اليأس ببعض شعوب الثورات العربية في وجود مضاد طبيعي أسمه انتي فيروس الديمقراطية، هناك رفض لكل الحلول مثل مقاومة الجسد البشري أي جسم غريب يستزرع فيه.

بسبب الاحباط والياس تجد هناك يؤيد العسكر في مصر والسودان وكذلك دعم قيس بن سعيد في السودان بل كل هذه الشعوب تعيش جدل بين مؤيد ورافض للاسف يكرهون الحريات، عندنا بالعراق فلول البعث بسبب خسارتهم للحكم وبسبب طائفيتهم يروجون إلى فكرة الانقلاب العسكري المدعوم غربيا وبدويا لإقصاء الشيعة وهناك من المغفلين من يؤيدوهم بسبب مصالح مادية أو سلطوية.

هناك غالبية من الشعوب العربية عندما تكون مواقفهم المؤيدة للقبضة الحديدية المركزية تعبير عن حالة اليأس والإحباط التي وصلوا إليها بسبب عدم وجود تحول ديمقراطي حقيقي، لذلك هذه الفئات البشرية الساذجة أصابهم ضجر شديد وكره إلى التمتع في الديمقراطية.

هذا الوضع البائس جعل المستكتبين من دول الرجعية العربية والذين لازالوا يعيشون العبودية ليومنا هذا، أحدهم كتب حيث قال ( الديمقراطية التي تشهد في معظم الدول العربية التي تجري فيها انتخابات برلمانية تجاذبات وتصادمات وصراعات وضجيجاً وجعجعة بلا طحن، في وقت «ريحت» فيه دول عربية أخرى أدمغتها من صداع الانتخابات وصخب الاقتراعات، وكانت أحسن حالاً أمنياً وتنموياً).

شر البلية مايضحك هذا العبد يقبل أن يكون خادم وماسح أحذية الأمراء والملك بحجة أن الدول العربية التي تجرى بها الانتخابات تعيش في صراعات؟ أقول إلى هذا التافه لولا أموالكم ووهابيتكم وارهابكم لعاشت الدول العربية المستهدفة من عصاباتكم الإرهابية في دول الربيع العربي في خير وسلام ولكانوا في وضع امني مستقر وأفضل.

في كل الأحوال تبقى شعوبنا تناضل من أجل وجود ديمقراطيات لدى الدول العربية رغم أنف بدو الخليج ووهابيتهم. رغم المساوئ بالعراق لكن أصبح من حق العراقي نقد وتوجيه الكلمات الجارحة للرئاسات الثلاث والتعبير عن الرأي ونقد الوزير والمسؤول بالعلن وهذا غير موجود في السعودية ناشرة الإرهاب والكراهية بالعالم، نستطيع بالعراق وليبيا وتونس ولبنان عمل استجوابات لرؤساء الحكومات والوزراء أو إسقاطهم، وهذا غير موجود بدول الرجعية البدوية الوهابية.

قبل أيام آثار الإعلام البدوي الخليجي ان قائد جبهة المقاومة والكرامة في لبنان قد وجه نقد لاذع للملك السعودي سلمان…الخ وايضا تحرك المرتزقة وأدواتهم للتنديد والصراخ لكن هؤلاء الأراذل الجبناء لم يتطرقوا لهجوم الملك السعودي وتدخله في الشأن اللبناني ويلقي إرهاب وهابيته على رؤوس المقاومين الشرفاء ويصفهم بالارهابيين، وبعد أن قمت بالبحث وجدت أن كلام السيّد قائد المقاومة نصر من الله ان هجومه والذي وصف في الغير مسبوق على الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز كان ردًّا على خِطاب سلمان الأخير الذي وصف فيه الحزب بـ”الإرهابي”، ودعا القيادات اللبنانيّة إلى “تغليب” مصالح شعبها والعمل على إنهاء هيمنة الحزب حسب وصفه في “الإرهابي” على مفاصل الدولة اللبنانيّة، بينما كل منصف وشريف يعرف أن لولا هؤلاء الرجال لما تحرر الجنوب اللبناني ولما تم أن يحصل لبنان على حقول غاز في مياهه الإقليمية، سبق للنظام السعودي الوهابي من خلال بندر بن عبدالعزيز مول عملية اغتيال السيد محمد حسين فضل الله بعد أن رفض البناتجون تمويل العملية والتي تكلف خمسة ملايين دولار وتم تفجير جريمة راس العبد التي خلفت اكثر من ٣٠٠ مواطن شيعي لبناني غالبيتهم نساء في صلاة الجمعة، هذا الكلام ذكره مستشار الأمن القومي الأمريكي في إدارة ريغان بريجينسكي، المال السعودي جاهز بكل زمان ومكان تمويل عمليات اغتيال الزعامات الشيعية وبشكل مجاني، لذلك عندما رد السيد نصر من الله وفتح قريب وجه أقوال إلى الملك السعودي حيث قال سيد المقاومة وزعيمها أيها الملك “الإرهابي هو أنتم الذين أرسلتم الانتحاريين إلى العِراق، وتشنّون حربًا على اليمن مُنذ سبع سنوات، وتحتجزون آلاف العامِلين اللبنانيين في بلادكم كرهائن، ومُشاركة بلادكم السعوديّة في الحرب الكونيّة على المِنطقة، هُجوم السيّد نصرمن الله، وبهذه الصراحة على الملك السعودي كانت واقعية امس في السويد تم اعتقال سيدة من أصل عربي جندت ابنها القاصر للذهاب للقتال بصفوف داعش في سوريا، هذه السيدة لو كان هناك فعلا منظمات حقوقية لطالبت في معاقبة من نشر فكر ابن تيمية بين اوساط المسلمين في كل اصقاع العالم الذي هيأ الأرضية الخصبة لانتشار الافكار المتطرفة الوهابية في تجنيد آلاف المغفلين والبسطاء للانتماء إلى المنظمات الإرهابية التكفيرية.

يفترض بكل كاتب ومثقف يؤمن في حقوق الإنسان والتعايش السلمي يطالب النظام السعودي ودول العالم للضغط على السعودية في إلغاء تدريس الفكر الوهابي أو بالقليل حذف ثقافة تكفير المسلمين وغير المسلمين من كتب العقائد الوهابية التي تدرس بالسعودية.

في الختام نحن بعالم منافق أمس تم قتل اللواء سميح الصبيحي، وهو من أبرز قيادات تنظيم القاعدة وداعش في ‎اليمن تم منحه رتبة عسكرية (لواء) ويعتبر قائد لواء يقاتل الى جانب ما يسمى في الشرعية، ومن المؤسف الذين قتلوا هذا الإرهابي يسموهم مليشيات ارهابية؟ أين الحق.

هذا الأمر يكشف حقيقة كذب من يتشدقون بمحاربة الإرهاب ؟

هذه فضيحة من العيار الثقيل تكشف نفاق ودجل من يرفع شعار محاربة الإرهاب وهو الإرهابي.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

5/1/2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here