“بروكينجز” يشخص انقساماً وضعفاً للحشد الشعبي في 2022

خلص موقع “بروكينجز” الامريكي، يوم السبت، الى ان قوات الحشد الشعبي في العراق تواجه “مسارا تراجعيا” خلال العام 2022، مشيرا الى ان ظهور نقاط ضعف جديدة قد تتيح لخصومه التضييق عليه والنيل من نفوذه.

وبداية اعتبر الموقع الامريكي في تقرير ان الحشد الشعبي كان لا يمكن المساس به ويتمتع بقوة لا مثيل لها وبشرعية محلية واسعة، وهو الان برغم انه ما زال يتمتع بالقوة ومستمر في الصمود، الا انه يعاني في العام الحالي من مسار تنازلي ويواجه تحديات متزايدة لشرعيته ولتأثيره.

واوضح التقرير ان هذه التحديات مصدرها الاستياء الشعبي الواسع ازاء القمع الذي مارسه الحشد الشعبي، بالاضافة الى ضعفه الداخلي وانقساماته، والتنافس المتفاقم مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مضيفا ان “نقاط الضعف” هذه قد تسمح للخصوم والتكنوقراط داخل الدولة، والصدريين بالعمل على تقويض قوة الحشد.

انقسامات الحشد الشعبي

وبعدما اشار التقرير الى فتوى المرجعية الشيعية وبداية نشوء الحشد الشعبي و”سرايا السلام” التابعة للصدريين، وتداخل مصالحهم الاقتصادية والسياسية في الدولة وخارجها وفي مختلف المناطق، لفت الى انه على العكس من العديد من الميليشيات في انحاء العالم، فان قوات الحشد الشعبي استطاعت الحصول على وضع رسمي لنفسها داخل قوات الامن العراقية كقوة مساعدة تعترف بها الدولة وتدعمها بميزانية سنوية تزيد عن ملياري دولار.

واضاف ان “قوات الحشد الشعبي لم تنظر الى الدولة على انها كيان يمكن الاطاحة به، بل كهيكل مهم لبقائها وصعودها”.

ثم تناول التقرير اعتداءات الحشد الشعبي على النشطاء الذين تظاهروا ضد الفساد مطالبين باصلاح نظام الحكم والخدمات والوظائف، مشيرا ايضا الى ان اغتيال الولايات المتحدة، لقائد الحشد الشعبي القوي والكاريزمي ابو مهدي المهندس، وداعمه الايراني الجنرال قاسم سليماني، تسبب في تفاقم الانقسامات الداخلية في الحشد الشعبي ومعاناة الحشد من ازمة قيادية.

وتابع انه في ظل هذه الفوضى، انسحبت الميليشيات التابعة لحشد العتبات من الحشد الشعبي، وهو انقسام قوض بدرجة كبيرة الشرعية الدينية للحشد الشعبي، مما ادى الى تعزيز نقاط الضعف في سمعة القيادة الفصائل الموالية لايران، بوضفهم من “بلطجية شوارع وعملاء ايرانيين”.

الحشد وانتخابات تشرين

وتناول التقرير ايضا انتخابات تشرين الاول/ اكتوبر 2021 التي كان اداء الحشد الشعبي فيها ضعيفا، “والتصعيد الذي لجأ اليه الحشد لاحقا بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي” الذي سعى بتشجيع من الولايات المتحدة الى الحد من نفوذ الحشد والتصدي للهجمات التي تشنها الفصائل الموالية لايران على الامريكيين في العراق.

وتابع ان انسحاب حشد العتبات يقلل بدرجة كبيرة من اعداد اعضاء قوات الحشد الشعبي، وهو ما يثير احتمال التقليل من مطالبة الحشد بميزانية كبيرة من الدولة، مشيرا الى ان حشد العتبات، يمثل الى جانب الصدريين، خصما آخر يمكنه المنافسة على الموارد والنفوذ الاقليمي.

وذكرّ التقرير بان الصدر دعا الى حل الحشد الشعبي وقال انه سيقوم بحل ميليشيات سرايا السلام التابعة له واغلاق عدة مكاتب لها.

والى جانب كل ذلك، فان اعلان واشنطن نهاية المهمة القتالية لقواتها في العراق بنهاية العام 2021، هو ايضا بمثابة صفقة تم التفاوض عليها بين ادارة جو بايدن والحكومة العراقية، هدفها “تقويض جهود شرعنة الحشد الشعبي من خلال الدعاية المناهضة للولايات المتحدة وللاحتلال”.

الحشد على المحك

وازاء كل ذلك، خلص التقرير الى القول ان هناك “الكثير على المحك بالنسبة لقوات الحشد الشعبي”، موضحا ان قدرتها على انتزاع الموارد من الدولة، مرتبطة بتفوقها السياسي، وهذا بدوره مرتبط بقدرة ايران على التأثير على البيئة السياسية للعراق.

واضاف ان “قدرة قوات الحشد الشعبي على تبرير دعمها الحكومي تتراجع، وذلك بسبب ادائها الانتخابي الضعيف، وتدهور شرعيتها الشعبية، والنشاط الارهابي لداعش على المستوى المنخفض نسبيا”.

ومع ذلك، اشار التقرير الى ان الحشد الشعبي ما يزال يتمتع بالمرونة، وان لديه “عضلات في الشارع”، وهو مستعد لمهاجمة خصومه وقادر على السيطرة او التأثير على مجموعة من القطاعات الاقتصادية، بالاضافة الى تعزيز ممارسة الابتزاز ضد السكان المحليين.

وبالاضافة الى ذلك، فان بمقدور الحشد الشعبي “استغلال البيئة السياسية المتصدعة، والاستفادة من الانقسامات السياسية العديدة”، الى جانب قدرته على تأكيد تحالفه مع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي حصل على 33 مقعدا.

واستبعد التقرير ان تتجه الطبقة السياسية العراقية المنقسمة نحو الوحدة من اجل العمل على تهميش الحشد، باعتبار ان كثيرين في هذه الطبقة السياسية يحتفظون بروابط عميقة مع قوات الحشد.

وبرغم ذلك، خلص التقرير الى القول انه “قد تكون المرة الاولى منذ سنوات التي يتمكن فيها التكنوقراط والسياسيون المعتدلون والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، من استغلال الفوضى داخل الحشد الشعبي، وعزم الصدر ضد الحشد، والكره الواسع النطاق ازاء الحشد، للتخفيف من سيطرة الحشد على الدولة والمجتمع في العراق”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here