في رحاب الشيطان :

 بقلم ( كامل سلمان )
الشيطان يستغرب وهو ينظر الى الناس ، معقولة معظم هؤلاء الناس يتبعوني وانا حتى لم استطع فعل شيء حسن معهم ، هل السر أنا جذاب لهم ام انهم وجدوا في شخصيتي وعنواني ضالتهم ، إنهم يضعونني تاجا فوق رؤسهم ، إنهم يدفعون لي أموالهم ، سأذيقهم مزيدا من الحرمان والتخلف والامراض والقتل ، هل ستصحو عقولهم و يكتشفوا حقيقتي ، لا أظن ذلك بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون . سمعتهم مرارا يشكون الى الله ضعف حالهم و بؤسهم . إذا لماذا لا يبتعدون عني وتتحسن احوالهم دون الحاجة ان يشكون الى الله هموهم ، والله يقول لهم همومكم مصدرها اتباع الشيطان ومازالوا متمسكين بي ، هل يريدونني ان اخرج اليهم وأقول لهم أنا سبب آلامكم ، مالهم هؤلاء القوم لا يفقهون حديثا .
لو رجعنا الى قوله تعالى ( لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ) سندرك مباشرة ان الشيطان ليس واحد ، فهو نسخ متعددة ينتشرون في الأرض وبما انهم نسخ متعددة اكيد فإن هذه النسخ لها سلوك واحد وأكيد هذه النسخ تدخل عالم الإنسان بأشكال مختلفة ، لكن ماهي افضل الأشكال التي يدخل بها الشيطان عالم الإنسان فالجواب هي الأشكال الأكثر تأثيرا على الإنسان وبلا شك حياة الإنسان تحت تأثير رجال المال ورجال السياسة ورجال الدين . وحسب النص المذكور في الفكر المسيحي ( ان من أعظم خدع الشيطان هو ايحاءه للناس انه غير موجود ) فمن المستحيل ان يعلن الشيطان عن نفسه ، إذا محال ان تصارع شيء لا تراه ولا تدركه ، أما إذا كان موجود بأحد الوجوه التي لها تأثير على الناس فهنا استوجب التشخيص ، فمن الظلم والجهالة ان تعادي رجل المال او السياسة او الدين بحجة ان فيه لمسة شيطانية ، ومن السذاجة ان تعفي رجال السياسة ورجال الدين ورجال المال إذا ساء وضع المجتمع وفسدت الدولة . بعد هذه المقدمة نحن ألان في حضرة الشيطان وليعلم الناس ان الشيطان مقدس عند من يلعن الشيطان تحديدا فهذه معادلة بسيطة وليست لغز محير ، يمكن توضيحها ، انك عندما تتبع من يضرك ويسبب لك الالم ولا تعاديه ، فهذا هو مفهوم الشيطان المقدس بأبسط تعريف ولكن الناس البسطاء يفهمون الشيطان فهم احادي فقط مع الرب وتعاليم الرب ويتناسون ان الشيطان الارضي المتلبس بلباس الآدمي هو امتداد لذلك الشيطان الايحائي والا ماذا وكيف تفسر ذلك السلوك المؤذي لرجل الدين او رجل السياسة او غيرهم وماهو فرقهم عن الشيطان فكلاهما يؤدي نفس المهمة وكلاهما يطلب منك الولاء وهو ضار لك وكلاهما لسانه طيب وفعلته قبيحة . اما ان تأتي وتضع مبررات لتنزه الشيطان الارضي او الآدمي فهذه المبررات تستطيع العقول النتنة تقبلها ، فأنت تحت تأثير الشيطان شئت ام أبيت ومهما اردت ان تعطي من قدسية لهذا النموذج او ذاك فهذه القدسية لا تتعدى حدود عقلك الصغير جدا ان ارتضيت لنفسك الذلة تحت اي مسمى كان وتحت اي ذريعة كانت .
مرة سألت أحد الغشاشين الذين يغشون الناس ، ماهو أقوى انواع الغش ؟ فقال الغش انواع ودرجات وأرقى انواع الغش وأقواها هو ان تجعل الناس يتهمون النزيه بالغش وتجنبه عن نفسك اي انك تنقل انظار الناس الى البريء ليكون هو المتهم ولا يستطيع احد فعل ذلك الا اصحاب النفوذ والتأثير . إذا كيف سنتحاور مع الشيطان لينقل هذه الحقائق للناس لعلهم يتعظون ، الشيطان لم ولن يخرج عن صمته فهو صامت ولا يتحدث ولا أحد يسمع صوته ويبقى صورة وصوت بعيدا عن الانظار وهناك من يتحدث نيابة عنه احتقارا لمن والاه ومخافة كشف حقيقته ، وبما اننا في حضرته سنخوض قليلا في تفكيره ، كمرحلة اولية استطاع الشيطان ان يحقق الكثير ، فهل سيحقق المزيد من النجاحات ، الجواب كلا ، ما حقق الشيطان هو الحد المسموح له ، فإذا ما تجاوز الحد المسموح له سينفضح وهو يعرف ذلك فهنا تتحول المعركة بيد الوكلاء وهذه ايضا ستنكشف وخاصة عند المعذبون من أفعال الشيطان ، والشيطان لا يهمه ذلك ، حتى وان غادر مسرح الجريمة فسيعود بعد سنين بثوب جديد او شيطان جديد بنسخة مستحدثة ليخدع من جديد بعض الأجيال في المستقبل . زيادة عذابات الناس هو إحياء لروح الشيطان ذلك الذي لا يعطي للناس غير الوعود الكاذبة ، وكل النعوت التي نذكرها هنا يمكن معاينتها بوضوح تام في حياتنا ، انظروا الى الوراء عشرات السنين ومازالت الوعود نفسها ثم يخرج الشيطان الادمي ليصب على الناس وعوده من جديد ويهاجم بلهجة قوية المتسببين بالالام للناس وهؤلاء المتسببين بالالام هم جنود ذلك الشيطان فيستبدلهم ليعيد الكرة على الناس لسنين اخرى ، هذه هي واحدة من اقوى خدع الشيطان المتكررة المكشوفة لذوي البصيرة .. مايهمنا اليوم هو وجود الشيطان الادمي الذي ادمى قلوب الناس والناس تجهل حقيقته لإنه يقف خلفهم وليس امامهم ليكون هو الضحية في المنظار ولكن الحقيقة هو ان جميع المكتسبات تذهب اليه فهو في عيشة راضية فهو المخرج والمنتج والمؤلف والاخرون مجرد ممثلين تدربوا على يديه ، فهو يعطي تعاطفه الابوي الحنين للناس ومن خلف الكواليس يعطي تعاليمه الدموية الاجرامية للممثلين ، السذج من الناس ينظرون ويتفاعلون مع الممثلين وادوارهم ويرون في الشيطان الذي يقف خلف الكواليس آمل للنجاة من قساوة الممثلين ، يالها من خدعة قذرة تنطلي بسهولة على البسطاء المعذبين ، البسطاء لا يحتاجون الى دفع فاتورة الالم فقد يستطيعون ان يعذبوا الشيطان ومن معه بمجرد اخراجهم واخراج قدسيته من انفسهم وهذه خطوة لا تحتاج الى جهد وعناء بل تحتاج الى نظرة دقيقة لحياتهم . والعجيب في الامر ان الشيطان الادمي يطالب الناس بمحاربة الشيطان الايحائي ليبعدهم عن نفسه كما يفعل الغشاشون . صراع محسوم يتحكم به طرف واحد والطرف الاخر يترنح على مذبح الموت ولا يعرف من اين والى اين وكل ما ينقصه قليل من الوعي ليصحو من سباته الطويل ولكن من اين يأتي بهذا الوعي إذا كان هو اول المعادين للوعي وللعاملين به وهو رافض لهم جملة وتفصيلا .
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here