قراءات سردية..كتاب نقدي جديد للدكتور نزار عبد الغفار السامرائي

حامد شهاب

من فضائل د. نزار عبد الغفار السامرائي أنه جمع بين مهمتي العمل الإعلامي والنقد الأدبي، وكانت المهمة الأخيرة هي من لازمته منذ أيام سني شبابه الأولى ، وكانت لديه محاولات ناجحة في تأليف أعمال روائية وقصصية، وحضور ندوات نقدية ، شكلت علامة فارقة في مساره الإبداعي ، إضافة الى مهمته كرئيس تحرير لوكالة إخبارية ذات سمعة ومصداقية  ، مثل وكالة الصحافة المستقلة ، التي تعني بالخبر والتقرير والمعلومة والمقال والفن والثقافة ، وهو فوق كل هذا أكاديمي يحاضر في إحدى أقسام الصحافة في الجامعات العراقية  ، وقبلها عمله في صحف مرموقة مثل جريدة الدستور وصحف أخرى ، نالت تقدير وثناء الأسرة الصحفية والثقافية عموما.

والكتاب الجديد الذي صدر حديثا للدكتور نزار السامرائي ( قراءات سردية) هي محاولات لممارسة مهمة النقد الأدبي للعمل السردي القصصي ، وهو يتفحص نصوص الاعمال الأدبية لكتاب وروائيين، ويضع تصوراته النقدية التي ترسم صورة ومسار أي عمل أدبي، وهي ان يقترب الكاتب من المهام المناطة بطرق السرد والقص الأدبي والالتزام بمعاييرها من قبل هذا الكاتب أو ذاك، في إسلوب نقدي يهدف الى تمحيص النتاجات السردية ومدى قربها أو ابتعادها من سمات أي عمل إبداعي أو تصويري للاحداث.

والكتاب هو مقالات نقدية تتضمن قراءات لعدد من الأعمال السردية التي تتراوح بين الرواية والقصة ، وسبق أن نشرت في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية، حاول فيها أن يتقرب من موضوع النص وفق رؤيته كقارىء، أو متلقي، بعيدا عن التقييم الفني، او الفذلكة اللغوية ، بإستخدام المصطلحات المتعددة التي تضيع على القاريء متعة القراءة وتبعده عن الهدف من المقال النقدي ، الذي يتعلق بمحاولة فهم النص وايصاله الى المتلقي ، وفق رؤية متوازنة تقترب من الموضوعية وتبتعد عن التأويل المفرط الذي يحول النص الى شيء آخر لا علاقة له بالنص الأصلي.

وهنا يؤكد الدكتور نزار السامرئي في مقدمة كتابه( قراءات سردية)  الى إن المقال الصحفي النقدي موجه الى عامة الناس، وهو بذلك لا يترصد جمهوراً معيناً، وهذا يستوجب أن تكون لغة المقال متقاربة مع اللغة الإعلامية التي تتطلب الإيجاز والوضوح والبساطة، فالمقال الصحفي سواء أكان نقديا ام غير ذلك يقترب من كونه مادة خبرية، أي إنه يحاول أن يقدم معلومة عن العمل الأدبي الذي يتناوله ويقدمه الى القراء ليتعرفوا عليه وبالتالي هو أعلان عن الرواية او المجموعة القصصية التي يتناولها  من الممكن أن تقع في نطاق فائدة الكاتب.

ولكن في جميع الأحوال فإن هذا لا يعني الإخلال باللغة الأدبية او المصطلح النقدي حيثما استوجب الأمر

كما أن المقالات النقدية المنشورة في الصحف والمجلات او المواقع الالكترونية ، كما يقول ،لا تخلو من رؤى نقدية قائمة على أسس فنية، تنبع من اهتمام كاتب المقال بالمجال النقدي الذي يكتب وفقه. وبذلك لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نبخس قيمة ما ينشر من مقالات نقدية، ولاسيما إنها يمكن أن تعد أساسا لدراسات أوسع وفق منهجية محددة لبحث المادة التي تناولها المقال.

وخلاصة ما يود الكاتب الإشارة اليه في هذه المقدمة الموجزة إن المقالات التي يتضمنها هذا الكتاب تندرج في إطار المقال النقدي الصحفي، وهذا لا يعني أنه سيكون بمصاف نقاد الأدب ومدارسهم واتجاهاتهم، فما يكتبه هي عبارة عن رؤى وقراءات انتجها اتجاهه في دراسات النص الإعلامي وفق منهج التحليل النقدي.. وهو يسعى لأن تكون محاولته تلك مثمرة كخطوة في اتجاه قراءة النص الإبداعي وفق هذا المجال.

وكان د. نزار السامرئي قد أوضح في مقدمته أيضا من خلال بحث بعنوان (الموضوعات الأدبية في الصفحات الثقافية في الجرائد العراقية) تقدم بها الى كلية الإعلام في جامعة بغداد ، لاستكمال متطلبات الحصول على شهادة البكالوريوس، أشار الى إن المقالات النقدية التي تنشرها الصحف لا تعبر عن النقد الأدبي بمفهومه الأكاديمي ، بقدر ما هي قراءات برؤى نقدية يقدمها الكاتب لتبيان وجهة نظره بالرواية او القصة او المجموعة الشعرية التي يتناولها. وهو أمر بقي يصر عليه حتى عند كتابته للمقالات التي تتناول عدد من الإصدارات. وكان يطلق عليها مقالات نقدية (قراءات) ولم يسمها نقدا كونها ليست كذلك وفق المصطلح العلمي الأكاديمي او الأدبي، كما يقول.

وتوزعت عناوين كتابه الأنيق في الموضوعات التالية:

1-            سلالم الصحو ..  رؤية واقعية بلسان سارد عليم 

2-            موائد من رماد.. واقعية السرد وأفق التلقي             

3-            قلعة طاهر.. السلطة بين الاذعان والتمرد               

4-            الحب في زمن الطنطل.. ضحك كالبكا    

5-            نافلة الخراب ..الواقعية السحرية بنكهة عراقية جنوبية           

6-            ظلّ المرأة ..  في رواية للشمس وجه آخر              

7-            “عودة الإنسان”.. قصة الخليقة برؤية مستقبلية      

8-            الاغتراب في مدونة الولد العاق.. ثنائية الموت والحياة           

9-            خيبة يعقوب .. تناص الفكرة ومغايرة الدلالة          

10-          حضور الوعي وغيابه في “شوارع الوجود”         

11-          فيرجوالية ..عندما يتحول الافتراضـــي إلى حقيقــة

12-          طقوس الأثم ..رؤية من الداخل للحظة انهيار          

13-          ثــلاث عشــر ليلــة وليلة..العبــث والمصــادفـــة    

14-          الرجل الذي أكله النمل .. بين الميثولوجيا والتاريخ 

15-          سطر مسلح .. رواية بقلم صحفي            

16-          “غناء سري”.. صراع الذات مع الواقع   

وقد أعطى الرجل لمحاولاته النقدية للعمل السردي حقها من الاهتمام، وهو يأمل ان تكون تلك الاعمال النقدية تعديلا لمسارات النقد ، وإضافة نوعية لها ، وليس لغرض النيل من هذا العمل الادبي القصصي أو الروائي لكاتب بعينه ، فلكل كاتب إسلوبه في العمل السردي، لكن مهمته في ممارسة النقد تغني العمل السردي ، بالملاحظات ونقاط القوة والضعف التي يفترض ان تبقى سياقات عامة ، ينهل منها كتاب الأدب ، إن أرادوا أن تكتب لنتاجاتهم واقعها الإبداعي المتميز.

تحياتنا للدكتور نزار عبد الغفار السامرائي..وألف مبروك لعمله الابداعي في كتابه الجديد : قراءات سردية ، مع خالص أمنياتنا  بالتوفيق الدائم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here