مهاجمة إيران وصفة لكارثة

بغض النظر عن النجاح أو الفشل في التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، يجب على إسرائيل ألا تهاجم المنشآت النووية الإيرانية ويجب أن تعمل عن كثب مع الولايات المتحدة لتطوير استراتيجية مشتركة لكبح طموح إيران في الحصول على أسلحة نووية وربما إنهاء الصراع مع إيران على أساس أكثر ديمومة

تصحيح الخطأ

إن التهديدات الإسرائيلية المتكررة بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية بغض النظر عن أي نتيجة في المفاوضات في فيينا بين مجموعة 5 + 1 (فرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين والولايات المتحدة وألمانيا) وإيران هي وصفة لكارثة. إن حجة رئيس الوزراء بينيت بأن إسرائيل لن تلتزم بأي اتفاق، ليس فقط لأن إسرائيل ليست طرفاً في المفاوضات ولكن لأن إسرائيل وحدها هي التي ستقرر ما هو الأفضل لحماية أمنها القومي، هي مغالطة. فنظرًا للتعقيد والتداعيات البعيدة المدى لهجوم إسرائيلي محتمل، فإن الطريق الصحيح الوحيد للتعامل مع برنامج إيران النووي هو التنسيق الكامل وتطوير إستراتيجية مشتركة مع الولايات المتحدة للتعامل مع طموح إيران النووي لامتلاك أسلحة نووية مع السعي إلى وضع حد للصراع.

من الأهمية بمكان ألا تكرر حكومة بينيت – لابيد خطأ نتنياهو الكارثي بمعارضته خطة العمل الشاملة المشتركة والتي أقنع نتنياهو لاحقًا ترامب بالانسحاب منها تمامًا. فنتيجة لانسحاب الولايات المتحدة من الصفقة، قامت إيران فقط بتطوير برنامج أسلحتها النووية – منها تخصيب كمية كبيرة من اليورانيوم إلى 60 في المائة، وهي قفزة قصيرة فقط لتخصيبها لدرجة تصل إلى 90 في المائة لتصنيع الأسلحة وبقدر كاف. لإنتاج كمية سلاح نووي واحد في وقت قصير. قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان مؤخرًا: “سبب وجودنا في الموقف الذي نحن فيه الآن هو أن الإدارة السابقة انسحبت من صفقة إيران ونحن ندفع ثمن هذا الخطأ الكارثـي”.

قد تؤدي تهديدات بينيت المتكررة بمهاجمة إيران إلى سوء تقدير وعواقب وخيمة غير مقصودة لا تستطيع إسرائيل التعامل معها بمفردها. يجب أن تعمل إسرائيل يداً بيد مع الولايات المتحدة لمعالجة البرنامج النووي الإيراني الآن وفي المستقبل، ويجب ألا تلجأ إلى الخيار العسكري دون الدعم الكامل من الولايات المتحدة. يجب على حكومة بينيت أن تدرس بعناية النتيجة المشؤومة التي قد تترتب على مثل هذا الهجوم، والتي ستعاني منها إسرائيل والمنطقة بأكملها بشكل لا يمكن تصوره.

التداعيات المشؤومة للهجوم الإسرائيليتهديدات إسرائيل المتكررة غير حكيمة ولا تفعل شيئًا سوى منح إيران متسعًا من الوقت للاستعداد لأي طارئ. صرح مدير الموساد ديفيد بارنيا مؤخرًا أن “إيران لن تمتلك أسلحة نووية – ليس في السنوات المقبلة، وليس في أي وقت كان. هذا هو التزامي الشخصي: هذا هو التزام الموساد “. وبالنظر لدرايته بالعقلية الإيرانية، فإن مثل هذا البيان يأتي بنتائج عكسية ولا يفعل شيئًا سوى تصليد موقف إيران. حتى لو كانت إسرائيل تخطط لمثل هذا الهجوم، فإن الإعلان عنه بشكل متكرر مسبقًا يقوض فعاليته بشكل كبير.

تقوم إيران بالفعل بتحصين دفاعاتها الجوية، خاصة حول منشآتها النووية، وتضع قدرات هجومية يمكن أن تكلف إسرائيل ثمناً باهظاً إذا نُفّذ مثل هذا الهجوم. يمكن لإسرائيل في الواقع أن توجه ضربة مدمرة لمنشآت إيران النووية، لكنها لا تستطيع تدميرها كلها ولا المهارة الإيرانية. ومثل هذا الهجوم، مهما كان ساحقًا، لن يؤدي إلا إلى انتكاسة البرنامج النووي الإيراني لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات.

من المسلم به أن أي هجوم إسرائيلي سيجبر طهران على الرد مباشرة على إسرائيل من خلال إطلاق صواريخ باليستية يمكن أن تصل إلى المدن الإسرائيلية الكبرى، مما قد يتسبب في دمار واسع النطاق وسقوط آلاف الضحايا. كما ستضمن إيران أن حزب الله، الذي يمتلك 150 ألف صاروخ، سيدخل المعركة ويطلق آلاف الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى كل ركن من أركان البلاد. فبغض النظر عن مدى فعالية الدفاع الجوي الإسرائيلي، لا يمكن لصواريخ القبة الحديدية والسهم الاعتراضية أن تعترض عشرات الآلاف من الصواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى. علاوة على ذلك، قد تنضم حماس أيضًا إلى القتال، بالإضافة إلى جبهة ثالثة مع سوريا، حيث سيهاجم وكلاء إيران إسرائيل. الاقتصاد الإسرائيلي سيتحطم، والاشتباكات السابقة مع حماس وحدها تشهد على هذه الحقيقة.

يعتقد العديد من الخبراء العسكريين الإسرائيليين أن إسرائيل ليس لديها القدرة الجوية لمهاجمة إيران أكثر من مرة، ولا يمكنها تدمير جميع المنشآت النووية الإيرانية، لأنها منتشرة في جميع أنحاء البلاد والعديد منها مبني على عمق مائة قدم أو أكثر تحت الأرض. سيتطلب الأمر عدة أيام وهجمات متعددة لا تملك إسرائيل القدرة على القيام بها.

وعلى الرغم من أن جميع دول الخليج العربي ترغب في إزالة المنشآت النووية الإيرانية، إلا أنها تريد تجنب الحرب لأنه حتى هجوم إسرائيلي محدود يمكن أن يبتلع المنطقة بأكملها وما وراءها. وفي العديد من المحادثات التي أجريتها مع مسؤولين من الخليج، فضل جميعهم تقريبًا احتواء البرنامج النووي الإيراني والردع بقيادة الولايات المتحدة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية ولضمان عدم قدرة إيران على تهديد جيرانها أو تخويفهم.

وأخيرًا، في حين أن الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية في العراق وسوريا (في عامي 1981 و 2007 على التوالي) لم تنشر مواد مشعة في الغلاف الجوي لعدم وجود يورانيوم، تمتلك إيران مخزونًا من اليورانيوم المنقى بدرجات متفاوتة. وبالتالي، فإن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيكون له عواقب بيئية وخيمة.

ومن وجهة النظر الإيرانية، فإن امتلاك السلاح النووي من شأنه أن يردع أي معتد، بما في ذلك الولايات المتحدة، من مهاجمتها. تريد إيران أن تقف على قدم المساواة مع باكستان السنية في شرقها وإسرائيل اليهودية في الغرب، وكلاهما قوة نووية. هذا يفسر جزئيًا سبب عدم رضوخ إيران بسهولة ولماذا تتخذ مثل هذا الموقف الصعب في مفاوضات فيينا، على الرغم من أنها تريد بشدة رفع العقوبات لإنقاذ اقتصادها المتعثر.

ألون بن – مئير

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here