الدكتور فاضل حسن شريف
قومية اللور سكنت الشريط الشرقي من العراق الواقع شرق دجلة من الشوش جنوبا وكان مركزا مهما الى خانقين شمالا مرورا بميسان اي العمارة الحالية وبدرة وجصان ومندلي. وقدم هذه القومية قدم آدم وابنيه وإدريس ونوح وإبراهيم عليهم السلام الذين سكنوا المنطقة وكما تطرقنا الى هذه الموضوعات في حلقات سابقة من سلسلة الحلقات هذه. وهم الحد الفاصل بين الفرس الساسانيين ووادي الرافدين ولكنهم ضمن الحافة الغربية وسهل الرافدين. وقد انتقل فيما بعد بعضهم شمالا الى مهران. وكانوا هم والصابئة اكثر الاقوام ارتباطا بتوحيد الله سبحانه ولكن الصابئة تمركزوا عند مياه الانهر بينما ابتعدوا اللور قليلا عن المياه. ولهذا لم يتأثروا بعبادة الكواكب والزقورات كما عند سومر. وقد يكون السبب انهم احفاد ابن آدم الصالح وليس ابنه الطالح القاتل . في قصة ابني آدم عليه السلام قابيل الذي قتل اخوه البريء هابيل “لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ” (المائدة 28-29).فانقسمت ذرية آدم من ظالمين وأخرى تخاف الله. والأقوام الصالحة اتبعوا بعد ذلك ادريس عليه السلام “وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ” (الانبياء 85). وبعد انتشار فساد قوم قابيل و فتنة قوم شيت عليه السلام أرسل الله نبيه إدريس عليه السلام أو هبة الله واسمه الحقيقي اخنوخ، وسمي إدريس لكثرة دراسته كتاب الله، وهو إدريس بن مهلايين بن قينن بن انوش بن شيت بن آدم وجميع هؤلاء عاشوا في حياة آدم ذي العمر الطويل ومنهم إدريس الذي عاش معه 120 سنة. وهذا يدل انه عرف من هم الصالحون والمفسدون من القوم منذ ولادة البشرية. فقد سار على نهج آدم وشيت عليهما السلام. وأصبح ادريس هو حاكم الدولة الصالح. فبعد ان بلغ رسالة الله تعالى هاجمه قوم قابيل والمفتونين من قوم شيت عليه السلام، فأصبح على إدريس عليه السلام الحاكم العادل لزاما عليه الدفاع. ) فانهزم قوم قابيل وقتل عدد منهم. وقد نشر ادريس عليه السلام العلم بتعليم الناس الكتابة بالقلم. وبسبب اصلاحه وضربه المفسدين رفعه الله مكانا عليا “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا * أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ” (مريم 56-58). وقوم اللور اصلهم من اصول ادم وشيت وادريس عليهم السلام لان هؤلاء الانبياء الاوائل كبقية الاقوام الاخرى السومرية عاشوا في نفس المنطقة التي عاش بعدها نوح عليه السلام.
وفي العصر السومري اصبح اللور الاراميين من الممالك السومرية التسعة في الجنوب عند مدينة العمارة و من الممالك الاكدية عند قضاء بدرة و مملكة اشنونا. اما فيما بعد فقد اتصلوا شمالا قرب محافظة السليمانية الحالية الذين يتكلمون الكردية والتي انتشرت الى نفس الاصول اللورية في الوسط والجنوب واصبحت اللغة الكردية لغتهم العامة وسموا بالكرد الفيليين. وكلمة فيلي يعتقد انها جاءت من احد ملوك اللور اسمه بيلي عاش بقرون قبل الاسلام. ولكن الفيلي لا تعني اصولهم التي هي اصول عراقية بالمفهوم الجغرافي الحالي معظمها داخل العراق من حدود محافظة السليمانية الى الخليج بشريط عرضي ضيق عرضه لا يتعدى 100 كم بين نهر دجلة وحافة السلسلة الجبلية على الحدود العراقية الايرانية.
يقول الاستاذ عبد الواحد الفيلي: الكاشيون هم الأصول الأولى للكورد الفيليين أطلق عليهم الساميين اسم كاشي ، كيشي، كوشو. واليهود يسموهم كوشي في كتبهم القديمة ألا أن علماء الآثار كانوا يدعونهم باسم كاسي وليس هناك شك بأنهم من اعرق القبائل التي سكنت سلسلة جبال زاكروس والتي كانت موطنها الأصلي منذ آلاف السنين قبل الميلاد . في عام 1746 قبل الميلاد وبعد ان تمكن الملك الكاشي ( الفيلي ) گانداش من تحقيق اتحاد الكاشيين مع القبائل الزاكروسية الأخرى كالگوتين واللولويين؛ وتقدم على رأس جيش كبير من أفراد القبائل المتحدة وتمكن من فتح بابل والقضاء على الحاكم البابلي و سمي بملك الأقاليم الأربعة واستمر حكمه زهاء 16 عام. بعد وفاة ( گانداش ) تولى الملك ( ئي گاميل) الحكم وقد تمكن هذا الملك من القضاء على دولة سومر في عام 1710 قبل الميلاد وضم بلادها الى حكمه وبعد هذا الإنجاز بفترة قصيرة أعلن أحد الأمراء الكاشيين ويدعى ( اولام پوریاش ) الثورة وتمكن من عزل ( ئي گاميل ) واستلام مقاليد السلطة بدلا عنه . وبعد أعوام قام الملك الكاشي ( أوگوم ) الثالث وهو ابن اخ (اولام پوریاش ) بفتح آخر قلاع السومريون وسمى البلاد التابعة له والتي شملت سومر وأكد أيضا باسم (كاردونياش ) وهذه التسمية مركبة من ثلاث كلمات وهي ( كارد + ون + ياش ) و معناها ( كورد + صفة الجمع + الارض او البلاد ) وتحت هذا الاسم استمر الكاشيين (الكورد الفيليين ) باقتدار وعظمة في الحكم مدة تقارب ستة قرون منذ عام 1746 وحتى 1171 قبل الميلاد وقد كانت حدود إمبراطوريتهم تمتد حتى سواحل البحر الأبيض المتوسط وهي بذلك كانت أوسع من حدود دولة حمورابي بكثير وقد كان الكاشيون خلال هذه الاعوام من حكمهم مثالا للعدالة والإنسانية فهم لم يعملوا على صهر الشعوب والأقوام التي كانوا يسيطرون عليها كما لم يحاولوا تحويل البابليين الى كاشيين وكانوا يختارون المسؤولين والموظفين الحكوميين من بين الشخصيات الكاشية والبابلية دون أي تمييز كما انهم كانوا يتزاوجون مع البابليين أيضا وقد عثروا مؤخرا على الكثير من الرسائل السياسية والتجارية باللغة ( المسمارية – البابلية _والهيروغليفية _ المصرية ) المتبادلة بين الكاشيين وفراعنة مصر في خرائب تل العمارنة من بين آثار فراعنة مصر وهي اليوم موجودة في المتاحف المصرية .