اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره عن سورة البقرة (ح 8)

الدكتور فاضل حسن شريف
قال المرجع السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره عن معنى قصد القربة: يقول الله عز وجل “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” (البقرة 186) قصد القربة التي اشترطها الإسلام في العبادات، لابدَّ أن نستبعد منه قصد التقرب المكانيِّ أو الزمانيِّ أو الرتبي، وكلَّ أمرٍ ثبت بالدليل القطعيِّ بأنَّ الله سبحانه يجلُّ عن الإتصاف به. إذن فالقربة بهذه المعاني غير مقصودةٍ لا محالة. وكلُّ من قصدها فقصده باطلٌ.
في خطبة الجمعة للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: ان التقوى أصلها اللغوي من اتقاء الشر. ان الشر الذي يتقيه الإنسان، ان كان شرا دنيويا فهو التقية وان كان شرا اخروياً فهو التقوى. إذن التقية في الشر الدنيوي والتقوى في الشر الأخروي. وإن كان شرا اخروياً فهو التقوى أي اتقاء غضب الله جل جلاله وعقابه بالاختصار على الطاعة وترك المعاصي والصبر على البلاء والرضا بالقضاء. ان أعظم من وعد بالأجر والثواب والمقامات العالية في القرآن الكريم هو عنوانين و مجموعتين من الناس المتقون والصابرون ونتحدث الآن عن المتقين وليس عن الصابرين قال تعالى “وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى” (البقرة 197) وقال “وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ” (البقرة 194) حتى انه من الممكن القول ان النجاة الحقيقية والعاقبة الحقيقية، إنما هي للمتقين وما لم يصل الفرد إلى درجات التقوى تبقى نفسه غير صافية وآخرته غير صافية.
جاء في كتاب أضواء على ثورة الحسين لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: ان بعض التصرفات من بعض ينبغي لنا، ونحن بصدد الحديث عن حركة الحسين عليه السلام وثورته، أن نتصدى للجواب عن بعض الأسئلة الرئيسية بهذا الصدد. ومن أهمها ما قد يرد على بعض الألسن من أن الحسين عليه السلام القى نفسه في التهلكة، والقاء النفس في التهلكة حرام بنص القرآن في سورة البقرة 195 “وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”. أنه من الممكن ان لا يراد من التهلكة المنهي عنها في الآية الكريمة التهلكة الدنيوية بمعنى تحمل الموت أو المصاعب العظيمة، كما يريد الناس ان يفهموا منها. بل يراد منها الهلاك المعنوي وهو الكفر والقاء النفس في الباطل و العصيان والانحراف، وهو أمر منهي عنه بضرورة الدين. وبتعبير آخر ان المراد من التهلكة ليس هو التهلكة الدنيوية، بل التهلكة الآخروية، وهو التسبيب إلى الوقوع في جهنم بالذنوب والباطل، ولا أقل من احتمال ذلك، بل من الواضح أن التعاليم الآخرى الموجودة في سياقها كما سمعنا فيما سبق، هي من الطاعات، إذن فتكون قرينة محتملة، على ان المراد من هذا النهي التحذير عن ترك الطاعات والوقوع في المعاصي. إن الآية الكريمة تعطي أوامر في سياق قرآني واحد وهو (أنفقوا- ولا تلقوا – احسنوا) فإذا لاحظنا أن الأمر الأول والأخير الإنفاق والإحسان انهما من الأمور التي يرجى عند العمل بها الحصول على الجزاء والثواب من الله عز وجل اخروياً أي ان العبد عندما ينفق أو يحسن لوجه الله انما يأمل ان يرى أثر عمله أو طاعته آخروياً وهو رضى الله سبحانه واذا تم ذلك لم يكن في الآية أي دليل على ما يريد الناس أو يميل إليه المستدل، بل تكون بعيدة عن ذلك كلّ البعد.
جاء في كتاب الصلاة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره عن قصد الإقامة: بقي أن نشير إلى العطاء المعنويِّ لقصد الإقامة عشرة أيام، الذي هو موضوعٌ لوجوب الإتمام من الناحية الفقهية. وينبغي أولاً أن نشير إلى أنَّ رقم العشرة رقمٌ مهمٌّ دالٌّ على حصول التكامل, أو على كفايته لإنتاج ذلك, ولو إلى درجةٍ معينة. قال الله تعالى: “تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ” (البقرة 196). يعني مكملةً وسبباً للتكامل. حسب الفهم المعنويّ. ومعه يكون قصد الإقامة عشرة أيام، يعني قصدها إلى حدِّ حصول النتيجة، وهي التكامل والوصول إلى الهدف. فإذا صحت نية الفرد وتصاعدت همته للعمل نحو الهدف المعنويّ، لم يكن من المصلحة شموله لحكم القصر، الذي عرفنا أنه ببعض معانيه يعني التقليل من العمل، بل يحسن به أن يعمل عملاً تاماً متكاملاً، لكي يكون التسبيب سريعاً ومنتجاً، وتكون ظرفية العشرة كافيةً للوصول إلى الهدف.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here