سر التفاعل للبشر المشفوع بالانفعال والصمت حيال التعرض للكبير المتعال!

احمد الحاج
بداية أقول ،شكرا لكل من شجب وغضب واستنكر التجاوز على الجيلاني ..الا أن السؤال الحائر هاهنا هو” لماذا لايغضب أحد لله تعالى ؟!
ظاهرة صحية ولافتة أثلجت الصدور،وأسعدت القلوب ولاشك تلك التي أعقبت التصريحات المسيئة بحق الشيخ عبد القادر الجيلاني المنسوبة الى مدير دائرة الأضرحة في ديوان الوقف السني، وجميلة ولاريب تلكم البيانات الرسمية وشبه الرسمية الغاضبة كذلك الاستنكارات الشعبوية المتتابعة ، والوقفات الاحتجاجية الحاشدة ،ردا على ما تفوه به المسؤول المذكور اعلاه وقد أحيل الى التحقيق من جرائها …ووولكن اليس الله تعالى أولى بغضبة عباده وسائر خلقه اذا ما انتهكت حرماته ومحارمه ؟!
ارجو أن تقتطع من وقتك الثمين دقائق معدودة لنذهب سوية في جولة ميدانية لاتخلو من الصراحة للتعرف عن كثب على أخطر التجاوزات القولية والفعلية والتقريرية المجتمعية اليومية والتي لم تسمع بشأنها لا ببيانات استنكارية ، ولا بوقفات احتجاجية ، ولا بخطب منبرية ، ولا بمواعظ ارشادية ، ولا بملصقات تحذيرية ، ولا بمطويات تعريفية ، ولا بندوات فكرية ، ولا بمقالات صحفية ، ولا بقوانين تشريعية ، ولا بإجراءات تنفيذية ، ولا بمحاكمات قضائية الا لماما وعلى استحياء ..ولا أريد أن أطيل في التقديم لكارثة الكوارث وشر البلية وأقول وبالمباشر :
لطالما أحبطني وحيرني الصمت الجماعي المطبق على سب الله تعالى صباح مساء في آفة إجتماعية هي – الأقذر – والأخطر والتي أعزو لها كل مصائب العراق وكوارثه على مدارعقود طويلة ، هذا الصمت الجمعي المريب والغريب والعجيب والذي لطالما تساءلت أسوة بأقراني عنه مرددين السؤال الحائر اياه ” لماذا لاتطبق ولا تفعل القوانين ، ولاتثور الثائرة الشعبوية بهذا الشأن لردع كل من تسول له نفسه التعرض الى ذات الالهية بسوء ، هل لأن الله تعالى ، خالق الكون العظيم ، غفور رحيم ؟ في ذات الوقت الذي يتم التعامل فيه مع عباده وعبيده على انهم – يشورون -والامام الما يشور ، يسمونه ابو خرقة – وبالتالي فعوام الناس فضلا عن خواصهم لا يسامحون ولا يغفرون ولايتجاوزون مطلقا عمن تسول له نفسه التعرض لرموزهم الدينية بسوء بالتزامن مع الذهول المشفوع بغض الطرف كليا عن المتعرض لرب العباد بسوء جهارا نهارا ، عيانا بيانا ، في الرضا والغضب ، في القصد والغنى ، في الهزل والجد ، في المجالس العامة والخاصة ؟! واتحدى مخلوقا واحدا أن يقول لي ” وين اكو هيج فيلم ” او ” انت تبالغ ” او ” على كيفك يمعود ” او ” اكو صحيح ، بس مو هالثخن “حسبك أن تفتح خاصية التسجيل من هاتفك النقال في يوم واحد فحسب تتجول فيه جولة حرة من دون التزامات وظيفية ولا اسرية لتسجل وترصد بنفسك حجم الكفر اللفظي اليومي المروع الذي تقشعر له الابدان ، وتشيب لهوله الولدان ، في كل زمان ومكان ستمر به هاهنا ، كذلك التعرض للرسل والانبياء ،والمقدسات ،والقرآن الكريم ، وآل البيت الاطهار ، والصحابة الأخيار في الشوارع ، في الاسواق ، في الكافيهات ، في المناطق الشعبية المكتظة ، في العشوائيات ، في مقتربات الطرق ، على الأرصفة ، في الملاهي ، في الخمارات ، في صالات القمار ، في الاعداديات ، في الجامعات ،في الدوائر ، في المصانع ، في المزارع ، في المؤسسات ، وعلى ألسنة الكبار والصغار ،على ألسنة المثقفين والاميين ، على ألسنة الذكور والاناث ، على مرأى ومسمع من الجميع من دون ان يحرك الكثير منا ساكنا بدعوى قضائية ،بنصيحة اخوية ، بشجب ، بإستنكار ، ببيان ، بخطبة ، بموعظة ، بمقال ،بوقفة احتجاجية ، لتتاكد بنفسك مما أزعمه وأدعيه ..المايكرون الفرنسي ، والترامبيون الاميركي ، ولزقة جونسون البريطاني ليسوا وحدهم من يتعرضون لمقدساتنا ورموزنا وثوابتنا بسوء ، ما يفعله بعض أقراننا من بني جلدتنا وممن يتحدثون بألسنتنا ..انجس ..!
في منتصف التسعينات اثناء الحصار الاميركي الغاشم وبعد أن ضقت ذرعا بسماع الكفر اللفظي ولم يعد في القوس منزع البتة ، وبعد أن إقترحنا على أحد الخطباء المعروفين الحديث في هذه الظاهرة المشؤومة ولكن من دون جدوى لخوفه من مغبة التعرض للمساءلة في بلد ” يعفى فيه ساب الباري عز وجل من المسؤولية ويُتساهل معه وكأن شيئا لم يكن ، وكأن كبيرة عظيمة لم ترتكب ، الا أن سب الرئيس البشري ، الوزير البشري ، وكلاهما وكما قال الامام علي رضي الله تعالى عنه وارضاه في وصف الانسان ” مسكين ابن آدم، مكتومُ الأجل مكنون العلل محفوظ العمل، تُؤلمه البَقَّةُ وَ تقتله اَلشَّرْقَةُ وَ تُنْتِنه العَرْقَة” ، الانسان الذي أوله بذرة يحمل طوال حياته في بطنه العذرة وفي نهاية المطاف يصير بعد الموت كسائر الخلق تحت الارض هيكلا عظميا ، وفوق الارض قبيل الدفن حطاما وجيفة قذرة ، تعد من الجرائم الكبرى التي تمس الأمن القومي !!” ، طلبت من أحد المحامين المخضرمين ممن أفنى عمره في أروقة المحاكم ان يبين لي عقوبة ساب الله تعالى في القانون العراقي – وهل أن هذه العقوبة مطبقة بالفعل ، أم انها مجرد حبر على ورق ؟- فلم يحر جوابا ولم يجبن يومئذ ، قائلا أمهلني بضعة أيام لأبحث في الموضوع واتأكد ،حدث ذلك في بلد لو شتم فيه سكران ، أو مجنون ، أو معتوه ، رئيس الدولة ، لعلق على المشنقة واجلس على الخازوق من دون شفعة ولا واسطة ولا استئناف لتحفيف العقوبة بحقه ، كذلك يفعل بكل من يضع نفسه في مثل هذا الموقف من المحيط الى الخليج ويتجاوز على الملوك والامراء والسلاطين والرؤساء وقد تدخل العقوبة في دهليز الخيانة العظمى ، العمالة ، الجاسوسية ، التأمر لإسقاط نظام الحكم ، وهلم جرا ، أما ساب الله تعالى فهذه ” حرية تعبير عن الرأي ، ليبرالية ، ديمقراطية ، وجهة نظر ، شفافية ، تنوير ، انتفاح ، فلسفة ، ديوان شعر أو مجموعة قصصية ، ملحمة روائية يجوز فيها للقاص والروائي والشاعر التلفظ بما لايجوز لغيره ” بل ووصل الحال بنا الى أن نسبة مبيعات ومؤشر تقييم المجموعات القصصة والدواوين الشعرية والروائية والكتب يتصاعد بإطراد كلما زاد مؤلفها من حجم -الجنس والمواخير والليالي الحمراء والاغتصاب والشذوذ واقتحام التابوهات و التجاوز على الذات العلية ، كذلك على الرسل والانبياء والاديان والشعائر والمقدسات والصحابة وآل البيت وعلى عباده الصالحين ، ولعل رواية ” اولاد حارتنا ” لنجيب محفوظ ” والتي حاز بفضلها على جائزة – فلفل – للاداب عام 1988 انموذجا حيا ، والعجيب ان محفوظ هذا وعلى خطى مدير الاضرحة والمقامات في الوقف السني العراقي ولمن لايعرفه كان قد شغل منصب سكرتير وزارة الأوقاف بين 1938 – 1945 ، ومدير مؤسسة القرض الحسن في وزارة الاوقاف حتى 1954، اضافة الى منصبه مديرا لمكتب وزير الإرشاد ،وما لاتعلمه عن – نعيب محفوظ – أنه كان يشغل منصب السكرتير البرلماني لوزير الاوقاف الشيخ مصطفى عبد الرازق،وهذا الأخير كان شيخا للازهر في فترة ما وقد شغل منصب وزير الاوقاف 8 مرات وهو مؤلف كتاب “الإسلام وأصول الحكم ” الذي اغضب عليه الازهر واسفر عن سحب شهادته الازهرية ، ولا يختلف الحال مع آيات شيطانية وكانت سببا بشهرة مؤلفها القادياني سلمان رشدي ، الذي تطاول فيها على شخص النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم …مرورا بمؤلفات ابراهيم عيسى ، وهرطقات السيد القمني ، وتصريحات اسلام البحيري ، وكتابات نوال السعداوي ، ومحاضرات احمد القبانجي ، وياسر الخبيث ، وأمير القريشي ، وامثالهم .
وخلاصة القول أن المؤامرة التي حيكت على مراحل قد أنتجت لنا مجتمعا مهزوزا يخاف من التعرض بسوء ولو همسا ، ولو سكرا ، ولو سمرا ، ولو نكتة ، للرؤساء والملوك ، ولايخاف من ملك الملوك ..يخشى من الخلق ولايخشى من الخالق ..يحلف بعباده ويتوسل بهم ويتودد اليهم ، ولايتوسل برب اﻷرباب ولايتودد اليه ، ولابد من تفعيل المادة (372) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنه 1969 المعدل والمتعلقة بـ (الجرائم التي تمس الشعور الديني) بحقه كل من يتطاول على الذات العلية ، وعلى الرسل والانبياء وعلى آل البيت الاطهار ، وعلى الصحابة الاخيار ، وبخلافه فإن كل ما سواهم وكل ما عداهم وكل ما دونهم صاروا في مرمى سهام وألسنة سفهاء الاحلام ، وحدثاء الأسنان ، وكل من هب ودب !
من وصايا الشيخ الجيلاني الملقب بـ”تاج العارفين” و”محيي الدين” المولود سنة 470هـ ، أبو صالح محيي الدين عبد القادر بن أبي صالح موسى بن عبدالله بن يحيى الزاهد ابن محمد بن داود بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله :
– كُنْ عاقلا وتأدّب مع الله عزَّ وجل .
– الإقبال على الخلق هو عين الإدبار عن الحق.
– إذا كان التوحيد بباب الدار والشرك داخل الدار فذاك النفاق بعينه .
– الشرع يهذب الظاهر والتوحيد والمعرفة يهذبان الباطن .
– من يدعي إرادة الله عز وجل ويطلب سواه فقد بطلت دعواه.
– من ادعى محبة الله عز وجل وطلب من غيره فقد كذب في محبته .
– فتشت الأعمال كلها ، فما وجدت فيها أفضل من إطعام الطعام ، أود لو أن الدنيا بيدي فأطعمها الجياع .
وهو القائل في فضل العلم والتعلم وطريقة التربية والتعليم :
اذا لم يكن للشيخ خمـس فوائـد …وإلا فدجـالٌ يقــود إلى جهل
عليم بأحكام الشريعة ظـــاهراً …ويبحث عن علم الحقيقة عن أصل
ويظهر للورَّادِ بالبشر والقــرى…و يخضع للمسكين بالقـول والفعل
فهذا هو الشيخ المعظم قـــدره …عليم بأحكام الحـرام من الحــل
يهذب طـلاب الطــريق ونفسه…مهذبـة من قبل ذو كـرم كلـي
*مرفقا : الصيغة القانونية لرفع دعوى قضائية في المحاكم العراقية ضد كل من يسب الله تعالى اطلعنا عليها أحد الاخوة الافاضل مشكورا نقلا عن شقيقه المحامي :
السيد قاضي محكمة تحقيق…….المحترم
م/ شكوى
المشتكي
المشكو منه
بتاريخ / / قام المشكو منه بسب الذات الإلهية و أمامي و بحضور كل من فلان و فلان ولما جاء هذا الفعل من تشويه سمعة ديني والمساس بشعائري الدينية بادرت بالشكوى،
لذا اطلب من محكمتكم الموقرة اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة .
مع التقدير
المشتكي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here