مفهوم الصوت في القرآن الكريم (الحلقة السابعة) (صوت الاصلاح 3)

الدكتور فاضل حسن شريف

صاحب صوت الإصلاح عليه ان يوضح ان عدم اتباع الإصلاح في حياة الفرد فان نهايته مؤلمة. فعليك ان تكون مصلحا قبل فوات الاوان “لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا” (المؤمنون 100) “وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا” (فاطر 37) (المنافقون 10). والله ينظر إلى الصالح حتى بعد موته “وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا” (الكهف 82). وإذا أردت لقاء الله فعليك بالعمل الصالح “فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا” (الكهف 110). والمصلح أعماله باقية بعد موته “وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا”(مريم 76). ذكر الله الفرق بين المسئ والمؤمن عامل الصالحات في حياته وبعد مماته “أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ”(الجاثية 21). ولكن عندما تبدأ الحياة متعثرة فمن الصعوبة معالجة الخاتمة. فإصلاح الإنسان تبدأ منذ الطفولة والصبا والشباب فهي بذرة الاصلاح، والاصلاح اسرع وانجح في هذه المرحلة.

وعلى الملتزم بصوت الاصلاح ان يأخذ الحالة المعاصرة بعين الاعتبار في خطاباته. فمن الاصلاح ان ينتخب المصلح من الناس وليس الفاسد ليكون مسؤول في دولة او جمعية او مؤسسة اهلية.

الذين امنوا وعملوا الصالحات فاجرهم عند الله مضمون “فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ” (ال عمران 57) (النساء 173)، و “أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا” (الإسراء 9)، و “أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا” (الكهف 2)، و “إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا” (الكهف 30)، و “مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ” (فاطر 7)، و “لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ” (فصلت 8)، و “مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” (الفتح 29)، و “لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ” (الانشقاق 25) (التين 6).

ان رسالة الانبياء هي الاصلاح فهي نموذج يستطيع الخطيب او الكاتب شرحه “وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ” (ال عمران 39)، و “وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ” (ال عمران 46)، و “اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ”، و (الأعراف 142) “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ” (الانبياء 90)، و “يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا” (المؤمنون 51)، و “أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا” (سبأ 11)، و “رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ” (الصافات 100)، و “وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ” (الصافات 112)، و “وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي” (الأحقاف 15).

الفساد عكس الإصلاح ومنها الفساد في الأرض “الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ” (الشعراء 152)، و “وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ” (النمل 48) . والعناد والإصرار على الفساد من اكبر الآفات التي تقف ضد الإصلاح “وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ” (البقرة 11-12).

الخطيب أو الكاتب عن الإصلاح عليه ان يوضح انواع الاصلاح. وهنا سوف نذكر آيات تشير إلى بعض أنواع الإصلاح مثل إصلاح البال والإصلاح بين الأفراد. ومن أنواع الإصلاح هو إصلاح البال “كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ” (محمد 2) “سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ” (محمد 5). وخير الإصلاح هو الإصلاح بين المتقاتلين “وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا” (الحجرات 9). والاصلاح بين الاطراف ان يكون بالعدل والقسط “فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا” (الحجرات 9). المسارعة في الخيرات أحد أنواع الإصلاح “وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ” (ال عمران 114). وانواع الإصلاح كثيرة منها إصلاح الفساد والجهل والاستبداد والبطالة.

ومن الامثلة على الاصلاح الذي على الخطيب أو الكاتب ان يوضحه ان كثرة المال بدون إنفاقه في الأعمال الصالحة والأولاد المفسدون في الارض كلها وبال على الانسان، وبالعكس عند الأنفاق ووجود اولاد صالحين فإن ذلك يعتبر من الباقيات الصالحات للإنسان “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا” (الكهف 46). قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).

والصوت المصلح هو الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر “ولـتـكنْ مـنكم أمّـةٌ يـدعونَ إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكـر، وأولئك هُـم المفلحون” (ال عمران 104). فالمجتمع لا يصلح بوجود المنكر وانتشاره من رشوة وشعوذة وجهل ورذيلة. وأساس الإصلاح العدل بين الرعية “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى” (النحل 90).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here