فشل المشروع الديني و كذلك القومي قبله

على الرغم من ان اكثرية الشعب العراقي هم من المسلمين ( سنة و شيعة ) و ان الغالبية و التي ليست بالمطلقة و انما بنسبة بسيطة تميل لصالح الشيعة عدديآ الا ان معظم ابناء العراق من المسلمين و باقي الديانات و التي يتكون منها الطيف العراقي من المسيحيين و ألأيزيديين و الصابئة المندائيين مؤمنون بعقائدهم و لكنهم ليسوا متدينين متزمتين أي بمعنى اكثر دقة فأنهم يؤدون الصلاة لكن ليس في اوقاتها و ليس في مكانها ان كان المسجد او الكنيسة او المعبد الا القلة القليلة لذلك فشلت ألأحزاب و الحركات الدينية المتطرفة السنية ( القاعدة و داعش ) في استقطاب المزيد من ألأنصار و المريدين و سرعان ما انقلب الذين انخرطوا في صفوف هذه التنظيمات في البوادر ألأولى من تحرير المدن العراقية من تنظيم ( داعش ) الأجرامي .

كان ألأمر سيان عند التنظيمات المتطرفة الشيعية ( فصائل المقاومة ) في انضمام العدد القليل من فئة الشباب في صفوف هذه الحركات و ألأغلبية من عناصرها انما انتظم و قاتل في صفوفها طلبآ للرزق و الراتب المجزي و احيانآ كثيرة طمعآ بالجاه و المنصب و الملاحظ ذلك بشكل واضح في تصرفات و ممارسات عناصر تلك التنظيمات البعيدة عن ألألتزام الديني و ألأقرب الى تصرفات و طيش الشباب و اللهو البريئ و غير البريئ و لم يكن لهم في الشأن الديني شيئآ يذكر سوى ألأنتماء المذهبي الذي كان ليس عن قناعة او دراية انما كان بالوراثة .

من بوادر فشل المشروع الديني الحاكم في العراق كان في اندلاع الحرب ألأهلية و التي تعددت مسمياتها و اسبابها لكنها كانت حربآ مذهبية طائفية حقيقية حينها قتل الناس على الهوية و ألأسم و مكان السكن و هجرت أحياء بأكملها من الطرفين ( السني و الشيعي ) حيث كان النازحون داخل العراق تقدر اعدادهم بالملايين و حين استولى التنظيم ألأجرامي ( داعش ) على ثلث اراضي الدولة العراقية زمن حكم ( نوري المالكي ) و الذي فشل و اخفق و لم يكن على قدر القوة و المسؤولية في حماية ابناء الشعب كونه ( المسؤول ) ألأول و الذي يجب ان يقوم بتلك الوظيفة التي أوتمن عليها و عندها صارت اربع مخافظات بكاملها تحت سيطرة تنظيم ( داعش ) ألأرهابي .

قبل السقوط جربت ألأنظمة القومية و في المقدمة ( حزب البعث ) حكم العراق المتنوع القوميات بأسم ( العروبة ) ما اثار سخط و غضب باقي القوميات و الذين لم يجروأ على اعلان غضبهم المكتوم ذلك عدا ( الكرد ) الذين اعلنوا ثورتهم و عصيانهم المسلح احتجاجآ على الحكم القومي ( العربي ) الذي اراد ( حزب البعث ) و قتها ان ( تنصهر ) كل القوميات في العراق في بوتقة ( العروبة ) و هذا ألأمر لم يكتب له النجاح انما مني بالفشل الذريع حتى اصبح ( البعثي ) الكردي او التركماني مدعاة للسخرية و التهكم و ان كان بشكل خفي و من طرف عين .

كما فشلت ألأنظمة القومية و التي اعقبت سقوط النظام الملكي و الذي كان و الى حد كبير يستوعب الجميع دون تفرقة او تمييز فكانت المناصب الرفيعة في الدولة تتناوب عليها كل الشخصيات المختلفة العقيدة الدينية و ألأنتماء القومي فكان المسلم و كان المسيحي و كذلك اليهودي و كان العربي و كذلك الكردي و التركماني و كان السني و كان الشيعي و انتهى ذلك العصر الذهبي للدولة العراقية الحديثة بسقوط النظام الملكي و ابتدآ عهد ألأنظمة القومية العربية التي سوف تعلن العداء لكل قوميات العراق و ان لم يكن ذلك بشكل علني و لكن الممارسات و ألأفعال العنصرية تنم عن ذلك و ابتدأت ثورة الكرد في الهيجان و الأشتعال .

كذلك سوف يفشل مشروع ألأحزاب ألسلامية في استيعاب كل اطياف الشعب العراقي و مكوناته في اطار حزبي ديني فلا مكان في هذه الأحزاب للمسيحيين و ألأيزيديين و لا للصابئة المندائيين و غيرهم من اتباع الديانات ألأخرى و اذا تعمقنا اكثر سنجد انها احزاب اسلامية شيعية و بمعنى ان ليس للمسلم السني حيزآ فيها و على ذلك فأن هذه ألأحزاب سوف تحكم العراق بأسم فئة طائفية ( الشيعة ) فقط و لا يمكن لها ان تمثل مصالح كافة ابناء الشعب و ان الفشل سوف يكون من من نصيبها كونها لم تستظيع من التعبير عن مصالح و طموحات جميع طبقات و فئات الشعب .

على الرغم من ان ألأحزاب الشمولية ( الشيوعي ) مثلآ قادر على استيعاب جميع ابناء و مكونات الشعب في أطاره الحزبي كونه حزبآ عابرآ للقوميات و ألأديان و الطوائف الا ان طابع الدكتاتورية الذي تتسم به ألأحزاب الشيوعية يجعلها خارج مفهوم و مصطلح الديمقراطية و لأقتصاد الحر و هو الطابع الغالب في عصرنا هذا و بألأخص حين فقدت ألأحزاب الشيوعية السند و الدعم القوي بسقوط ( ألأتحاد السوفييتي ) و تفكك منظومة الدول ألأشتراكية و كانت تلك ضربة موجعة ان لم تكن قاضية للأفكار الأشتركية و من هنا تكون الحاجة ملحة و قاهرة الى وجود حزب او تيار سياسي مدني ديمقراطي واضح المعالم لا يؤمن بالأديان و القوميات و المذاهب يعتمد الكفاءة و الوطنية و النزاهة في تبؤ الشخصيات للمناصب القيادية العليا في الدولة و يبدو ان أغلبية ابناء الشعب العراقي تؤيد و تناصر هذا التيار و ان ( لم ينتمي ) .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close