سيناريو “العام المشؤوم” يطل برأسه على العراقيين

مر زمان على الاستقرار الأمني “النسبي” الذي تشهده مدن الأنبار لاسيما الغربية منها، بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن الخلافات السياسة وعقبات تشكيل الحكومة الاتحادية، تسببت بزيادة حدة التوتر الأمني في المحافظة، وذلك من خلال استغلال المناطق “الهشة”، لتنفيذ عمليات إرهابية.

و”ما أشبه اليوم بالبارحة”.. قد يكون لسان حال المواطنين الانباريين، الذين مازالوا ينفضون غبار العمليات العسكرية التي أعقبت اجتياح داعش لمحافظتهم ومن ثم توسعه لمدن عراقية أخرى، عام 2014.

تحذيرات عالمية

وقبل خوض الغمار في تحذيرات المسؤولين العراقيين، فإن صدى خطورة الأمر، دوى في أروقة مجلس الأمن الدولي خلال جلسة عقدت بشأن الأحداث الأخيرة التي شهدتها شمال شرق سوريا، إذ حذر المجلس من إمكانية عودة نشاط التنظيم إلى كلا البلدين (العراق وسوريا).

كما وصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، الحدود العراقية السورية، أنها “سهلة الاختراق”، مؤكداً أن التنظيم قادر على استغلال هذه الثغرة لإعادة ترتيب صفوفه، حيث يحتفظ التنظيم، بنحو عشرة آلاف مقاتل يتنقلون بين العراق وسوريا.

رسائل سياسية

من جانبهم، رجح مسؤولون محليون في الأنبار، أن تكون العمليات الإرهابية التي حدثت مؤخرا في المحافظة، فضلا على انتشار كتائب حزب الله “مدججين بالسلاح” قبل أيام، قرب المدخل الشرقي للمحافظة، بمثابة “رسالة تهديد” لرئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، وغيره من ممثلي المحافظة في المجلس النيابي.

نائب محافظ الأنبار للشؤون الإدارية، جاسم الحلبوسي، رأى أن “من المتعارف عليه في عموم البلاد، أن المجاميع الإرهابية تعمل على استغلال كل أزمة سياسية، باحثة عن موقع هش لتنفيذ عملياتها”، مؤكداً أن “الواقع السياسي في بغداد، ومشكلات تشكيل الحكومة، بدأت تلقي بظلالها على الواقع الأمني”.

الحلبوسي أوضح أن “قوات الأمن في الأنبار، تنتشر بشكل جيد في عموم مدنها وأقضيتها ونواحيها، كما أنها مسيطرة على الوضع الأمني، مع وجود تنسيق عال فيما بينها”.

وعن الانتشار الأخير لفصيل “كتائب حزب الله”، قرب المدخل الشرقي للأنبار، قال الحلبوسي: “كان يحمل رسالة تهديد للأنبار وسياسييها، وسيكون له أثر كبير وخطير على الأطراف السياسية السُنية وحتى الشيعية، كوننا كلنا في مركب واحد، ودليل ذلك هو الأثر الكبير الذي خلفه سيطرة تنظيم داعش على محافظات المكون السُني، والذي تسبب بانهيار الوضع الاقتصادي لعموم البلاد، لذا ليس من مصلحة أي جهة أن تؤدي بالأنبار للخطر”.

وأشار إلى أن “الصراع على السلطة ومحاولة الجميع نيل المناصب الحكومية، رافقتها رسائل التهديد والعمليات الارهابية بمختلف محافظات البلاد، وكل هذا بسبب الشحن السياسي، لذا نتمنى من سياسيي الأنبار، أن يكونوا أكثر حكمة بالتعامل مع هذه الأزمات”.

“بؤرة ساخنة”

وحول حادثة انفجار عبوة ناسفة في قضاء راوه غربي الأنبار، قال قائممقام راوه، حسين العكيدي، أن “القوات الأمنية الماسكة للأرض تؤدي واجبها على أكمل وجه، كما أن كاميرات المراقبة منتشرة في عموم القضاء، وهذا الحادث الأول من نوعه منذ تحرير القضاء من قبضة داعش”.

وأضاف العكيدي، أن “الحادثة وقعت في جزيرة راوة، والتي يفصلها عن القضاء ساتر أمني، كونها لم تحرر من داعش، حتى اللحظة، وتعد منطقة ساخنة، وذلك بسبب طبيعة تضاريسها الجغرافية، كما أنها تتمتع بمساحة شاسعة جداً، وتبعد عن الحدود السورية قرابة 7كم، وتحاذي محافظات نينوى وصلاح الدين، وليس بإمكان القطعات الأمنية تغطية المنطقة بالكامل”.

وأشار إلى أن “القطعات الأمنية كانت سابقاً تنفذ طلعات جوية هناك، بموجب معلومات استخبارية تفيد بتحركات الإرهاب، ولكن المشكلة التي تعاني منها المناطق تلك، هي أنها لا توجد فيها القوة الكافية لمسك الأرض”.

ونوه العكيدي، إلى أن قيادة العمليات المشتركة، منحت الموافقات اللازمة لـ”الصيادين القادمين من دول الخليج، وتوفير الحماية لهم، والذين بدورهم تعرضوا لحادثة تفجير عبوة ناسفة أسفرت عن مقتل ثلاثة من قوات الجيش، وواحد من مستشفى راوه، كان برفقة الصيادين”.

وتوقع المسؤول المحلي، تسلل عدد من عناصر داعش الذين فروا من سجن غويران في الحسكة السورية، إلى “داخل الأراضي العراقية”.

استقرار سياسي = استتباب أمني

في مقابل ذلك، رأى الباحث السياسي زياد العرار، أن “كل خلاف سياسي يؤثر على المشهد العراقي وهذا الشيء متوارث من السنوات الماضية، إذ أن الخلاف السياسي يوتر الشارع العراقي والوضع الأمني”.

وشدد العرار، على ضرورة “إبعاد القرار السياسي عن الأمني، لأن تداخل الاثنين معاً، يولد فوضى ويحدث ضرراً عاماً، حتى يتسنى للأمن اتخاذ الإجراءات اللازمة بدون تدخل سياسي”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here