عزيزي إيران

منى سالم الجبوري

عندما قام البائع المتجول الايراني بإضرام النار في نفسه في مدينة خرم آباد عد أن صادرت الشرطة والبلدية السلع التي كان يعرضها للبيع في الشارع، فإنه قد عبر باسلوب وطريقة مأساوية عن واقع الحياة في إيران بعد أکثر من أربعة عقود من حکم نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي جعل الحياة في ظله جحيما لايطاق وجعل من إيران سجنا في عصر الثورة المعلوماتية والتقدم العلمي غير المسبوق.

عندما يقوم النظام الايراني بمناورات ويطلقون صواريخهم يمنة ويسرة، ويرسلون صواريخهم البالستية لأذرعهم في بلدان المنطقة لإستخدامها في زعزعة أمن وإستقرار البلدان، وحينما يقوم هذا النظام بالاصرار بتطوير برنامجه النووي الذي کلف ثمانية أضعاف ماقد کلفته الحرب الايرانية ـ العراقيـة من أضرار بحسب خبراء النظام ذاته، فعندئذ لابد من أن نرى مشهد”عزيزي تونس” يتکرر ولکن بصورة أکثر مأساوية في إيران التي يموت ويحيا شعبها منذ أن حل نظام الملالي ککابوس على رٶوسهم على أمل أن يشهدوا اليوم الذي يروا فيه هذا النظام يتداعى ويسقط کما حصل مع سلفهم نظام الشاه.

عزيزي إيران وإن کان من حيث المضمون يتشابه مع عزيزي تونس، لکنه وفي نفس الوقت يختلف کثيرا عن الاخير، ذلك إن عزيزي تونس لم يکن في الامکان القول بأن الشعب التونسي کلهم مثله، لکن عزيزي إيران صورة معبرة عن أغلبية الشعب الايراني الذي باتت المشاهد البائسة والمٶلمة تتکرر بإستمرار نظير بيع الاطفال وأعضاء الجسد من أجل مواصلة الحياة والعيش في المقابر وفي بيوت من الورق المقوى والبحث في المزابل عن الطعام أو التهافت على الاطعمة والمواد الغذائية التي صارت غير صالحة للإستهلاك، عزيزي إيران تجده في کل مکان في سائر أرجاء إيران وفي الوقت الذي ينعم فيه أقطاب النظام الکهنوتي في عز ونعيم ويرسلون أبنائهم للدراسة والعيش في عواصم البلدان المتقدمة، فإن عزيزي إيران قد قام بإرسال رسالة للإنسانية وليس لشعبه موقعة بالنار، ذلك إن شعبه يحترق وبإستمرار منذ ذلك اليوم الاسود الذي وصل فيه الخميني الى إيران.

مشهد إضرام عزيزي إيران النار في نفسه وسعي المارة من أجل إطفاء النار بعدما إندلعت في کل أجزاء جسده، يأتي في وقت تشهد فيه مختلف مدن إيران إحتجاجات وإضرابات بسبب الاوضاع الوخيمة التي يعانون منها بسبب السياسات التي يتبعها نظام الملالي والتي تخدم أهدافه وغاياته الخاصة التي لا ولم ولن تعبر عن الشعب الايراني، ومن دون شك فإن هذا المشهد الاليم يمکن إعتباره بمثابة الشرارة التي تم رميها في الهشيم وحتى يمکن القول بأن اليوم الذي سنصحو فيه لنجد هذا النظام يحترق بنار ظلمه قد أصبح قريبا..أليس الصبح بقريب!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here