هل ستحدث حرب بين روسيا والسويد؟

إيهاب مقبل

تسعى دوقية موسكو لتكون روسيا دولة عظمى تهيمن على العالم، إذ تعمل اليوم على تعزيز الهيمنة على المنطقة الإقليمية، كخطوة أولى للوصول إلى قلب القارة الأوروبية، فمن دون الوصول إلى قلب القارة الأوروبية لن تتمكن روسيا العظمى من تحقيق أهدافها العالمية. وتقع هذه المنطقة الإقليمية تحديدًا في بحر البلطيق، وما يحاذيه من بلدان ساحلية، كاستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا وألمانيا وفنلندا والدنمارك والسويد. ولكن تغطي السويد المساحة الساحلية الأكبر المحاذية لبحر البلطيق، حيث تشغل نحو 1572 كيلومتر من طول البحر البالغ نحو 1601 كيلومتر، أي إنها تغطي نحو 98% من الساحل الغربي للبحر، مما يجعلها هدفًا إستراتيجيًا للمؤسسة العسكرية الروسية.

وترى دوقية موسكو إن روسيا ينبغي أن تكون قوة بحرية نافذة للوصول إلى قلب القارة الأوروبية، وأن توسيع الأمة الروسية ينبغي أن يمر عِبر بحر البلطيق والبحر الأبيض والبحر الأسود وشواطئ شرق آسيا. وينظر الروس إلى الأمر بصورة طبيعية: «يجب أن يكون للأمة الروسية العظيمة حرية الوصول إلى المحيطات». ولذلك تكافح روسيا من أجل السيطرة على بحر البلطيق، وذلك لأن بحر البلطيق كانَ ومازال هدفًا إستراتيجيًا للمؤسسة العسكرية الروسية. ولهذا السبب، ما تزال روسيا تسيطر على منطقة كالينينغراد الألمانية الواقعة بين بولندا وليتوانيا على بحر البلطيق منذ إحتلالها وطرد سكانها الألمان الأصليين خلال أحداث الحرب العالمية الثانية.

وقد نشرت القوة البحرية الروسية في سنة 2001م، نشرة تعريفية بمباديء السياسة البحرية الروسية، وطالبت بإستخدام القانون البحري الدولي لتحقيق مصالح روسيا على محيطات العالم بما تضمه من موارد. وبحسب هذه العقيدة فإن هذا المطلب يُعد من الإتجاهات الرئيسية للسياسة البحرية الروسية لتطوير الحضارة الروسية العالمية في ثلث الألفية «أي من سنة 2001م إلى سنة 2033م». ولذلك، طرحت دوقية موسكو الكبرى في اكتوبر تشرين الأول 2016م مشروع ينص على ضرورة إنشاء قواعد عسكرية دائمة في طرطوس واللاذقية للهيمنة على البحر الأبيض المتوسط وموارده، فالصراع على محيطات العالم متصل بالحروب على البحار الإقليمية، وهو أمر لا مفر منه خلال السنوات القليلة القادمة.

السؤال العسكري الفعلي يجب أن يكون متى ستغزو روسيا السويد وليس عن توقيت إشتعال الحرب بين الطرفين، إذ أن روسيا تُخطط فعليًا لغزو السويد في مدة أقصاها عام 2033. وقدْ بدأت هذه الحرب فعليًا بتقليل روسيا لصادراتها من الغاز الطبيعي للسويد، مما أدى إلى أزمة حالية في توفير الطاقة الكهربائية في البلاد، إذ تحصل السويد على ما نسبته نحو 25% من طاقتها الكهربائية من الغاز الطبيعي الروسي.

لن يزيد مُدة إحتلال روسيا للسويد عن ساعتين فقط إذا لم تحصل على دعم من الولايات المتحدة. لا تمتلك السويد سوى منظومة صواريخ أرض جو «بي إيه إم إس إي – إس آر إس إيه إم» في جزيرة غوتلاند السويدية في بحر البلطيق. وبالإضافة إلى ذلك، لديها خمس غواصات فعالة في بحر البلطيق، إثنان منها حديثة وتتمركز في جزيرة غوتلاند، والثلاثة الباقية قديمة متأكلة. إما قدراتها الجوية فهي لا تضم سوى 134 طائرة من نوع ساب جاس-39 غربين إنتاج عام 1988! ففي حالة نشوب صراع كبير بين أوروبا وروسيا، فلن يكون هناك دوقيات مثل السويد وفنلندا والنرويج والمانيا وابرشيات لاتفيا واستونيا وليتفيا، وذلك لأن المعركة العسكرية محسومة مقدمًا للآلة العسكرية الروسية. روسيا التي سحقت الماكينة النازية لألمانيا في الحرب العالمية الثانية. روسيا التي لديها جيش غني بالخبرات والخطط العسكرية. روسيا التي لديها منظومة صواريخ الدفاع الجوي إس – 500 والتي تتميز بقدرتها على اعتراض الصواريخ البالستية والأقمار الاصطناعية على ارتفاعات عالية جدًا.

والمطلب الرئيسي لمنع حدوث مثل هكذا كارثة أن تتعامل السويد مع الأحداث بواقعية وبعيدًا عن الخيال، وأن تعترف بعجزها الفكري والإجتماعي والعسكري، وأن لا تخشى من الإنظمام لحلف الناتو، فإذا لم تنضم السويد لحلف الناتو سريعًا ستكون بمثابة سمكة صغيرة يسهل على الدب القطبي الروسي إلتهامها خلال صيف عام 2022.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here