المشروع الأمريكي لإصلاح وتغيير المناهج التعليمية في الوطن العربي

د. ماجد احمد الزاملي

فرض السياسات الاقتصادية وفق مقتضيات الخصخصة و أيديولوجية الليبرالية الجديدة عبر مركزية دور القطاع الخاص في إطار تحالفه العضوي مع البيروقراطية العليا أو النظام الحاكم المعبر عن الطبقة السائدة في بلداننا ، خاصة وأن القطاع الخاص في بلادنا العربية قد تحول- الى حد كبير- الى جهاز كومبرادوري كبير في خدمة النظام السائد ونظام العولمة الإمبريالي في آن واحد، بعد أن ألغى هذا القطاع ( الخاص ) –في معظمه- كل علاقة له بالمشروع التنموي التعليمي الوطني أو القومي، واصبح هَمَّه الوحيد الحصول على الربح ولو على حساب مصالح وتطور مجتمعاتنا العربية واستقلالها الاقتصادي. إن التحولات الجديدة في العلاقات الدولية التي جاءت على أثر الفراغ السياسي والعسكري والأيديولوجي الذي تركه انهيار الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة ، أدت الى استكمال مقومات هيمنة النظام الرأسمالي العالمي على مقدرات شعوب العالم، في إطار ظاهرة العولمة الراهنة التي جعلت من كوكبنا كله مجتمعاً عالمياً ، تسيطر عليه إرادة القوة العسكرية المسخَّرة لخدمة قوة الاقتصاد ورأس المال ، وهي تحولات تُعبِّر عن عملية الاستقطاب الملازم للتوسع العالمي للرأسمالية الذي رافقها على مدى القرون الخمسة الماضية من تاريخها ، وسيلازمها في أفق مستقبلها المنظور كله ما دام العالم يبقى مرتكزا على مبادئ الرأسمالية ، إذ أن هذا الاستقطاب يتفاقم من مرحلة الى أخرى ، وهو يُشكِّل اليوم –في ظل العولمة- ذلك البعد المتفجر الأكثر ثقلا في تاريخ تطور الرأسمالية ، بحيث يبدو وكأنه حدَّها التاريخي الأكثر مأساوية ، خاصة وأن العولمة قد “تعمقت في السنوات الأخيرة عن طريق الاختراقات المتبادلة في اقتصاديات المراكز أساسا ، بصورة همَّشت المناطق الطرفية التي أصبحت عالما رابعا. وبنشوء هذا الفراغ السياسي والاقتصادي والأيديولوجي ، أصبحت الطريق ممهدة أمام التوسع الرأسمالي صوب المزيد من السيطرة عبر طوره الإمبريالي المعولم، كشكل أخير من تطور النظام الرأسمالي ، مما دفع به الى الكشف عن مخططاته المبيتة أو الكامنة للوصول بالتوترات والتناقضات الدولية الى أقصاها ، عبر المواجهة المباشرة ، مستخدما كافة أساليب الضغط والإكراه ، بالقوة العسكرية أو بالإخضاع والمزيد من التبعية والإلحاق لضمان استمرار سيطرته على كافة الموارد المادية الأساسية ، من احتياطات النفط والماء الى الأسواق والمنتجات الصناعية والزراعية، ووضع الحدود والضوابط الإكراهية لحركتها ، بما يضمن مصالح الشرائح العليا البيروقراطية والطفيلية والكومبرادورية في أنظمة البلدان الفقيرة التابعة من جهة ، وبما يؤدي الى إعاقة نمو هذه البلدان وتدمير اقتصادها وانتشار المزيد من أشكال التخلف والفقر والجهل، وتعمق الأزمات السياسية والطائفية والدينية فيها من جهة أخرى ، ففي ضوء وضوح هذه المخططات خلال العقود الثلاثة الماضية تتكشف الطبيعة المتوحشة للرأسمالية المعولمة اليوم على حقيقتها عبر ممارساتها البشعة ضد شعوب العالم الفقيرة ، وضد القيم الإنسانية الكبرى في العدالة الاجتماعية والمساواة ، كما في الثقافة والفكر والحضارة ، وذلك بالاستناد الى المؤسسات الدولية التي تكرست لخدمة النظام الرأسمالي في طوره الإمبريالي الراهن.

لقد بات واضحاً أن تطبيق مبدأ “القوة الأمريكية” ساهم بصورة مباشرة في تقويض النظام الدولي في عالمنا المعاصر ، خاصة و أن حالة القبول أو التكيف السلبي ، بل و المشاركة أحياناً من البلدان الأوروبية و اليابان و روسيا الاتحادية شجعت على تطبيق ذلك المبدأ ، بعد أن فقدت دول العالم الثالث عموماً –عبر أنظمة الخضوع والتبعية- إرادتها الذاتية و سيادتها ووعيها الوطني ، و كان استسلام معظم هذه الدول أو رضوخها لقواعد و منطق القوة الأمريكية ، مسوغاً و مبرراً “لشرعية” هذه القواعد من جهة ، و الصمت المطبق على ممارساتها العدوانية في كثير من بقاع العالم، سواءً بصورة مباشرة أو غير مباشرة من جهة أخرى ، كما يجري اليوم في بلادنا عبر تحكُّم العدو الصهيوني في مستقبل قضيتنا الوطنية، ومحاولته المشاركة في السيطرة على مقدرات شعوبنا العربية كلها ، بعد أن أصبح النظام العربي في معظمه مهمشاً وفق شروط الهيمنة الأمريكية المتجددة

التي جعلت دور الدولة في بلادنا –كما في بلدان العالم الثالث أيضاً- يقتصر على الجانب الأمني و القمعي لحماية المصالح الرأسمالية الخارجية و الداخلية المتشابكة ، بعد أن نجحت هذه الشروط في تصفية دور الدولة الإنتاجي و الخدماتي الذي كان مخصصاً في المرحلة السابقة لتغطية بعض احتياجات الجماهير الشعبية فيها . و بتراجع دور الدولة الوطني و الاجتماعي ترعرعت المصالح الشخصية البيروقراطية و الطفيلية، باسم الخصخصة و الانفتاح ، مما أدى إلى تفكك الروابط الوطنية و القومية و الإقليمية ، إلى جانب عوامل التفكك و شبه الانهيار المجتمعي الداخلي المعبر عنه بإعادة إنتاج و تجديد مظاهر التخلف بكل مظاهره الطائفية و الاثنية و العائلية و الدينية …الخ ، التي ترافقت مع تعمق الفجوات الاجتماعية ومظاهر الفقر المدقع بصورة غير مسبوقة فيها.

إنَّ المجتمعات الإنسانية وجدت في الإصلاح التربوي منطلقاً لإصلاح أحوالها والنهوض بطاقاتها، وفي كل مرة يدق فيها ناقوس الخطر تستنهض هذه المجتمعات أنظمتها التربوية بالإصلاح من أجل مواجهة الخطر وبناء الإنسان القادر على تجاوز محن الحضارة والمشاركة في بنائها. فأغلب الأنظمة التعليمية العالمية تعيش ، إن لم يكن جميعها، أزمة تربوية ذات طابع شمولي، ومن منطلق هذه الأزمة، وفي مواجهتها، تضع الأمم، المتقدمة والنامية منها، أنظمتها التعليمية موضع النقد حيث تدور التساؤلات حول, هويتها الثقافية، وجدواها الحضارية، والمشروعية التاريخية لوجودها، ومدى قدرتها على تلبية احتياجات العصر وتجسيد طموحات الإنسان والشعوب في عصر أصبح قانونه الوحيد الثابت هو التغير الدائم . وفي هذا السياق تبذل الأمم مساعيها من أجل إعادة بناء أنظمتها التربوية بصورة مستمرة ودائمة تنسجم مع تطلعاتها المستقبلية في العصور القادمة. ويختلف هيكل نظم التعليم اختلافا كبيرا من بلد إلى آخر، مما يجعل من إيجاد إطار لجمع البيانات عن برامج التعليم والإفادة عنها على مستوى مماثل من المحتوى التعليمي شرطاً مسبقاً صريحاً لإعداد إحصاءات ومؤشرات للتعليم قابلة للمقارنة على الصعيد الدولي. وقد اعتمد المؤتمر العام لليونسكو في عام ١٩٩٩ تصنيفا دوليا موحدا للتعليم. وفي هذا الإطار المتعدد الأبعاد، تشير المستويات ١ و٢ و ٣ألف من التصنيف الدولي إلى مرحلة التعليم الابتدائي، ومرحلة التعليم الإعدادي، ومرحلة التعليم الثانوي. المشروع الأمريكي لـ” الشرق الأوسط الكبير” إستجابت دول عربية دون تردد أو استشارة أو مراجعة. وكان وزير الدفاع الأمريكي قد صرح في نهاية أكتوبر الماضي 2021, بضرورة شن”حرب فكرية “. وأوضح أن “الإرهاب”لا يمكن هزيمته بالقوة العسكرية فقط. وإنما أيضا عبر محاولة كسب العقول والقلوب, وحرمان الجماعات المعادية من تجنيد شباب جدد. ويذهب المحافظون الجدد في أمريكا ،إلى أنه ينبغي ليس فقط اجتثاث المنظمات الإرهابية من جذورها, و إنما المهمة الجديدة للسياسة الأمريكية الخارجية ليست مجرد استخدام القوة على نحو نشط, وإنما أيضا إعادة تشكيل البيئة الداخلية لدول المنطقة. والقول بإعادة تشكيل المنطقة العربية ليس بالجديد على الاستراتيجيات الأمريكية, ولا هو من تداعيات تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001, ولا يعود فقط لعام 1989 واعتماد الاستراتيجيين الأمريكيين الإسلام العدو الجديد للإمبريالية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي”. لقد أصبح التحدي القيمي والثقافي ملازماً للأمة العربية في حربها ضد الجهل والفقر والمرض. ولقد كان دائماً هدف االعالم الغربي هو نقل وفرض قيمه وأفكاره على الوطن العربي، بل وعلى العالم بأسره، انطلاقاً من قناعته بأن القيم والثقافة العربية تعطي للعالم العربي صفة التَميِّز الحضاري، كما أن القيم والثقافة الفرانكفونية مثلاً ، تعطي لفرنسا وللعالم الناطق بالفرنسية ،صفة تميزه الحضاري عن العالم الأنجلوسكسوني أو الأمريكي اللاتيني أو الهندي أو الصيني… إننا نؤمن بضرورة التنوع والاختلاف وتعدد المحاور والأقطاب. فالتقارير الصادرة عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة -نموذجا- تفصل بشكل كامل كل جوانب ومؤشرات التنمية البشرية، بل تصنف كل الدول وفق هذه المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

يخضع التعليم العالي والبحث الجامعي في جميع أنحاء العالم لعملية تدويل على نطاق غير مسبوق وبمعدل سريع. وأصبح التدويل الآن متعدد الأبعاد. ويتسع بالضرورة نطاق المفاهيم التقليدية المتمثلة في الكفاءة والجودة والصلة، وصار يتعين على الحكومات والمؤسسات في كافة أرجاء العالم أن تتكيَّف مع هذا الواقع الجديد. غير أن هذه الاتجاهات ليست واضحة في الكثير من بلداننا ، حيث إن التدويل لم يبرز كمجال يستحوذ على اهتمام السياسات. وبوجه عام، ينبغي الانفتاح على المجتمع الدولي بعدة طرق، ولكن لا يزال علينا أن نعد استراتيجية لتدويل نظام تعليمنا العالي. ومن أحجار الزاوية لإعداد استراتيجية تدويل معاصرة وضع إطار شامل للمؤهلات القومية يتوائم إلى أبعد مدى مع التطورات الدولية، وبخاصة إصلاحات عملية بولونيا، على أن يضم كافة مستويات المؤهلات التعليمية، بما فيها شهادة إتمام الدراسة الثانوية، والدبلوم الفني، والدرجات العلمية. ويحدد إطار المؤهلات، من خلال تفصيل المعارف والمفاهيم والكفاءات المتوقعة من الخريجين للحصول على مؤهل معين، نقطة الإحالة للمنهج والتقييم ولمسارات تعلم الطلاب. ومن شأن إطار المؤهلات المتفق مع المعايير الدولية أن يمكِّن خريجي جامعاتنا من إيجاد فرص عمل أينما التمسوها. ودافعت وزارات التربية والتعليم في دول عربية عن قرارها تعديل المناهج ، نافية تعارضها مع الثوابت الدينية والقومية والوطنية مؤكدة أنها قرار داخلي غير خاضع لأي إملاءات خارجية. إن الدعوات إلى الإصلاح والتطوير، مهما كانت منطلقاتها، تتفق في نهاية التحليل، على ضرورة أن يكون التغيير المنشود في برامجنا التعليمية وأهدافنا التربوية، ذاتياً ونابعاً من متطلبات الواقع و من احتياجات مجتمعاتنا العربية و مطامحها نحو السلم والتقدم والوحدة. ولعبت منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة مثل اليونسكو واليونيسيف، دورا بارزا في هذه التعديلات، كأن أوصت بإدخال دروس عن حقوق الإنسان والطفل و المرأة, و إخضاع الأساتذة لدورات تدريبية لتضمين الحصص حوارات ومناقشات داخل الفصول ، من أجل ترسيخ مفاهيم الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان وتحرير المرأة …

إن مشكلات التعليم في الوطن العربي هي في الواقع منظومة معقدة ومتشابكة من المشاكل التي يعاني منها عالمنا العربي في كافة المجالات، فالمشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تلعب دوراً أساسياً في زيادة مشاكل التعليم في العالم العربي، ولا يمكن حل المشكلات العالقة ما لم نبدأ بالمصارحة الشفافة عن أوضاعنا الحقيقية، ومحاولة وضع خارطة طريق صالحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعندما نبدأ مسيرة البحث العلمي الحقيقي، ونتجرد في حل مشكلاتنا ستبدأ عملية الإصلاح الحقيقية التي سوف تقودنا إلى أن نكون فاعلين في هذا العالم. أطلقت تسعة مراكز بحوث عربية مبادرة لإصلاح التعليم في العالم العربي بالتعاون مع مجموعة من المراكز البحثية الأوروبية والأميركية. يتعلق الأمر بمنتدى الإصلاح العربي في مكتبة الإسكندرية، والمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ومركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية في عمان، والمركز اللبناني للدراسات، ومركز الدراسات السودانية، ومركز الدراسات الإستراتيجية والمستقبلية بجامعة الكويت، ومركز الدراسات والبحوث الاجتماعية في الرباط ,ومركز الملك فيصل . كما شارك كذلك مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، ومركز الإصلاح الأوروبي، والمعهد الأوروبي للدراسات الأمنية، ومؤسسة العلاقات الدولية والحوار الخارجي في إسبانيا، والمؤسسة اليونانية للسياسة الأوروبية والخارجية. أبرز ما أفرزته القراءة الغربية للواقع العربي المتردي على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، تأسيس “منتدى الإصلاح العربي”، الذي يضم نخبة من المثقفين والمفكرين العرب، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الأمريكية والغربية الداعية للإصلاح في العالم العربي. أصدر هذا المنتدى وثيقة تاريخية، تعرف بـ”وثيقة الإسكندرية” التي تضمنت محصلة الأفكار والرؤى المناسبة لتطوير المجتمعات العربية، ورأوا أنها ستؤدي لتفادي الضغوط الخارجية التي تدفع في اتجاه إصلاح بوتيرة عالية قد تتسبب في انهيارات أو فوضى لا يستبعد أن تأتي بتيارات متطرفة إلى السـلطة في بعض البلاد العربي.

يحتاج الإصلاح الهيكلي إلى توسيع قاعدة اشتراك أفواج جديدة وبخاصة من خلال تحديث التعليم الفني والمهني، وتوسيع نطاق ما يوفره القطاع الخاص من خدمات تعليمية، وزيادة استخدام التعلم الإلكتروني والمختلط الأساليب. تحتاج القدرة على البحث العلمي إلى الاستناد إلى مستوى تنافسي على الصعيد الدولي في مجالات مختارة وإلى إدماجها في التعليم الجامعي. للحكومة أن تنظر في أن تعد بمشاركة كل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي، وبالتشاور مع أرباب العمل الوطنيين والإقليميين، اتفاقا واسع النطاق يوضح مهمة الرسالة المتميزة للمؤسسة، ونطاق ما تقدمه من تعليم ومجال تركيزه، والتوقعات المنتظرة من أدائها، وعملية توفير الموارد المقترنة بذلك لبناء قدراتها، ومدى استقلالها الموضوعي والإجرائي. ولعل من المهم في هذه العملية توضيح مجالات سوق العمل التي تعد كل مؤسسة الخريجين من أجلها. وفي الوقت نفسه، لا بد من زيادة فعالية مؤسسات التعليم العالي المنشأة زيادة كبيرة. وعلى الصعيد الدولي، تنطوي الممارسات السليمة في مجال تطوير نظم التعليم العالي التي تسير بطريقة جيدة على مشترك تجاه السياسات لتحقيق الفعالية التعليمية وضمان الجودة، مع الاهتمام بأسواق العمل المحلية والوطنية والدولية المفتوحة أمام الخريجين. ومن النماذج الناشئة لإدارة النطاق المُتَّسع وتعقّد التعليم العالي المعاصر نموذج المسؤولية المتبادلة بين الحكومات والمؤسسات في تشكيل وأداء نواتج جيدة للوفاء باحتياجات الأفراد والوطن. ومع وجود آليات محدودة لتخصيص موارد الميزانية استنادا إلى الأداء، لا يكون لدى مؤسسات التعليم العالي الحكومية حوافز إدارية ومالية محددة تجعلها أكثر ابتكارا وتمكنها من استخدام الموارد بطريقة أكثر فعالية. وبوجه عام، فإن المؤسسات التي تحقق أقل معدلات الإنتاجية (أعداد الخريجين في مقابل كل عضو من أعضاء هيئة التدريس) تحقق أعلى معدلات قيد الطلاب. ويبدو أن الجامعات الحكومية التي تضم أعدادا كبيرة جدا تؤدي أداء دون المستوى الأمثل من حيث بُعدي الجودة والكفاءة.إنّ انتقال الطلاب من مساري التعليم العام والتعليم المهني/الفني بالتعليم الثانوي إلى التعليم العالي بالجامعات والمعاهد وغيرها من مؤسسات التعليم العالي يشكل واحدا من أكبر التحديات التي يواجهها إصلاح التعليم في الوطن العربي عامة والعراق خاصة . ويصبح هذا الانتقال مهما وإشكاليا عندما لا يكون هيكله وإجراءاته مرنة بما يكفى لتمكين صغار السن والبالغين من عبور القنوات بين الدراسة والعمل في مراحل مختلفة من حياتهم وعلى المدى الطويل، حيث يؤثر في استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي. وهناك مخاوف منتشرة من مدى ملائمة الاستمرار في الاعتماد الكامل على امتحانات إتمام المرحلة الثانوية كأساس وحيد للقبول في التعليم العالي. فقد تعكس نتائج الامتحان فروقا في عوامل الإدخال، مثل الظروف الأسرية، وجودة المدرسة، وفرصة الحصول على الدروس الخصوصية. ولا تضع هذه العملية الطلاب في الأماكن المناسبة لهم، كما أنها تتجاهل قدراتهم الكامنة، ولا يمكن التعويل عليها في التنبؤ بأدائهم الأكاديمي التالي في المرحلة الجامعية.

أن تكون زيادة حجم تمويل البحث والتنمية والابتكار أو الإنفاق الإجمالي على البحث والتنمية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أولوية رئيسية من أولويات الحكومة. التمويل المؤسسي للجامعات وغيرها من مؤسسات البحث والتنمية والابتكار إلى المنح الثابتة التي تخصصها الحكومات أو هيئات التمويل لمؤسسات البحث والتنمية والابتكار كل سنة. وقد بقيت هذه المؤسسات في ظل غياب التقييم الجاد لنواتج مبادرات البحث والتنمية والابتكار حرة عادة في استخدام هذه الأموال الضئيلة بأية طريقة تراها ملائمة. وفي حين أن هذا كان هو الوضع السائد حتى وقت قريب في العديد من البلدان بما في ذلك بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، فقد جرت مؤخراً محاولات للأخذ بتدابير للمسائلة في استخدام التمويل المؤسسي. أولاً، يتم الربط بين التمويل وإعداد سياسة علمية شاملة مع إيلاء الأولوية لقطاعات أو تخصصات محددة. وثانياً، يجري الربط بين مستويات التمويل والأهداف العامة. وأخيراً، تأخذ بلدان عديدة بمعايير مستندة إلى الأداء من أجل التمويل المؤسسين، تتضمن عمليات لاستعراض الولاية البحثية و/أو لاستعراض الأقران.

وختاماً نقول إنَّ العالم يحتاج وبالأخص العالم العربي الإصلاح التربوي لمواجهة التحديات التي تواجهها المجتمعات الإنسانية و على سبيل المثال تحدي استمرارية التعليم في ظل جائحة كورنا ، على الرغم من وجود العديد من المنصات الموثوقة إلاّ انها قد لا تلائم معايير التعليم التقليدي ،وهنا يبرز دور الإصلاح التربوي و الأزمة التربوية كاداة هامة للتحليل الاجتماعي حيث كلما وُجدت ازمة لابد لها من تحسينات حتى تستمر العملية التربوية. و لا يمكننا ان نجزم عن مدة استمرارية الازمات سواءً كانت دائمة المدى أم مؤقتة وليس شرطاً ان تكون ازمة محلية او صحية إنما قد تنشأ الازمات بسبب خلل في التعليم . و من الضروري ان يشمل الإصلاح جميع جوانب النظام التعليمي حتى من ناحية التوظيف , نعم هناك ازمة في الوظائف على سبيل المثال تكدس الطالبات والطلاب نحو تخصص معين بينما يوجد فجوة في تخصص آخر و بالنسبة للمدرسة والتغير الاجتماعي ” نظراً لظهور مدارس الرفاهية الخاصة في مجتمعنا فلم تعد المدرسة كما عهدناها في صورتها التقليدية وفقدت بريقها ,لذلك لابد من البدائل التقليدية حتى يرجع الطالب لصوابه .في الماضي كانت المدرسة من اعظم المؤسسات ومخرجاتها كوكبة من المتميزين نظرا لبساطة ما كان لدى الطلاب وما يسليهم اما الان تدهورت بسبب سرعة توفر المعلومات و سهولة ايجادها مما سبب اتكالية لذلك ظهرت لدينا ازمة مُخرجات و ازمة التعليم . ومن المعيب ان نرى بعض المدارس لم تعد تفتح مكتباتها بل تحث الطلبة على الذهاب للانترنت لذلك يتوجب علينا اصلاح التعليم من الصفر حتى تعيد للمدرسة امجادها بدءاً من المؤسسات التعليمية وذلك لاهمية ما تصنعه مخرجاتها لانهم سيبنون طلبة المستقبل الذين يشكلون لَبِنة هامة للمجتمع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here