العراق قبل الاسلام في القرآن الكريم (الحلقة الخامسة عشر) (اللور 3)

د. فاضل حسن شريف
جاء في تأريخ انبياء العراق ومنهم إدريس عليه السلام، تاريخ البعثة (4500 – 4000) قبل الميلاد، فى العراق القديم، ورفعه الله إلى السماء.  نوح عليه السلام “قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ” (هود  46)، تاريخ البعثة (4000 – 3000) قبل الميلاد في جنوب العراق. إبراهيم عليه السلام “قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ” (البقرة 258)، تاريخ البعثة، (1900) قبل الميلاد في أرض العراق. كانت رسالة النبي إبراهيم عليه السلام هي التوحيد لله عز وجل، يقول الله في كتابه العزيز، سورة الأنعام: “وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين” (الانعام 74). وقد روى أبو أمامة أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: كم بين نوح وإبراهيم؟ فقال صلى الله عليه وآله: عشرة قرون.
 وجاء في أحد البحوث المتخصصة فإن الإمبراطوريات التي حكمت المنطقة قبل الإسلام:  الإمبراطورية الميدية (708- 550 ق. م)، المؤسس ديوكو. الإمبراطورية الأخمينية (558-330 ق. م)، المؤسس كورش الأخمينــــي. الإمبراطورية السلوقية (الإغريق): (330 ق. م – 162 ق. م)، سيطرة الإغريق بعد مقتل دارا الثالث، و استيلاء الإسكندر الأكبر على أكبتانا (همدان)، في (330 ق. م)، والسيطرة على بلاد فارس، وفي (320 ق. م) ظهر سلوقس الأول، والذي سميت الإمبراطورية باسمه.  الإمبراطورية الأشكانية  او البارثية (الفرثيون): (250 ق. م – 226م)، المؤسس أرشك الأول.
لقد اختلف المؤرخون بشأن نسب اللور ما بين العنصر الفارسي أو الكردي أو اللوري غير أن أغلبهم يؤكدون أن اللور قسم من الكرد، وينقسم اللور أربعة أقسام كبيرة: مامه ساني، كوه كلويي، بختياري، لوراصلي، ومذهبهم السائد هو المذهب الشيعي، يقول الجغرافي المسلم ياقوت الحموي (ت: 626هـ – 1228م): (اللُّور وهو جيل من الأكراد في جبال بين أصفهان وخوزستان وتلك النواحي تعرف بهم، فيقال: بلاد اللور ولورستان ويقال لها اللور أيضاً. ولكن ياقوت الحموي لم يتطرق الى اللور في العراق، ولم يذكر شئ عن انهم كرد فيليين. ربما لم يزر الشريط الشرقي من العراق. حيث لم يرد في أي جزء من روايات التأريخيين ان اللور في العراق الذين يسمون بالفيليين انهم هاجروا من ايران وسكنوا العراق ولا العكس كذلك. والدليل الذي لا يقبل الشك انهم اصلا لا يتكلمون الفارسية ولغتهم العربية متأصلة لا ركاكة فيها حتى لا تعرف أنهم عرب ام كرد. بينما لغة كرد شمال العراق وان تكلموا العربية فإن فيها ركاكة. وحتى اللور الكرد العراقيين في السليمانية وخانقين وكركوك لغتهم العربية قليلة بل منعدمة الركاكة كعشائر زنكنة والطالبيين. ويرى بعض الباحثين ان اللور والبختياريين قوميتين مستقلتين ولهجتهم الكردية فيها اختلاف.
يقول الطيب العراقي: العشائر الفيلية في العراق؛ ليست طارئة في التركيبة السكانية العراقية، فهي في العراق قديمة قدم الزمان، ولم يتغير لديها المكان؛ طيلة أكثر من أربعة آلاف سنة، وكانوا عناصر فاعلين في المشهد الأنساني، لأقدم منطقة سكانية في العالم، وما سوى هذه الحقيقة المدعمة تاريخيا وعلميا، يعد هراءا لا يتعين الالتفات له. بل هم البناة الأوائل لأقدم المدن العراقية، مملكة ميسان في الجنوب، ومملكة بشتكوه الى الشمال منها، ومندلي عاصمة هذه المملكة، التي ذكرها هيرودوت بإسم اردريكا، وياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان، وتاريخها، يمتد إلى ستة آلاف سنة قبل الميلاد، وكانت مندلي إحدى مدن دولة لولو، الذين هم أجداد اللور الفيليين الحاليين. تحيط بمدينة مندلي مدن فيلية شقيقة عريقة، حيث تقع مدينتا بدره وجصان الى الجنوب منها، بينما من الشمال تحدها مدينة خانقين الموغلة في القدم، وقرى مكاتو وكاني ماسي، غرب مدينة مندلي تقع بلدة ورازَرو التي عرب إسمها الى بلدروز، وتقع مدينة شهربان التي عرب أسمها الى المقدادية في شمال غربها.
وفي الحلقة السابقة ذكرنا تأريخ وادي الرافدين قبل الطوفان اي قبل نوح عليه السلام “فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ” (القمر 11-12). اما بعد الطوفان فيتضح ان اللور الفيليين ليس لهم علاقة بعبادة الفرس للنار وشريط نهر دجلة لم تظهر به عبادة الكواكب والاوثان كما في سومر وبابل ناحية الفرات في عصور ابراهيم عليه السلام. وهم أقرب الى الصابئة على دجلة في الوحدانية قبل الاسلام. وقد تقبل اهالي المناطق الديانات السماوية ومنها المسيحية وقد عثر المنقبون الاثاريون على كنائس في وادي حلوان.
جاء في بحث تأريخي متخصص عن الدكتور خزعل الماجدي ان مناطق الكرد الفيلية واقعة في وادي حلوان شرق دجلة، وهو الوادي الذي يقع جنوب شرق سلسلة جبال زاغروس الفاصلة بين العراق وإيران فيما يعرف بيشت كوه إي ظهر الجبل من نهر ديالى شمالاً حتى نهر الكرخة جنوباً، وقد كانت جبال زاغروس تعرف كور كو حيث احتفظت بالإسم السومري القديم لها وهو كور كور. ووادي حلوان هو الموطن القديم لأجداد الفيليين من الآراميين والنبط. الفيليون ليسو كرداً ولا عرباً ولاعجماً بل هم نبط آراميون استعربوا بعد الإسلام مباشرة ، مثل بقية الآراميين والنبط في العراق. وهم جزء من شعوب وادي الرافدين القديمة وتشهد مناطق وجودهم عبر التاريخ القديم لوادي الرافدين بوجود إمارات آرامية ونبطية معروفة فمناطقهم مترعة بالآرامية المحيطة لاسيما في بدرة (بيت ذرايا) وبغيلة ( بيت غلة) أو النعمانية وبعقوبة (بيت العقوبة). وتذكر الباحثة السيدة لمياء الصافي بان المناطق التي يقطنها الفيلية على الحدود بين إيران والعراق، تسمى تاريخياً إقليم حلوان التي ظلت دائما جزءاً من العراق. حيث ان هذه المنطقة جغرافياً هي إمتداد طبيعي لسهل بلاد النهرين.
وفي بحث التأريخ القديم والوسيط والحديث والمعاصر للفيليين في العراق ، ورأى أن جذور الفيليين تمتد الى الإمارات والبيوت الآرامية في وسط العراق وشرق دجلة. فقد كانت القبائل الآرامية تجوب الجنوب العراقي منذ القرن الحادي عشر حتى القرن التاسع ق.م و أهم القبائل الآرامية الجنوبية أوتُ، زوبُ، خاريلُ، لابديدُ، بوكودُ، بيكوبُ، خمران، أوبولُ، ليأتا، سوتُ، أحلامُ. ظهرت بعض الإمارات الآرامية منذ القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد، وهي أقرب إلى الممالك مثل إمارة جمبول، إمارة يادبارد، إمارة يوقود، إمارة الليت، إمارة خيندار. و أغلب هذه الإمارات تقع شرق منطقة بابل. وكانت الممالك الآرامية الواسعة التي ظهرت منذ منتصف القرن التاسع قبل الميلاد على امتداد نهر الفرات ودجلة، وهي كما يلي: مملكة بيت داحور، مملكة بيت أمرخان، مملكة بيت شيلان، مملكة بيت شعال، مملكة بيت ياكين، مملكة بيت داكور، مملكة بيت لاراك، مملكة بيت أموكان.
ويقول الدكتور الخالدي أما مناطق تواجدهم الحالي فتمتد من خانقين وقصر شيرين ثم بدرة و جصان مع ما يحاكيها في بشت كوه وإنحداراً الى الجنوب تبدأ الحلفاية و العمارة و هور الحويزة مع ما يقابلها في البسيتين، الى الحد الذي تنقسم فيه العائلات علي جانبي الحدود. ثم تليها البصرة والمحمرة، ولذلك دلالات في أن الحدود ليست بشرية بل سياسية تتغير بحسب الظروف. و للدلالة على عراقية المناطق الفيلية  فإن اتفاقيات أرضروم المتعددة المراحل بين العثمانيين وفارس، جعلتهم من حصة العراق.
اللغة اللرية التي هي بين الفارسية والكردية ويسمون قبائل اللور أو لر فی إيران ويعرفون فی العراق عادة باسم فيليين وهم اللور ضمن الحضارة السومرية القديمة التي تتصل بآدم وادريس ثم نوح وإبراهيم عليهم السلام. ولذلك هم الأكثر تقبلا للديانات السماوية فديانة الصابئة التي تقدس الماء فكانت قرب المياه بينما اللور كانت تبتعد عن المياه الى مناطق أكثر ارتفاعا بمسافات ليست بعيدة عن الأنهار. وحتى ان سلمان الملقب بالفارسي كان موحدا ضمن مناطق الشوش أحد مواطن اللوريين في جنوب منطقتهم.
يقول الاستاذ عبد الواحد الفيلي: ويسكن الكورد الفيليون المناطق التالية في العراق والتي هي ارضهم منذ الاف السنين وهي كما يلي : خانقين ؛ كلار؛ كفري ؛ جلولاء ؛ سعدية (قزل رباط )، المقدادية (شهربان)، بلدروز، مندلي، بعقوبة، الكوت، النعمانية، الحي، بدرة، زرباطية، جصان، علي الشرقي، باقسايه، علي الغربي ؛ شيخ سعد، الكميت ؛ العماره . فاللور ينقسم الى قسمين اللور الكبرى واللور الصغرى.  واللور الكبرى تضم اكثر من 101  قبيلة وعشيرة.  واللور الصغرى  تضم قبائل وعشائر لا تحصى و يمكن حصرها بمنطقة جغرافية تضم مدن و قرى.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here