جريمة الاعتداء على المعتقد الديني في القانون العراقي

جريمة الاعتداء على المعتقد الديني في القانون العراقي
المحامي
مصطفى كاظم الزيدي
يعد المساس بالحقوق الدينية للأشخاص او المجموعات انتهاكا لاحد حقوقهم الاساسية وان إزدراء دين معين يعد تمييزا عنصريا لمن يدينون بهذا الدين وانطلاقا من ذلك حرصت جميع الدساتير والتشريعات الوضعية على حماية حرية الافراد في الاعتقاد وعدم المساس بها وكذلك حرية الراي والتعبير ومن هذه التشريعات الدستور العراقي النافذ لعام 2005 كما اضفى المشرع العراقي في قانون العقوبات العراقي حمايته للمعتقد الديني والشعائر و الاحتفالات والاجتماعات الدينية ولاماكن العبادة والكتب المقدسة من التحريف او الاستخفاف بحكم من احكامه او بشيء من تعاليمه كما اضفى حمايته للرموز الدينية و الاشخاص الذين هم موضع تقديس او تمجيد او احترام لدى طائفة دينية وتعتبر حرية المعتقد من اهم الحريات التي خصتها القوانين الوضعية المختلفة بالحماية الجنائية ناهيك عما تتضمنه الشرائع السماوية من اقرار لهذه الحرية وذلك لما لها من اهمية محورية في حياة البشر ماضيا و حاضرا ومستقبلا ويقصد بحرية الاعتقاد حق كل انسان في اختيار واعتناق ما يؤدي اليه اجتهاده في الدين فلا يكون لغيره الحق في اكراهه على عقيدة معينه او على تغيير ما يعتقده بوسيلة من وسائل الاكراه فحرية العقيدة او الحرية الدينية او حرية العبادة جميعها مصطلحات تدل على مبدا يدعم حرية الفرد في التعبير عن معتقداتهم و اظهار شعرائهم الدينية في الحياة العامة او الخاصة وتضم حرية المعتقد نوعين من الحرية الداخلية المتعلقة بالفرد وعلاقته بالخالق فتكرس له الحق في الاعتقاد والحرية الخارجية التي تتعلق بإظهار المعتقد وممارسته سواء بشكل فردي او جماعي عن طريق العبادة و الاحتفال بالطقوس الدينية والتعليم الديني وهذا النوع من الحقوق يمكن للدول ان تقيده على عكس النوع الاول وذلك في حال اقتضت المصلحة العامة ذلك وجريمة الاعتداء على المعتقد الديني نصت عليها المادة (372/1) من قانون العقوبات العراقي والتي نصت على : (من اعتدى بإحدى طرق العلانية على معتقد لا حدى الطوائف الدينية أو حقر من شعائرها ) وتتمثل هذه الجريمة بالاعتداء والتحقير فالاعتداء هنا يقصد به اهانة الدين ويندرج ضمنها الازدراء والسخرية والشتم والقدح وان الشعور الديني لعمقه وعنفه لا يسهل رده اذا هيج واثير لدى الجماعات و هو الامر الذي يعرض الامن والنظام العام لأفدح الاضرار فالحماية لمصلحة المجتمع وسلامته في المقام الاول وتعتبر من جرائم العلانية ومن الجرائم العمدية ومتى اكتملت الاركان العامة للجريمة وقام الدليل على ثبوتها فانه يعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة ونجد من الضروري تفعيل دور المؤسسات الدينية في تقوية الوازع الديني للحيلولة دون وقوع هذه الجرائم وتشجيع لغة الحوار والعقل بين الاديان والتركيز على نشر قيم التسامح وقبول الاخر لبناء مجتمع واعي ومثقف.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here