يد الامان ام الضمان

 بمراجعة مختصرة لتاريخ العراق منذ الفتح الاسلامي، يظهر ان كل مرحلة اسست لما يليها، مع فارقة واضحة، هي ان البناء اللاحق لا يتقيد بالاسس التي يبني مكملا او مزيلا لما تم بناءه، فمن حكم راشدي الى قبلي اموي الى ايديولوجي عباسي ثم مزيجا بين العباسية و القوميتين الفارسية على اتساع مناطقها خارج ايران الحالية و التركية ايضا، ثم القرن السابق الذي ابتدأ بريطانياً ثم انتهى عسكريا فحزبيا شموليا حتى جرى الذي نعيشه منذ 19 سنة.

اتذكر ان منهج الدراسة السابقة كانت تعتمد مادة الهندسة في الدراسة المتوسطة، فيها منطوق لنظرية تحتاج اثباتا عبر تطبيق ثم تنتهي بمختصر(و. ه .م) و تعني ( وهو المطلوب اثباته).

ليست السياسة او الاداء الحزبي المحلي بدقة ارقام زوايا الهندسة، فالحزبية تعتمد التخطيط، و تتخذ المناورة وسيلة و الاعلام مساعدا و تراجع ميلانها ان خالف خط اساسها- هذا الامر في الكيانات التي تدرك معنى الربط بين الاساس و البناء ومقدرة التحمل- .

دون مواربة، نحن لا نفرض شيئا على شريك في الوطن طالما كان يعمل بما لا يجعلنا شركاء في الخسارة وغير شركاء قرار، وبخلافه، فنحن كنا و نبقى و لا ننكر على الاخرين بل و نؤيد كل تصريح صادق و عمل موفق في سبيل ان لا تكون المرحلة الحالية مؤوسسة لما يجلب مزيدا من التلف للمجتمع العراقي و مقدراته.

عندما اطالع الابحاث و الدراسات و اعايش التجارب الحزبية المعاصرة، اجد كثيرين يتفقون على تراجع دولة الايديولوجيا لحساب الدولة القومية، و لا اعني الفكر القومي الضيق و ان كان هذا الفكر لم يزل نشطا، كما ان ضخ الموارد لأدامة التجارب الايديولوجية لا يتجاوز سبب ادامة سلطة لا نهوض مجتمع، ولذا فحري بمن يقدم نفسه و كيانه بواحد من المدرستين الايديولوجية و القومية ان يراجع مسيرته و الواقع، فهو يتصدى اليوم لجزء من قرار يحكم دولة هي العراق.

شعب العراق بقومياته و طوائفه، يحتاج يد ضمان قبل يد امان، و التحالفات ان كانت تجهد نفسها و جمهورها فقط لأدارة مرحلة تضمن لها مقاعدا برلمانية للدورة المقبلة فهي تريد مقابلا بلا واجب.

ان اجراء احصاء سكاني ، و سيادة قانون ، و الالتفات السريع لتلافي انحدار الوف الناس نحو الفقر، سيجعل مبدأ الضمان و الثقة بالضامن اشبه بتحرك وطني يخلي مسؤوليته عن اي انحراف مستقبلي بل و يقلل فرص حدوث انحراف، اقول ذلك حتى لا يجيء يوم و يوجه لنا جيل من اجيال اليوم و المستقبل جرحا في فهمنا و مسعانا لتصويب الامور فيعرف من كان حريصا ناصحا عاملا على بيئة لا ينهشها الفساد المقنع بأي شعار استهلاكي، و ان الضامن عليه التعويض و المسائلة ان هلك الناس و المال بيده لسبب تعمد او اهمال.

*سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here